أثارت زيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إلى جنوب إفريقيا غضب رسمي إسرائيلي واسع، خاصةً بعد قيام رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما باستقباله والوفد المرافق له في المدينة الجنوب إفريقية بريتوريا.
الزيارة التي كانت تهدف إلى حشد الدعم لجانب الشعب الفلسطيني أثارت غضب دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث قامت وزارة الخارجية الإسرائيلية باستدعاء نائب سفير جنوب إفريقيا لديها على إثر الزيارة، أمس الاثنين، وذلك احتجاجًا منها على قيام حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم بدعوة وفد حمساوي برئاسة خالد مشعل لزيارة جنوب إفريقيا.
اعتبرت الخارجية الإسرائيلية الزيارة تشجيعًا للإرهاب، وأضافت في بيانٍ لها أن الزيارة تتجاهل موقف المجتمع الدولي الذي يعتبر حماس منظمة إرهابية، حسب زعمها، كما أعربت خارجية دولة الاحتلال لنائب السفير الجنوب إفريقي عن غضبها واستيائها من تلك الزيارة.
فيما أشارت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في نقلها عن مصادر إسرائيلية إلى محاولات السفارة الإسرائيلية بجنوب إفريقيا لإلغاء زيارة مشعل ووفد الحركة بإرسالها مطالبات بذلك لوزارة الخارجية الجنوب إفريقية.
مشعل كان قد وصل إلى جنوب إفريقيا في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها على رأس وفد رفيع من حركة حماس، بعد دعوة رسمية من رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما وهو أيضًا رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، وتستغرق الزيارة ثلاثة أيام، فيما ضم الوفد الحمساوي كلٍ من: نائب الحركة موسى أبو مرزوق، وعضوا المكتب السياسي محمد نزال، وسامي خاطر.
فيما أجرى الوفد مباحثات مع قادة المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا، الذي أعاد التأكيد على دعمه للقضية الفلسطينية، كما وقع وفد الحركة في زيارته رسالة نوايا مشتركة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم وذلك للاستفادة من تجربة جنوب أفريقيا في محاربة ومواجهة النظام العنصري والتحرر من الاحتلال، وذلك بحسب بيان الحركة.
كما أكد مشعل على مناقشة الوفد مع الحزب الحاكم برئاسة الرئيس جاكوب زوما العلاقات الثنائية كحركتين مناضلتين ضد العنصرية والعدوان والظلم والاحتلال، بحسب وصفه، موجهًا التحية إلى دولة جنوب أفريقيا وكل شعبها وأحزابها.
هذا وقال الحزب الحاكم بجنوب إفريقيا في مؤتمر أجراه إبان الزيارة أن قادة حركة حماس مرحبٌ بهم في جنوب إفريقيا، كما أدلوا بإعجابهم بشجاعة قيادة الحركة وثبات موقفها على دعم الحق الفلسطيني، مؤكدين أنه لا يمكن المساواة بين الجلاد والضحية، وعضدوا حق الفلسطينين في الدفاع عن حقوقهم وأرضهم، فيما اعتبروا الإسرائيليين بمثابة قتلة، كما أثنى الحزب على الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة التي تشهدها مدن الضفة الغربية والقدس، مشددًا على ضرورة دعم الحق الفلسطيني في تقرير مصيره.
كذلك شارك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والوفد المرافق له في اللقاء المفتوح الذي عقدته المنظمات الداعمة للقضية الفلسطينية في جنوب أفريقيا، وحضر اللقاء الذي تم صباح اليوم قرابة 80 ناشطًا داعمين للقضية الفلسطينية، وناقش اللقاء واقع ومستقبل الوضع الفلسطيني، كما أجاب مشعل على أسئلة الحضور المتعلقة بهذا الجانب.
من جانبها، اعتبرت حماس اللقاء مثمرًا، مؤكدين وجود أنصار كثر داعمين للقضية الفلسطينية في العالم، وقد صرح موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، وأحد أعضاء الوفد، عقب اللقاء أنه لابد من التواصل المستمر معهم، لتضييق الخناق على دولة الاحتلال الإسرائيلي في كل العالم، مضيفًا: “إن لقضيتنا أنصار كثيرون، وداعمون حقيقيون، وحلفاء مخلصون، وهم بحاجة لجهد دؤوب لتوجيههم وتوحيد جهودهم، لدعم أهلنا ومقاومتنا حتى يكتب الله النصر لشعبنا”.
كانت مسيرات حاشدة داعمة للقضية الفلسطينية والانتفاضة الحالية ضد الاحتلال في دفاعه عن مقدساته وأرضه، ومرحبة بزيارة الوفد الحمساوي قد خرجت في كبرى مدن جنوب أفريقيا منها جوهانسبورغ وكيب تاون وبريتوريا.
وتأتي الزيارة في إطار محاولات حركة حماس مؤخرًا إيجاد أطراف عربية ودولية وإسلامية ذات وزن دولي من أجل الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها وممارساتها العدوانية بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الفلسطينية، خاصةً مع تصعيد الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على الشعب الفلسطيني والقدس والمسجد الأقصى المبارك.
العلاقات بين إسرائيل وجنوب إفريقيا متأزمة بشكل كبير بسبب مشكلة عدم اعتراف جنوب إفريقيا بالممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفسلطيني ومساندتها الدائمة للقضية الفلسطينية وللمقاومة بالأخص، ومن مظاهر ذلك فكانت رفض الجانب الإسرائيلي السماح لوزيرالتعليم العالي في جنوب إفريقيا، بلايد نزاميندي، زيارة مدينة رام الله الفلسطينية في أبريل الماضي، وذلك بحُجة عدم نيته زيارة دولة “إسرائيل”، وهو ما وصفته بأنه أمرٌ مناهضٌ لها، ولا يُنسى هنا الذكر بأن نيلسون مانديلا، رئيس جنوب إفريقيا الراحل وزعيم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي يُعد أحد أبطال السلام في العالم كان من أبرز من المؤيدين المتحمسين للقضية الفلسطينية.
لذلك استشاطت دولة الاحتلال من هذه الزيارة غضبًا، بعد أن أضيف نجاح دولي جديد إلى رصيد حركة حماس التي نجحت منذ أشهر قليلة في الجلوس مع وسطاء أوربيين مباشرة بشأن قضية الهدنة طويلة الأمد في قطاع غزة مع الاحتلال، وهو ما تراه دولة الاحتلال خطرًا عليها بمثل هذه التحركات الدولية المتكررة مؤخرًا المناهضة للاحتلال، والتي تكسرعزلة حركة حماس المفروضة عليها، وتُعد من أبرز نتائج تحركات حماس الدولية هذه الزيارة إلى دولة جنوب إفريقيا.