تحقيقًا لأهداف معينة تزايد إقبال الشباب الفلسطيني لتعلم اللغات الأجنبية بقطاع غزة المحاصر في الآونة الأخيرة، فلم يعد التعلم مقتصرًا على فئة العاملين بل أصبح محط اهتمام فئة الأكاديميين في مختلف المراحل العمرية، رغبةً في تغيير الواقع الغزى بجوانبه ومنجزًا طموحات ونجاحات في شتى الأصعدة.
في أحد أركان الفصل بمعهد تدريب اللغات الأجنبية بغزة تجلس الطالبة “حنين معوض – 18 عامًا”، ضمن مجموعة الطلبة المتدربين وفور انتهاء الدرس تبادر بالقول: “جئت لتعلم اللغة الألمانية، لأتمكن من دراسة هندسة الكمبيوتر، حصلت على معدلٍ عالٍ في الثانوية العامة، والدي شجعاني على دراسة الهندسة في ألمانيا، لتميزي في هذا المجال”.
تضيف بفخر: “سأدرس على نفقة والدي، الذي يضع كامل ثقته بي، لأعود مهندسة أخدم وطني بخبرات أفضل”.
إذ يلحظ مدرس اللغة الألمانية في المعهد سمير نعيم الإقبال المتزايد على تعلّم هذه اللغة التي يتحدث الكثيرون عن صعوبتها، لكنه يؤكد أن الدراسة في ألمانيا شبه مجانية فالفصل الدراسي يكف ما بين 205-350 يورو، وهذا مبلغ يعتبر مناسب جدًا للتعليم الجامعي.
عن أسباب تعلّم اللغة يقول نعيم: “العمل في ألمانيا وكذلك الهجرة هذه الأسباب الأولي لتعلم الألمانية”، وينوه نعيم إلى أن ألمانيا تقع ضمن ما يعرف بـ”أوروبا العجوز”، والتي تعاني من نقص كبير في أعداد الأطباء والمهندسين، مما يشكّل دافعًا للكثير من الشباب للهجرة هناك، لينهي حديثه بفخرٍ قائلًا: “الفلسطيني متي توفرت له الأسباب الجيدة يبدع وهنالك العديد منهم يتقلدون مناصب مرموقة في كل مدينة”.
أما اللغة الفرنسية والتى تشتهر بأنها لغة رشيقة، فيقبل على تعلمها الشباب لأسبابٍ عدة، تشرحها شريفة الدريملي بقولها: “لم شمل للعائلة”، الذي اعتبرته سببًا أساسيًا لتعلم اللغة، وقالت أن 25%، ممن يتعلم الفرنسية بغرض الهجرة، و25%، الثانية لأجل الدراسة في الخارج، وهكذا 50% ممن يتعلمون الفرنسة لدي من الطلاب لأجل السفر.
تضيف الدريملي: “غرض السفر للالتحاق بالزوج يدفع الفتيات لتعلم اللغة الفرنسية، خاصةً من يود التوجه إلي فرنسا، بلجيكا، سويسرا، ألمانيا، إيطاليا”.
مع ظروف إغلاق معبر رفح المنفذ البري الوحيد لسكان غزة، يتم استثمار الوقت الضائع بتعلم اللغة رغبةً في اختصار عام كامل فترة تعلم اللغة فور التمكن من السفر..
تنصح الدريملي بتعلم اللغة الفرنسية قبل السفر حتي المستوي الثاني، بحيث يكتسب المتعلم المستوى الأول أساسيات اللغة الفرنسية، أما المستوي الثاني يتمكن من استخدام اللغة، أما الثالث يتم تعلم القواعد والأزمنة، كما شددت على ضرورة التعلم بطريقة الحوار والنقاش، والإطلال على ثقافة الشعوب التي تتحدث الفرنسية حتي لا يحدث فجوة بين ما يدرس وما يتم رؤيته على أرض الواقع.
وطبقًا للحكمة التي تقول: “اعرف لغة عدوك تأمن مكره”، تشهد المراكز التعليمية في غزة، إقبالًا مكثفًا لتعلم اللغة العبرية التي تنطق بها دولة الاحتلال الإسرائيلي، و ذلك للرغبة الجامحة التي تولدت لدى شريحة واسعة من الشباب للتعرف على ثقافة وفكر الإسرائيليين، و مُخاطبتهم وفقًا لفكرهم ونظرتهم للشعب الفلسطيني، ومعرفة كيفية الرد عليهم.
المتقدم لدراسة اللغة العبرية يخضع إلى 6 مستويات ليصبح جاهرًا لمعرفة قواعدها وأسسها، ويقول أستاذ اللغة العبريّة محمّد الحلاّق، إن المقبلين على تعلم العبرية من شرائح مختلفة من الطلاب، والموظفين، وأيضًا المواطنين العاديين.
وفى ذالك يقول الصحفى أحمد شاهين أنه استفاد كثيرًا من تعلمه للغة العبرية، حيث أن القطاع الغزي على مواجهة دائمة مع عدوه ويتطلب دائمًا منه أن يغطى الأحداث على منطقة الحدود مع العدو، لذلك هو فخورٌ جدًا، ويراه في ذالك تميز ووجه الكثير من العاملين بالصحافة لتعلم اللغة العبرية والعديد من اللغات الأخرى والتي تفيدهم بمجال عملهم الصحفي .
ويقول “رجب السيد – 25 عامًا” الذي يشارك في دورة لتعلم اللغة التركية “بمركز ياردم” التركي بالقطاع: “رغم صعوبة التجربة في البداية فإنني أصررت على مواصلة الدورة حتى نهايتها، وقد أضافت لي جديدًا حيث وسعت مداركي وزادت من أفق تصوراتي”.
ويتابع السيد: “بات بمقدوري الآن تصفح مواقع الإنترنت التركية وقراءة الصحف والمجلات، ونسجت علاقات وطيدة مع أصدقاء بتركيا، وأحضر حاليًا لإكمال تعليمي الجامعي هناك فور حصولي على منحة من إحدى الجامعات بأنقرة”.
ومن جهته قال المهندس حازم الفرا، محاضر الدورة التركية بالمركز أنه يحرص وبشدة على نشر الثقافة التركية والفكر التركي في قطاع غزة، وذلك من خلال تعليم اللغة التركية التي تُذلل العقبات أمام الناس وتساعد على التواصل والتعاون مع الطرفين .
وأضاف الفرا أن الجمعية لمست في الفترة الأخيرة إقبال وتوافد ملحوظ من قبل الجمهور الغزي لتعلم اللغة التركية .
وبدوره يرى”محمد أبو شقير” وكيل وزارة التربية والتعليم العالي السابق في غزة، أن تعلم اللغات الأجنبية بالقطاع خطوة في الاتجاه الصحيح، وأشاد بدور مراكز التدريبية لما تقدمه من تعليم يصل لمستوى عالي وكفىء.
ونوه أنه تم طرح خطة تدريسية لتعليم اللغة العبرية بجانب اللغة العربية والإنجليزية التي يتعلمها الطالب منذ دخوله الصف الأول الإبتدائي، وتابع أنه يجب على الجميع بغزة معرفة اللغة العبرية على وجه الخصوص لمعرفة كيفية التخاطب مع العدوالإسرائيلي.