مثل اجتماع جزيرة جربة ( جنوب تونس) بين هياكل نداء تونس بحضور نائب رئيس الحركة حافظ قائد السبسي و بعض القيادات من قبيل رضا بلحاج و نورالدين بن تيشة و عدد من الوزراء و نواب البرلمان الندائيين المنعقد يوم أمس و أول أمس الأحد , فصل أخر من فصول الصراع الدائر داخل أروقة الحزب الفائز على أغلبية مقاعد البرلمان التونسي (86 نائبا)
فصل أخر من فصول الصراع و التوتر بين قيادات حركة نداء تونس احد الأحزاب الأربعة الحاكمة في البلاد يلوح الى الواجهة و يظهر علانية بعد ان كان الصراع سريا بين عدد من قياداته ولعل أبرزهم الأمين العام محسن مرزوق ونائب رئيس الحزب حافظ قائد السبسي .
الاجتماع جاء بعد سلسلة من المشاورات الاجتماعات السرية و العلنية قام بها نائب رئيس الحركة حافظ قائد السبسي في محافظتي سوسة و القيروان و غيرهما من مدن البلاد، اجتماعات اعتبرها أنصار الأمين العام للحركة محسن مرزوق “موازية” و تمت دون الرجوع إلى المكتب السياسي للحركة .اجتماع جربة لم يمر مرور الكرام فبالرغم من “عدم شرعيته” لدى بعض قيادات نداء تونس ووصفهم له بأنه ” اجتماع انقلابيين” فقد أفضى إلى جملة من التوصيات للهيئة التأسيسية للحركة أهمّها دعوة الهيئة التأسيسية للانعقاد وتنظيم المؤتمر التأسيسي للحزب في أواخر ديسمبر 2015.الامر الذي يستبعده عديد الملاحظين خاصة مع ضغط الوقت و حجم الانقسام الحاصل داخل الحزب,كما أوصى المشاركون في الندوة باتخاذ الاجراءات اللازمة ضد المخالفين لقانون الحزب وتحديدا عضوي المكتب السياسي لزهر العكرمي وعبد المجيد الصحراوي المنضوين داخل الشق الثاني الموالي لمحسن مرزوق .
توصيات رفضها الوزير المستقيل لزهر العكرمي ، وعلق عليها بقوله إن” القانون الداخلي للحزب ليس بأيديهم وليس للتوريث ، وليس للانقلاب ، وليس لاستعمال السلطة في خلاف حزبي” معتبرا ان” هذه القرارات مثيرة للسخرية و مضحكة». وكان المكتب التنفيذي لحركة نداء تونس قد أعلن سابقا أنّ كل القرارات الصادرة والمنبثقة عن اجتماع جربة «الإستشاري» هي قرارات غير قانونية ولا تلزم الحركة بشيء.
وكان منطلق الأزمات داخل حركة نداء تونس بداية الأشهر الأولى لتكوينه منتصف 2012 فالنداء ضم من جملة ما ضم طيفا محسوبا على اليساريين وآخر محسوب على الدساتوريين البورقيبيين والتجمعيين, و تدعم الأمر مع تحديد القوائم الانتخابية المشاركة في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 26 أكتوبر 2015 و رئاسة هذه القوائم في عديد المحافظات داخل تونس و خارجها.لتتطور هذه الأزمات مع بدأ تشكيل الحكومة و ظهور خلافات حول منصب رئيس الحكومة و التعيينات والحقائب الوزارية والمناصب بالإضافة الى مسألة التحالفات, خاصة التحالف مع حركة النهضة.
أزمات متتالية أدت إلى انقسام الحزب إلى شقين, أول يتزعمه نائب رئيس الحزب حافظ قائد السبسي المسيطر على الهياكل والمكلف بإدارتها و إلى جانبه عديد القيادات الأخرى من ذلك رؤوف الخماسي عضو المكتب السياسي المكلف بالتونسيين بالخارج ،و النائب في البرلمان خميس قسلية.. ، وشق ثاني بزعامة الأمين العام للحركة محسن مرزوق الأمين العام الحالي و الوزير المستقيل الأزهر العكرمي.
و تمثل ازمة الهوية أعمق الأزمات التي يعيشها نداء تونس حيث يعتبر الشق الموالي لحافظ قائد السبسي نجل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ان النداء حقق بوجوده و فوزه في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة توازن سياسي في المشهد العام للبلاد و لا ضير من مشاركة حركة النهضة في الحكم ، فيما يعتبر شق الامين العام للحركة محسن مرزوق ان طريق التوازن السياسي ما يزال في بدايته وان التحالف مع حركة النهضة اصل الداء و بوجودها معهم في الحكم تواصل لمشاكل تونس و حركتهم.
الصراع ليس وليد ازمة الهوية فقط بل يراه بعض المتابعين حرب تموقع و صراعات شخصية أي حرب لحيازة مواقع حساسة داخل الحزب استعدادا للانتخابات البلدية القادمة.
صراع اعتبرته عديد الأحزاب في تونس مهددا للمسار الديمقراطي في البلاد و طريقا للفوضى, فقد صرّح عصام الشابي الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري (وسط) بأن الازمة التي يعيشها حزب نداء تونس الحاكم تنعكس سلبيا على استقرار البلاد قائلا في هذا الخصوص على “قيادة الحزب أن تتقي الله في تونس”, مبينا أن سبب الوضع الداخلي للنداء هو صراع حول تشكيل السلطة وتقاسمها ,و معتبرا أن النداء يعيش حالة استقطاب ثنائي وصراعا ينعكس سلبيا على البلاد.
بدوره قال الناق الرسمي باسم الجبة الشعبية حمة الهمامي ان ما يحدث في نداء تونس ليس شأن داخلي فقط و انما هو شأن وطني لان له انعكاسات على مصلحة البلاد باعتباره احد الاحزاب الحاكمة.
فيما ربط حزب المؤتمر من اجل الجمهورية في بيان له “مؤخرا ان محاولة اغتيال النائب في البرلمان التونسي عن حركة نداء تونس رضا شرف الدين تاتي في سياق التصريحات الخطيرة و تبادل التهم و غيرها من تمظهرات الصراع الداخلي في حزب نداء تونس وعلاقته بصراع محموم على السلطة بما أصبح يعرض استقرار البلاد لخطر واضح”.
في مقابل ذلك استبعد زعيم حركة النهضة المشاركة في الحكومة, ان يكون للخلافات داخل حركة نداء تونس تاثير على الحكومة او مجلس نواب الشعب موضحا ان كتلة نداء تونس داخل البرلمان مازالت كتلة موحدة .
ويتابع الرأي العام التونسي تفاعلات الصراع داخل اجنحة حركة نداء تونس ، وسط وجود تخوفات و هواجز من انزلاق هذه الصراعات “الحزبية” ” للتأثير على قيادة وحكم البلاد.