ناصر بن مرشد العريبي أسس دولة اليعاربة التي تشمل عمان وساحل الخليج وأجزاء من فارس وأمتدت لتشمل شرق أفريقيا دامت لقرن ونيف.
بويع ناصر العريبي بالإمامة الأباضية سنة 1624 وأسس دولة إسلامية وطبق الشريعة وجمع الكلمة بالشدة مرة وباللين مرة، بنى أسطول بحري ضخم طرد البرتغاليين المسيطرين على ساحل الخليج وقتها وأخرج الفرس من رأس الخيمة (الإمارات الآن) وأزاح الإمام ناصر بن مرشد الحاكم الفارسي من جلفار سنة 1625، وضم ذلك الميناء إلى ممتلكاته.
لجأ الفرس الصفويون للبريطانيين ( شركة الهند الشرقية التجارية) وطلبوا منهم أن يمدوهم بسفن لحرب اليعارب مقابل إغراءات مادية، لكن بريطانيا خافت على مصالحها التجارية ومن تعرض اليعاربة لهم.
قررت الحكومية الفارسية اللجوء إلى فرنسا لعلها توفر لها المساعدة المطلوبة، فاقترحت على باريس عن طريق المبعوث البابوي الذي زار أصفهان سنة 1699 القيام بحملة مشتركة على مسقط تقوم خلالها السفن الفرنسية بنقل القوات الفارسية وتحصل فرنسا مقابل ذلك على نصف عوائد جمرك مسقط وحرية التجارة مع فارس وإعفاء من دفع الرسوم الجمركية في الموانئ الفارسية، لكن الحكومة الفرنسية لم تستجب للطلب إلا بعدما أغارت سفن مسقط على فارس فأقرت معاهدة بين فارس وفرنسا.
عمان وساحل الخليج أهميتهم بالنسبة لأي أجنبي أنها طريق جمركية وخليج تجاري لسوق كبيرة وهي سوق فارس فكل ما يتمناه الأجنبي امتيازات جمركية وأمن وكذلك نظرة الفرس ولكن يزيد عند الفرس عقيدتهم الشيعية المعادية للمسلمين.
عمل البريطانيون خلال شركة الهند الشرقية البريطانية على عقد اتفاقية مع اليعاربة وكذلك الشركة الهولندية.
انهارت دولة اليعاربة على يد البوسعيديين الذين يحكمون عمان الآن، ونشأت دويلات ساحل الخليج الذي يسكنه وقتها أجلاف الأعراب الذين يقتاتون من البحر أو أعمال القرصنة، البوسعيديين قابلوا مشكلة القواسم (في الإمارات الحالية) ويُرجع بعض المؤرخين أصلهم لعرب الجزيرة وقابلوا الحركة الوهابية النائشة في جزيرة العرب.
تحالف البوسعيديين مع بريطانيا للقضاء على الدولة السعودية الأولي والقضاء على القواسم أيضًا، وقامت بريطانيا بحملات بحرية عديدة للقضاء على أسطول القواسم الذي يشكل خطرًا على الخليج وعلى أمن السفن التجارية وحركة التجارة مع فارس والعراق إلى أن نجحوا في تدميره ومن ثم أجروا معاهدة سلام معهم.
عج ساحل الخليج بعدها بصراعات قبلية وهجمات قرصنة ونهب للسفن وقد أطلق عليه لفترة “ساحل القراصنة” وقد كانت السفن تحذر بشدة عند المرور به؛ عملت بريطانيا لحل هذه الأزمة وأبرمت عقد مصالحة بين القبائل وأنشأت كل قبيلة من هذه القبائل الصغيرة دويلة لها سور، وأقرت لهم بريطانيا بسيادتهم على إماراتهم مع أنها هي المتولية شؤون هذا الساحل فعليًا، وقد سمي بالساحل المتهادن أو بالساحل المتصالح، وفرضت بريطانيا سلطانها على جمرك الخليج وحركته، عملت الإمارات الحالية وخاصة إمارة أبو ظبي على التعدي على كل من عمان والسعودية وجمعت جيوشًا وتجاوزت الحقوق والحدود وبادرت بريطانيا أيضًا لحل هذه الأزمة بترسيم الحدود عام 1955.
في الستينات تم اكتشاف النفط في ساحل القراصنة أو ساحل الخليج وزادت أهميته من كونه ممر تجاري جمركي لأسواق مهمة.
في عام 1968 كان البساط سحب من بريطانيا تمامًا وكانت أمريكا هي المهيمن الجديد على العالم اقتصاديًا وسياسيًا وقد انسحبت بريطانيا في هذا العام من الساحل؛ مما أتاح في السبعينات من الهيمنة الأمريكية على الساحل من خلال أسلوبها الخاص وقد تبلور في السبعينات (وقت اكتساح الرأسمالية ونهاية الشيوعية والاشتراكية وعلو أمريكا على أنظمة الحكم العربية وخاصة في نهاية السبعينات) عقد الاتحاد بين هذه الإمارات هدفه الأساسي التنسيق الاقتصادي وما يتبعه، وكذلك عقد مجلس التعاون الخليجي الذي يهدف للتنسيق الجمركي والاقتصادي وما يتبعه، وهذه كانت البداية الحقيقية لتبلور ساحل القراصنة إلى الشكل الذي نراه الآن وهكذا أُنشئ كيان دولة الإمارات العربية المتحدة دولة فيدرالية، كانت أرضًا لقبائل تحتوي على الذهب الأسود، كانت كل الإمكانيات لسياسة الانفتاح الأمريكية التي بدأت تطبقها أمريكا في الجزائر وتونس ومصر، إضافة إلى أن هذا الساحل طوال تاريخه كان تحت الحماية الأجنبية الاقتصادية وهم مجرد دويلات حولها سور يتفاخرون بسيادة ليست لهم في شيء.
فإمارة دبي مثلاً عدد مجمل سكانها 2.262.000 أغلبهم أجانب فعدد الإمارتيين في دبي هو 214.000 أي أن ما يعادل 91% تقريبًا من سكانها أجانب وهكذا في بقية الإمارات، وهذه النسبة مهولة وتفسر أشياءً كثيرة وأهمها أن هذا الساحل تحول منذ السبعينات إلى سوق نفطي وجمركي عالمي وصارت قوى العالم العظمى تنصب أسواقها وشركاتها فيه وقد بدأت النهضة العصرية تظهر في دولة الإمارات أكثر من غيرها وهذا لانفتاحها غير المشروط كدول الخليج الأخرى التي تعمل باعتبارات دينية وإسلامية كالسعودية وعمان وكذلك لأن الإمارات وخاصة دبي تمتلك مرفئًا وميناءً عالميًا، وقد ظهرت أهمية وحرص الإمارات على هذا المرفأ من خلال معاداتهم لمشروع محور قناة السويس كما قال محللين عدة بأن محور قناة السويس سيجعل فوائد مرفأ دبي صفر.
فالإمارات بدون دبي يصير مستواها مثل الكويت وقطر
خلال التسعينات والحرب العراقية الإيرانية وخلال الحرب الخليجية ودخول صدام الكويت كان موقف الإمارات موقفًا أمريكيًا بحتًا؛ ففي الأولى قدمت تسهيلات للعراق وفي الثانية هي من قادت مع حسني مبارك فكرة دخول أمريكا للبلاد العربية وأول من دخلت في حلف الناتو الإمارات، بصراحة كانت وقتها جريئة واستقبلت العوائل الكويتية، وخاضت الإمارات مع الناتو كل مخاضاته ماليًا وعسكريًا وتوجد بها قاعدة عسكرية أمريكية في الظفرة وقاعدة عسكرية فرنسية.
ولقد نقلت صحيفة أمريكية عن يوسف العتيبة، السفير الإماراتي في واشنطن قوله “نحن مختلفون عن جيراننا”، مشيرًا لمشاركة بلاده في حرب الخليج الأولى عام 1990، ومشاركتها في كوسوفو والصومال وليبيا وأفغانستان، بالإضافة للحملة الحالية ضد “داعش”، وأضاف العتيبة “نحن أخلص أصدقائكم في ذلك الجزء من العالم”.
ويجد التقرير أن التحالف يمتد أبعد من الحرب الجوية، فيعتبر جبل على الميناء في مدينة دبي من الموانئ التي تتوقف عندها البحرية الأمريكية، واحتفظت الإمارات بقوات خاصة في أفغانستان لمدة 11 عامًا، قامت بعمليات ضد طالبان ودربت قوات الكوماندوز الأفغانية بالتعاون مع الأمريكيين.
ويبين الكاتب أن العلاقات الأمريكية القريبة أثارت انتباه البعض في واشنطن والشرق الأوسط، ولكن القلق جاء من بعض الدوائر غير المتوقعة، فحكومة إسرائيل وداعموها في الولايات المتحدة كانوا داعمين، وإن بطريقة غير معلنة، لعملية تسليح الإمارات العربية المتحدة، بسبب القلق المشترك بين البلدين بشأن الطموحات النووية الإيرانية، وتزايد قوة الإسلاميين في العالم العربي.
عندما يقول الرئيس الماليزي السابق مهاتير محمد وهو رجل نهض بدولته: “إن اليهود يحكمون العالم اقتصاديًا”، فلا شك في أن اليهود لهم السيطرة على سوق الخليج بحكم سيطرتهم في المال العالمي وخاصة الأمريكي وقد خرجت وثائق عدة وتطورت لتصريحات متبادلة لسياسة كانت غير معلنة بين الإمارات وإسرائيل؛ ففي جريدة أمريكية، مديرة مشروعات الجزيرة باللجنة الأمريكية اليهودية قالت: “إننا امتنعنا عن الإعلان عن وجودنا بالإمارات لأسباب أمنية، ورغم ذلك فإننا شاركنا بشكل بارز في ورشة عمل عن الحوار بين الأديان والثقافات، وهي الورشة التي شارك فيها نساء مسلمات ويهوديات ومسيحيات من جميع أنحاء العالم بخبرتهن كنساء صاحبات أديان”.
وفي الإطار ذاته امتدحت أربيت ما وصفته بسياسة “التسامح” الإماراتي، والمراقبة المُحكمة للخطاب الديني، بقولها: “الحكومة تسيطر بشدة على الممارسات الإسلامية، والقادة الدينيون ليسوا موظفين أحرارًا؛ فالأئمة يلقون خطبًا تتم مراقبتها عن كثب، مع رسائل تقوم الحكومة بإعدادها كي تعكس أجندتها السياسية المتسامحة”، وأشادت أيضًا بوجود “عشرات الكنائس ومدارس الأبرشيات” ومعابد هندوسية في الإمارات.
ورغم أن المسؤولة باللجنة الأمريكية اليهودية أثنت على إغلاق الحكومة الإماراتية لمركز الشيخ زايد البحثي، الذي تعرض لحملة مكثفة تحمل اتهامات بـ”معاداة السامية” من المنظمات الموالية لإسرائيل، غير أنها دعت الإمارات إلى اتخاذ المزيد من الخطوات لمكافحة ما وصفته بمعادة السامية في الإعلام الإماراتي، فالصورة الثابتة للعدو اليهودي والصهيوني مازالت شائعة جدًا في جميع العالم العربي”، كانت هذه التصريحات الإسرائيلية تلاقي بالنفي بداية الأمر من مسؤولين إمارتيين ولكن بدأ يخف النفي إلى أن صار المسؤولون يؤكدونها أكثر من مرة.
وجوائز الإمارات الأدبية والثقافية الإسلامية والاحتفاء برموز معينة عن رموز أخرى ناتج عن صراط معين قد يكون هو المذكور من واحدة من أهم أفراد اللوبي الصهيوني ومن يعلم قد يكون هذا كله ضمن بند من اتفاقية، وقد كشفت وثائق ويكليكس عن تصريحات محمد بن زايد عن تعاونه مع إسرائيل وتحريضه على حماس.
ما يقارب من 91% من سكان دولة الإمارات أجانب (حتى أن عيدهم القومي كان كل من يقدمه أجانب ونسبة كبيرة من المشاهدين عرب غير إماراتيين)، دولة الإمارات سوق انفتاحي أمريكي تحولت لقاعدة عسكرية أمريكية فعلية منذ التسعينات، دولة الإمارات تتعاون مع اللوبي الصهيوني وإسرائيل أمنيًا وثقافيًا، ميناء دبي = دولة الإمارات، من كل هذا استطيع أن أقول إن هذه القبائل التي صنعت أسوارًا وتهيأت أنها دويلة، بينما بريطانيا هي الحاكم الفعلي للساحل؛ هم لهم الاسم والمحتل له الفعل والقرار، لم يتغير هذا الشكل كثيرًا فالدولة عربية ولكنها ليست كذلك، وقد نقول إنها تشترك في ذلك مع بلاد عربية كثيرة، ولكن الإمارات بالفعل تختلف تمامًا عن بقية دول الخليج والدول العربية في الخضوع لأمريكا وللغرب ولسياساتهم، وهذا يرجع لعوامل كثيرة: أولًا الفرق بين شعب الإمارات ( الذي يمثل 10% من سكان دولته) والشعوب الأخرى، وكذلك الفرق بين تاريخ الدول الأخرى والإمارات، وكذلك القيم والتمسك بالمبادئ والحد من الانفتاح الاقتصادي، وهكذا فكما قال سفير الإمارات بواشنطن : “نحن مختلفون”