قد يتبادر إلى الذهن أن حزب النور فوجئ بما حدث في 3 يوليو أو على الأقل عرف قبلها بثلاثة أيام عندما خرجت جموع من الشعب مدفوعة من الجيش والشرطة وفلول النظام السابق والثورة المضادة يدعمها الأقباط بشتى أعمارهم في 30 يونيو، ولكننا يجب أن نعود إلى تصريحات قيادات من الحزب بالإضافة لقيادات ممن وضع الحزب يده في أيديهم لنعرف أن الحزب لم يفاجأ بما حدث بل هو كان أحد صنّاع هذه الأحداث.
أ- انتخابات الرئاسة
لعلنا يجب أن نعود إلى الوراء قليلاً عندما بدأت الترشيحات لانتخابات الرئاسة وهي الترشيحات التي تأرجح فيها اختيارات شيوخ الدعوة السلفية أنفسهم دون إعلان رسمي عن مرشح للرئاسة؛ فبدأت بإعلان واضح وتصريح من الشيخ أحمد فريد والشيخ أحمد حطيبة أعضاء مجلس إدارة الدعوة السلفية بتأييد الشيخ حازم أبو إسماعيل وذلك قبل استبعاده رسميًا من قِبل اللجنة المنظمة للانتخابات بداعي أن والدته معها الجنسية الأمريكية، ثم استبعاد مرشح الإخوان الرئيسي الأستاذ خيرت الشاطر بدعوى أن الأحكام القضائية التي كان ينفذ حكمها تمنعه من الترشح؛ فلم يتبق مرشح للإسلاميين سوى ثلاثة رئيسيين أولهم الدكتور سليم العوا ويعتبر مرشحًا مستقلاً لا ينتمي لأي تيار، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي خرج عن عباءة الإخوان فألتف حوله بعض الإخوان وعدد غير قليل من الليبراليين، ومرشح الإخوان الاحتياطي الدكتور محمد مرسي.
كان لزامًا على الدعوة والحزب أخذ موقفًا تجاه ترشح أحدهم، والتقوا بالفعل بالمرشحين الثلاثة للمحاولة للوصول إلى أصلحهم في الترشح، ورغم أن كثير من قواعد الدعوة والحزب كانت تميل إلى الدكتور محمد مرسي، حيث إنه الأصلح من نظرهم؛ فالدكتور سليم العوا ليس لديه أنصار يدعمونه للفوز بالإضافة لبعض الأقاويل عنه في تأييده للتقارب بين مصر وإيران الشيعية، أما الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فقد هاجمه كثير من السلفيين على بعض أقواله التي أطلقها تقربًاإلليبراليين والدولة المدنية؛ مما رجح أن يكون اختيار الدعوة والحزب للدكتور محمد مرسي، وقبل اختيار مجلس شورى الدعوة السلفية أراد الدكتور محمد إسماعيل المقدم أن يلقي كلمة يوضح للأعضاء بالدعوة السلفية الفروق الجوهرية للاختيار بين المرشحين الثلاثة، ولكن أبو إدريس منعه حتى لا تكون لكلمته تأثيرًا على قرار الأعضاء رغم ما تسرب من توجيهات من الدكتور ياسر برهامي لكثير من أعضاء مجلس الشورى في الدعوة إلى اختيار أبو الفتوح بدعوى أنه الأصلح لتأييد كثير من الليبراليين له مما يحوز على الأغلبية بعد تأييد السلفيين له، وتم بالفعل اختيار الدكتور عبد المنعم من قِبل مجلس شورى الجماعة تبعه اختيار الحزب له من أعضاء الهيئة العليا، حيث إن أغلبهم كان عوضًا بالفعل في مجلس شورى الدعوة، وهنا كانت صدمة للأعضاء بالإضافة للصدمة الكبرى للإخوان ومن ورائهم حزب الحرية والعدالة وأظنها كانت بداية البداية، حيث أحس الإخوان بطعنة غدر من إخوانهم في الطريق.
بعد المرحلة الأولى أصبح هناك إعادة بين الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان والفريق شفيق مرشح الثورة المضادة من الجيش والشرطة والفلول ورجال الأعمال والأقباط والفنانين وغيرهم من منتفعي النظام السابق، وكان لا محالة أن الدعوة والحزب سيؤيدان الدكتور محمد مرسي ولكن ما حدث أن الحماسة التي كانت لتأييد الدكتور أبو الفتوح لم تكن نفس الحماسة لتأييد الدكتور مرسي في الإعادة حتى أنني لا أتذكر مؤتمرين أو ثلاثة للدعوة والحزب لتأييد الدكتور مرسي عكس ما حدث من مؤتمرات ومسيرات تأييدًا لأبي الفتوح في المرحلة الأولى، فهل انتهى الأمر عند ذلك، أبدًا، أبي الدكتور برهامي إلا ويضع الحزب والدعوة في وضع غاية الحرج بعد اكتشافه.
أعلنت حملة الدكتور محمد مرسي فوزه بناءً على الأرقام المستقاة من كل اللجان الفرعية بنتائج رسمية ممهورة بتوقيع وختم رئيس كل لجنة على حده وينتظروا إعلان اللجنة الرسمية الفوز، في حين تتسرب أخبار بمحاولة من جانب حملة الفريق شفيق التشكيك في هذه الأرقام بل تتوقع إعلان اللجنة فوز الفريق شفيق أو على الأقل تأجيل الإعلان لحين البت في طعون من حملة شفيق لنتائج بعض اللجان.
وفي هذا الخضم نجد أن هناك وفدًا مكونًا من الدكتور ياسر برهامي وأشرف ثابت يتسللون خفية لزيارة الفريق شفيق بدون علم أي من القيادات لا في حزب النور ولا في الدعوة السلفية، وحسب ما صرح الدكتور برهامي بعد ذلك عندما انكشفت الزيارة بأن هدفها كان حقنًا لدماء الإخوان، حيث إن الفريق شفيق هدد في حالة فوزه أنه سيعيدهم إلى المعتقلات وسيكون صدامًا بين الفريقين قد ينتج عنه دماءً، فأرادوا بذلك وأد هذه الفتنة، ولكن ما تسرب بعد ذلك من الاجتماع يوحي بـأن الدكتور برهامي لم يقل كل ما حدث وإنما ذكر بعضه ولكنه تطرق في الكلام مع الفريق شفيق أنه في حالة فوزه وتشكيل وزارة يكون لحزب النور نصيبًا في عدد من الوزارات الخدمية التي تخدم الشعب، وفي حالة اختيار نواب للرئيس أن يكون أحدهم تحديدًا أشرف ثابت، وكانت أخبارًا قد تسربت للفريق شفيق بأن النتيجة قد تحسم لصالحه وهذا هو السبب في تأخير إعلانها حتى هذا الوقت فازداد ثقة بفوزه، و ازداد ثقة لزواره بأنه قاب قوسين أو أدنى من كرسي الرئاسة، وخصوصًا أن الدكتور برهامي كان له تصريحًا مسجلاً بالفيديو في إحدى جلساته الخاصة أن اللواء السيسي – رئيس المخابرات في ذلك الوقت – سأله هل تضمن الإخوان المسلمين؟ فقال: لا، مما أحس معه الدكتور برهامي بأن النتيجة قد تخرج لصالح الفريق شفيق، حيث عرف من السيسي وقتها أن الشرطة والجيش والقضاء والإعلام معترضون على إعلان فوز الدكتور محمد مرسي؛ مما قد يستتبعه إعلان فوز شفيق وهذا هو الذي دفعه لزيارة شفيق السرية ليكون هناك اتفاقًا قبل إعلان الفوز رسميًا.
وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وتم بالفعل إعلان فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة؛ مما أصاب برهامي بصدمة، حيث إنه كان يكن في صدره كره للإخوان بشكل عام وهذا قد صرح به في أحد دروسه المسجلة بالفيديو أنه حدثت له حادثة من الإخوان لن ينساها عندما حملوه وألقوه خارج أحد المساجد وقال باللفظ “لن أنساها”، ولعل له أيضًا تصريحًا يبين مدى حذره من الإخوان بأن في حالة فوز الإخوان “فإن أول من سيضاروا هم السلفيون”، فهذا الشعور الذي استقر داخله من العداء للإخوان والخوف على مصير السلفيين وبالذات الدعوة السلفية حدا ببرهامي إلى محاولة البعد عن الإخوان والانفصال عنهم تدريجيًا من أول يوم لرئاسة الدكتور محمد مرسي، ويشهد على ذلك بعض رسائل SMS التي جاءت على موبايلات أعضاء في الدعوة السلفية وحزب النور بعدم المساعدة لحزب الحرية والعدالة والإخوان في برنامج الـ 100 يوم الذي أعلنه الدكتور محمد مرسي من ضمن برنامجه الانتخابي والذي يشمل حل مشكلات: المرور – الأمن – النظافة – الخبز – الوقود، ورغم أنها مشكلات مزمنة ولكن تحدى الدكتور مرسي أن يقضي عليها أو على الأقل أغلبها في أول 100 يوم من رئاسته، مما يتطلب تعاون كل الجهود معه لإزالة هذه المشاكل التي نعاني كلنا منها، ولكن أن تأتي هذه الرسائل بعدم التعاون بحجة أن أي نجاح في حل هذه المشاكل سينسبه حزب الحرية والعدالة لنفسه بعيدًا عن حزب النور أو ستنسبه جماعة الإخوان لنفسها بعيدًا عن الدعوة السلفية فهذا يبين مدى العداء المتأصل في النفوس والذي كره فوز الدكتور مرسي ولكنه الواقع الذي يجب أن يتعامل معه.
ب- اللجنة التأسيسية للدستور
رغم أن مجلس الشعب تم حله قبل مجئ الدكتور مرسي للرئاسة ولكن ما زال هناك مجلس الشورى لم يتم حله بالإضافة إلى اللجنة التأسيسية للدستور والتي سوف يتم التعاون من خلالها بين أكبر حزبين النور والحرية والعدالة في إخراج الدستور الجديد؛ فكان لزامًا أن يكون هناك تعاونًا داخل هذه اللجنة حتى لا يوجد ما يعكر الصفو بينهما، وحصل بالفعل حزب النور على 18 مقعدًا من أصل 50 يخصون التيار الإسلامي، حيث إن النصف الآخر هو ما يخص ما يسمى بالتيار المدني، وبدأت اللجنة في أعمالها وأخذ يتصاعد كل فترة ما يدل على أن الأمور لا تسير بتفاهم بين الشريكين الإخوان ويمثلهم الحرية والعدالة والدعوة السلفية والسلفيين بشكل عام ويمثلهم حزب النور، فظهر الخلاف منذ البداية بأن اكتفي الإخوان بالمادة الثانية لدستور 1971 والتي تبين أن الإسلام دين الدولة، واللُّغة العربية لُغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ولكن أبى رجال حزب النور إلا التوضيح والتفصيل لها؛ مما أحدث شرخًا بينهما؛ حيث أيد الإخوان جموع المدنيين في اللجنة في حين ذهب رجال حزب النور يدافعون عن هوية الدولة ودينها وتشريعها وكأن الآخرين لا يريدونها إلا دولة الكفر، حتى استقر الحال في آخر المطاف على المادة التي قالوا عنها “دونها الرقاب” وهي الشهيرة بـ 219 في دستور 2012 والتي تعتبر مفسره للمادة الثانية والتي تنص على “مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة”.
والغريب والعجيب بعد هذه المعارك الطاحنة من أجل إضافة هذه المادة المفسرة عندما تم وقف العمل بالدستور عند إعلان 3 يونيه صرح قيادات حزب النور بأن هذه المادة لن تتغير في تعديلات الدستور الجديدة وأن “دونها الرقاب” وهي “خط أحمر”، واتضح أنهم يقصدون “رقاب الدجاج” والخطوط أصبحت “زرقاء وخضراء وكل الألوان” وأصبحت المادة 219 “مش قرآن” فتم إلغاؤها بالكلية.
اتضح من خلال العمل في هذه اللجنة أن هناك تباينًا واضحًا بين الإخوان من جهة والدعوة السلفية تحديدًا من جهة أخرى وأن الإخوان يحاولون أن يكونوا هم الصوت الأعلى المسموع فقط وأن السلفيين يناطحونهم في كل موقف وكل قرار، ولعل 15 ديسمبر وهو الاستفتاء على دستور 2012 كان آخر ما توافق عليه الفريقان وخصوصًا أن بوادر الشقاق بدأت تظهر بشدة في الأفق منذ الإعلان الدستوري الذي أعلنه الدكتور محمد مرسي في 22 نوفمبر 2012 ورغم أنه حصن اللجنة التأسيسية التي كانت قاب قوسين أو أدنى من أن يتم حلها قضائيًا، إلا أن حزب النور وقف في صف المهاجمين للإعلان الدستوري ولأن اللجنة كانت قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء من الدستور فمرت الأيام سريعًا حتى جاء ميعاد الاستفتاء على الدستور بعدها بثلاث أسابيع ليترك شرخًا واسعًا لم يندمل حتى حدثت أحداث 30 يونيه ثم تبعتها أحداث 3 يوليه.
ج- جبهة الإنقاذ
الإعلان الدستور في 22 نوفمبر كان سببًا في إنشاء ما تسمى “جبهة الإنقاذ” والتي تكونت من حوالي 24 حزبًا وحركةً بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الشخصيات العامة والنخب، ورغم أن حزب النور لم يؤيد إنشاء هذه الجبهة ولم يكن من داعميها لأنه وقتها كان شريكًا في اللجنة التأسيسية للدستور، ولكنه للأسف بعد ذلك بأسابيع قليلة بدأ التنسيق مع جبهة الإنقاذ ليكون شوكة في ظهر الدكتور محمد مرسي وحكومة قنديل.
وظهر هذا جليًا في المبادرة التي أعلنها حزب النور وأراد أن يكون حزب الحرية والعدالة مؤيدًا لها ومتبنيًا بنودها ولكنه لم يحدث، وهذه المبادرة هي التي أعطت جبهة الإنقاذ قبلة الحياة مرة أخرى، وكان ذلك في 29 يناير 2013 بل حاول النور وقتها إقناع الجماعة الإسلامية وحزبها البناء والتنمية تأييد المبادرة ولكنهم رفضوا أي مبادرة تلتف حول الشرعية للدكتور محمد مرسي وأخذ حزب النور يلتقي وقتها بالأحزاب الأخرى مثل “الوسط” و”غد الثورة” لتأييد المبادرة لعمل إجماع سياسي في مواجهة الحرية والعدالة ومن ورائه الإخوان.
منذ ذلك الوقت أصبح هناك تصاعدًا وحدة في توجيه انتقادات من حزب النور علانية للحكومة والرئاسة ومحاولة إثبات فشلهما أو على الأقل فشل الحكومة رغم ما تبذله من الجهد في ظل محاربة علنية من الثورة المضادة وبهذا الدور الذي أظهر في الصورة جبهة الإنقاذ مرة أخرى بفضل مبادرة النور ظهر أن هناك تآمرًا في الكواليس بين جبهة الإنقاذ والنور للضغط على الدكتور مرسي وحكومة قنديل.
د- إقالة الدكتور خالد علم الدين
17 فبراير 2013 هو التاريخ الذي لن ينساه حزب النور بإقالة الدكتور خالد علم الدين القيادي بالحزب من العمل كمستشار برئاسة الجمهورية، فالذي أثر في الحزب أن الإقالة جاءت بعد تسريبات من الرئاسة بأنها بسبب استخدام الدكتور خالد لمنصبه في مآرب شخصية وأن هناك أدلة على ذلك، فلم يسكت الحزب أمام هذه الاتهامات وعقد مؤتمرًا تم خلاله الحديث من قِبل الدكتور خالد بأن هذا الكلام عار من الصحة وأين هذه الأدلة التي يتم الحديث عنها، ثم تبعه الإعلان في نفس المؤتمر عن استقالة الدكتور بسام الزرقا من عمله كمستشار آخر برئاسة الجمهورية؛ مما أظهر أن هناك اتساعًا في مساحات الخلاف بين النور والحرية والعدالة أو بالأحرى بين الدعوة السلفية والإخوان وأن الأيام القادمة ستبرز هذا الاختلاف للعلن وبصور مختلفة.
هـ- الاجتماع بالسفيرة الأمريكية
بدا أن هناك تسريبات لاجتماعات تتم بين حزب النور وبعض السفراء الأجانب وعلى رأسهم السفيرة الأمريكية، والأمر قد يكون عاديًا في ظل حزب سياسي يسعى لتوصيل وجهة نظره للخارج، ولكن أن تتم الاجتماعات بصورة سرية ولا يتم التصريح بها أو بما دار خلالها إلا بعدما تنكشف من الإعلام، عندئذ تخرج التبريرات من الحزب ذات اليمين وذات الشمال فهذا إن كان يدل فإنما يدل على أن هناك أمر يدبر بالليل.
فهل الحزب يطرح نفسه بديلاً عن حزب الحرية والعدالة كما يطرح الدعوة السلفية بديلاً عن الإخوان المسلمين؟ هل هناك يتم الاتفاق على صورة للمرحلة المقبلة سواء استمر الدكتور محمد مرسي أو استقال أو تم عمل انتخابات مبكرة؟ وهل هو سيكون جزءًا منها وله الحق في الدخول مرة أخرى أم ليس له ذلك؟ كل هذه تكهنات تداولها المختصون في ذلك الوقت نتيجة عدم الشفافية فيما يحدث، بل أن الدكتور ياسر برهامي نفسه صرح في أبريل 2013 بأن حزب النور يلتقي مع كل السفراء وليس السفيرة الأمريكية فقط، بل هو شخصيًا ينتظر الموافقة على السفر للولايات المتحدة الأمريكية لأنه ممنوع من السفر إليها منذ 1992، فهذا عضد أن هناك اتصالات تدور في الخفاء بين حزب النور والإدارة الأمريكية متمثلة في السفيرة بمصر.
و- ملف الأخونة
هذا الملف الذي فجره حزب النور ولفت به المعارضة للإخوان الآفاق، في أحد الاجتماعات التي دعى لها الدكتور محمد مرسي الأحزاب للتشاور فإذا برئيس حزب النور الدكتور مخيون يتكلم بغضب بأنه ثاني أكبر حزب ولم يأتي دوره في الحديث رغم تقدمه لرؤساء أحزاب صغيرة وأن لديه المهم لكي يقوله؛ فسمح له الدكتور مرسي بالحديث فإذا به يقدم ملف قال إنه يحتوى على أسماء آلاف ممن تم تعيينهم في مناصب من الإخوان على مستوى الجمهورية في خلال الفترة منذ تولية الدكتور مرسي الرئاسة وأن ملف الأخونة هذا يجب أن ينظر فيه مرة أخرى، وهذا لو كان من باب النصيحة فالنصيحة لا تكون في العلن إنما الفضيحة هي التي تكون في العلن وهذا ما قصده حزب النور أن يفضح الإخوان بمحاولتهم الاستئثار بالمناصب على مستوى الدولة أو ما أسماه البعض “ملف الأخونة للدولة”.
وبسؤال الدكتور عماد الدين عبد الغفور مساعد رئيس الجمهورية في ذلك الوقت عن هذا الملف صرح بأن هذا الملف ضم أسماء من هم معينون بالفعل من الإخوان في الدولة منذ عشرات السنين، قد يكون هناك نسبة ضئيلة جدًا ممن تم تعيينهم في الفترة منذ تولي الدكتور محمد مرسي ولكن الغالبية العظمى كانوا قبل ذلك بكثير، مما يعني أن هذا الملف كان المقصود منه الفرقعة الإعلامية منه التنبيه على مخالفة جسيمة باستغلال الإخوان لوصولهم للسلطة وتعيين من لا يستحق في مناصب أو أعمال مختلفة بجهاز الدولة أو محاولة السيطرة على أجهزة الدولة التنفيذية، وهذا الملف مما سبق جفاء بين الإخوان و حزب الحرية والعدالة من جهة وبين الدعوة السلفية وحزب النور من جهة أخرى.
ز- الحشد لـ 30 يونيه وحملة “تمرد”
بدأ الحشد لـ 30 يونيه عن طريق حملة “تمرد” من شهر مايو والتي اتضح فيما بعد أنها ممولة عن طريق الإمارات وأن المخابرات المصرية هي المحرك الرئيسي لها، وبدأت الحملة بدون أي إنكار من حزب النور بل لعل الحزب كان يعرف ما ستؤدي له ولكن سكوته يعتبر مشاركة ضمنية لما يحدث، ورغم تصريح رئيس الحزب في 25 مايو 2013 بأن هذه الحملة غير قانونية وغير دستورية وأن التغيير يكون عن طريق الصندوق، لم نر أي رد فعل على الأرض تأييدًا لموقف الدكتور مرسي مقابل هذه الدعوات التي تهدم الاستحقاقات التي تمت من خلال صندوق الانتخابات والتي قد تعود بالبلاد إلى ما قبل ثورة يناير.
ورغم تأكيد الحزب في أكثر من مناسبة أن التغيير الذي يتم من خلال البرلمان القادم هو الأسلم من الناحية القانونية والدستورية لم نجد منه الوقوف بجانب الدكتور مرسي أمام هذه الدعوات الهدامة التي أوصلت البلاد إلى الرجوع إلى الحكم العسكري مع إلقاء خمس استحقاقات انتخابية للشعب المصري وراء ظهرها، بل أن هناك تصريحًا لنادر بكار نائب رئيس الحزب لشئون الإعلام بأن حركة تمرد تعتبر تعبير عن الرأي لا أقدر أن أحجر عليها مع الاحتكام إلى الوسائل التي أتاحتها لنا الديمقراطية ولكن أين هذه الكلمات الجميلة من عدم الوقوف بجانب الشرعية ومحاولة التوضيح لجموع الشعب بأن الانقلاب على الدكتور مرسي ليس لشخصه وإنما انقلاب على الوسائل التي ارتضيناها وهي الصندوق، وأن تمرد حركة لا تبغي إلا الانقلاب على الشرعية.
كل ما سبق يوضح لنا أن حزب النور لم يفاجأ بما حدث في 30 يونيه و3 يوليو، بل هو مع من صنع الأحداث وقتها وليس أدل على ذلك من تصريح شعبان عبد العليم عضو الهيئة العليا للحزب والذي صرح بأن “من يقول إن حزب النور لم يشارك في الإعداد للثورة – يقصد 30 يونيه – فهو لا يعرف شيئًا عن الثورات لأن حزب النور كان أحد المحركين في المشهد السياسي في الستة شهور الأخيرة – يقصد قبل 30 يونيه -، فقدم مبادرة وقدم تحذير من الأخونة وحرك الرأي العام فهذا دوره، أما من يتكلم عن خروج الناس في الشارع فهذا لا يفهم شيء في الثورات”.