في ظل انتخابات برلمانية تمر بها الدولة المصرية، ترفع شعار “لم يحضر أحد”، يكون البنك المركزي ومحافظه هشام رامز حاضرًا ومتصدرًا جميع الصحف بسبب خفض البنك المركزي قيمة الجنيه المصري مرتين، ليرتفع الدولار من 7.83 جنيهًا إلى 7.93 جنيهًا مصريًا بالبنك المركزي، و8.03 جنيهًا بالبنوك مقابل 7.93 جنيهًا نهاية الأسبوع الماضي.
ولكن ما السبب وراء انخفاض الجنيه المصري؟
الأمر بسيط؛ فالسبب هو زيادة الطلب على الدولار مقابل الجنيه، وأصبح الجميع يطلب العملة الخضراء، ومع فشل الحكومة في جلب العملة الصعبة من السياحة والاستثمارات المباشرة وغير المباشرة أدى ذلك إلى تقليل الاحتياطي من الدولارت بشكل مخيف، ولم يعد البنك المركزي يملك أي سلطة سوى خفض الجنيه في محاولة للحفاظ على الاحتياطي من العملة الصعبة.
هل للبنك المركزي دور في حماية العملة الوطنية؟
بالطبع فالمركزي منذ فترة حاول وبكل جهد الحفاظ على قيمة العملة المحلية وفرض قيود لمنع انهيارها، نتيجة لتزايد الطلب على الدولار مقابل نقص المعروض، من بينها وضع ضوابط على الإيداع بالدولار، إضافة لعدد كبير من الإجراءات الأخرى التي قضت على السوق السوداء لفترة، كما استمر المركزي أيضًا في ضخ سيولة دولارية ضخمة على مدار الفترة الماضية لتوفير الدولار، علمًا بأن البنك المركزي ليس من دوره توفير عملة بالأساس، فهذه مهمة الحكومة، وإنما هو يقوم بإدارة السياسة النقدية في حدود الموارد التي تتوافر لديه.
ولم يعد بإمكانه توفير ذلك، فالاحتياطي من النقد الأجنبي اُستنزف بالفعل في دعم الجنيه وتسديد أقساط الديون الخارجية، حتى وصل لمرحلة خطيرة للغاية بنهاية الشهر الماضي وبلغ 16.3 مليار دولار، وهو رقم لا يغطي الاحتياجات الأساسية لمصر سوى لشهرين فقط،، علمًا أن ذلك الرقم يشمل الودائع الخليجية التي تلقتها مصر على مدار الأشهر الماضية، وآخرها 6 مليارات دولار خلال أبريل الماضي من السعودية والإمارات والكويت.
كما أن كل هذا أدى إلى فزع المستثمرين ولم يقوموا بتحويل أموالهم إلى الجنيه خوفًا من انهياره.
وما تأثير ذلك على الاقتصاد المصري؟
الوضع تدهور بشدة فعليًا بشكل يستدعي إلقاء مزيدًا من الضوء عليه، ليس بدافع الترهيب، حيث تخطى الدين المحلي حاجز الـ2 تريليون جنيه، كما انهار الاحتياطي من النقد الأجنبي ليبلغ 16.3 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، وتدهور قيمة العملة المحلية، وتفاقم العجز في الميزان التجاري لـ38.8 مليار دولار بنهاية العام المالي الماضي مقابل عجز بلغ 9.742 مليار دولار بنهاية الربع الثالث من العام.
كما تراجعت إيرادات قناة السويس أيضًا، التي تعتبر أهم مصدر للدخل الأجنبي حاليًا، وذلك مع أول شهر عمل للقناة الموازية الجديدة بنسبة 9% لتهبط إلى 462.4 مليون دولار بشهر أغسطس الماضي في مقابل 510 مليون دولار خلال نفس الشهر من العام الماضي المالي 2013 – 2014.
وبالتالي لن تستفيد مصر من خفض عملتها، بل ستضرر لأن فاتورة الاستيراد من الخارج سترتفع مع زيادة سعر الدولار أمام الجنيه، وبالتبعية سيكون هناك تضخم في أسعار أغلب السلع المستوردة، ما يؤدي إلى انخفاض الدخل الحقيقي للمواطن محدود الدخل، وسيصبح هذا الغلاء على الغني والفقير، وستزداد أعباء الأسرة مما سيساهم أكثر في زيادة الفقر.
ما الحل للخروج من هذه الأزمة؟
تخفيض العملة ليس صاحب وجه قبيح فقط، بل يمكن الاستفادة منه إذا اتجهت الحكومة إلى تشجيع الصادرات والإنتاج المحلي، واستغلال أن السلع أصبحت رخيصة نظرًا لانخفاض العملة، قد يكون هناك جانب إيجابي إذا نجحت تلك الخطوة في تهدئة مخاوف المستثمرين الأجانب وشجعتهم على ضخ رؤوس أموال أجنبية بمصر.