مها عزام، زميلة مشاركة في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن تتحدث إلى أميليا سميث من ميمو حول الأزمة في مصر.
أصبحت العلاقة بين الإخوان المسلمين والجيش متوترة بشكل متزايد في الفترة التي سبقت احتجاجات 30 يونيو في مصر.
وما زالت تعتقد عزام أن ما سيأتي كان فترة من عدم الثقة في جميع أنحاء مصر منذ قبل حسم الانتخابات البرلمانية.
ولكن النتيجة كانت أسوأ من ذلك بكثير. ففي خطاب تلفزيوني للشعب في 3 يوليو وبعد أيام من الاحتجاجات، أعلن القائد العسكري اللواء السيسي أن الرئيس المنتخب محمد مرسي لم يعد الرئيس حقيقة.
وفي حين احتفل خصومه بنجاح الثورة الثانية لهم في ليلة طويلة، حزن أنصاره على الديمقراطية المسلوبة.
وبعد ما يقرب من أسبوعين، يحتدم النقاش حول شرعية تدخل الجيش. ولكن الأمر كان واضح جدا لمها عزام.
“عندما صرح السيسي إعلانه، كان الانقلاب واضح جداً لي. في الواقع كان العسكر يعيدون الدخول إلى المعترك السياسي وينخرطون إلى جانب أولئك الذين يعارضون الرئيس مرسي”.
بعد إعلانه نشبت ملاحقات شرسة لقادة الإخوان وأوامر صدرت لإلقاء القبض عليهم وتجميد ممتلكاتهم. شهد 8 يوليو مجزرة بشعة خارج مسجد رابعة العدوية في القاهرة حيث قتل الجيش أكثر من 80 من أنصار الإخوان وهم يصلون.
هذا ما هو إلا نموذج من التكتيكات العسكرية المتبعة خلال السنوات الستين الماضية حسب رؤية عزام، حيث “الترويج للخوف” و “العودة إلى قمع الإخوان.”
قالت عزام: “إلى حدٍ ما، ممكن أن نقول ان الجيش و قوى المن عادت بقوة و هم يريدون أن يؤكدوا أنهم يديرون المشهد حتى لو كان من وراء الكواليس أو من خلف واجهة حكومة مدنية”.
شهدت مصر منذ سقوط مبارك انقسام بين أنصار مرسي ومختلف أجهزة الدولة: “كل المؤسسات التي كانت تحت تصرف الدكتاتوريين مبارك أو السادات من قبله” كما أوضحت.
“إنهم لا يريدون الإصلاح ولا يريدون التغيير ولا يريدون أن يروا أي زعيم إسلامي أو إصلاحي يتم انتخابه.”
ومع ذلك فإن القضية هنا ليست فقط الرئيس مرسي. إنه من خلفية إسلامية ولا يتعامل مع الأمور بسهولة، ولكن وفقا لعزام فالدولة العميقة لا تريد من أي شخص محاولة تغيير الطريقة التي تدار بها الأمور. “أنا لا أعتقد حتى أنهم يريدون ليبرالياً يزعزع النظام.”
“كانوا يعرفون أن مرسي يريد في نهاية المطاف الإصلاح والتغيير” وتابعت مها عزام قائلة: “لذلك اعتقد أن هناك تواطؤ بين الدولة التي كانت مصرة على الإبقاء على الوضع الراهن والمصالح الخاصة والمصالح التجارية الكبيرة، وكذلك القوات العامة والثورية حيث كانوا مستائين خلال العام الماضي “.
كان هذا بالضبط عرض للقوة على الأرض والتي تم الاستفادة منها من قبل الجيش. وقد أوضحت التقديرات إلى ما يصل إلى 33 مليون شخص كانوا في ميدان التحرير في ذلك اليوم مطالبين مرسي بالتنحي. وغالبا ما استخدمت هذه الأرقام لإثبات أن الجيش كان يتصرف في صالح الشعب المصري من خلال دعم انتفاضة مدنية.
هذا بيت القصيد، كما تقول عزام، و هو أننا لن نعرف الحقيقة أبداً لأنهم لم يذهبوا يوماً إلى صناديق الاقتراع.
في الأسبوع الماضي، نشرت ميمو تقرير دحضت فيه الأرقام المزعومة على أرض الواقع. حيث استناداً إلى فرضية أن 4 أشخاص يمكن أن يكونوا في كل متر مربع واحد، فإن العدد الإجمالي من المتظاهرين سيكون ما يقارب623,000 حسب المساحة التي احتلوها في محيط ميدان التحرير والقصر الرئاسي.
وحسب رؤية عزام لا شك بان الإحصائيات الأصلية غير دقيقة.
“مستحيل، هذا يعني ما يقرب من نصف سكان مصر قد خرجت إلى الشوارع وحتى بالنظر إلى الصور التي التقطت من قبل الجيش فلم تكن نصف مصر. لن يستطيع الناس أن يبقوا أحياء، وإلا لوجدنا أعداد من الموتى وأناس يتم سحقهم مثلاً. أنا لا أقول أن الأعداد لم تكن كبيرة ولكن من غير المرجع أن يكونوا 17 مليون “.
وقالت عزام أنه بالإضافة إلى التكهنات حول العدد المحدد من الناس، فإن استخدام الحشود في الشوارع لتبرير التدخل ليست وسيلة لتحديد من الذي يحصل على السلطة. فعذا ينفي قوة الصوت لدى الذين خرجوا للتصويت سابقاً. “إنها تقول للشعب لا تهتم بالخروج للتصويت في المرة القادمة فهناك عملية سياسية.”
تشير عزام إلى أنه مع الإدراك المتأخر يمكننا أن نحكم بأن الجيش كان يبحث عن نقطة لإعادة التدخل وتشكيل مستقبل مصر مرة أخرى.
وبالنسبة إلى التحالف مع المؤسسات، فقد كانوا لا يريدون تسهيل أي شيء لمرسي ووقفوا عقبة أمام جميع المبادرات من جانب الرئاسة. “الجيش وقف وراء ذلك وسمح للوضع أن يزداد فوضى أكثر وأكثر من الناحية الأمنية”.
وأضافت “لقد كانوا ينتظرون ويراقبون ما كانوا يأملون في أن تخطئ الرئاسة خطأ واحدا تلو الآخر من أجل الدخول ثانيةً إلى معترك السياسية”.
الكهرباء أصبحت على نحو أفضل “بين عشية وضحاها” بعد الإطاحة بمرسي وهذا يعني أنهم كانوا يمنعوا إمدادات الطاقة.
وتعتقد عزام أن الجمهور المصري سيربط عودة الكهرباء بالمؤسسة العسكرية التي تدير العرض مرة أخرى. وأضافت “إنهم سوف يقولون أن هذا لا يهمهم وان إمدادات الوقود هي الأفضل والحياة أكثر أمنا فلم لا.”
“ما الذي أقوله هو أن هناك مؤامرة ضد العملية الديمقراطية وبالأخص في اختيار رئيس إسلامي”.
هناك حدث رئيسي أخر جذب اهتمام وسائل الأعلام ألا وهو الدعم المالي بقيمة 12 مليار دولار والتي قدمت إلى مصر الجديدة من الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
أعطى ذلك سببا كافيا للناظرين للشك في أن اللاعبين المحليين خططوا لهذا الانقلاب لفترة طويلة جدا. فحينما كان مرسي في السلطة أعطته المملكة العربية السعودية مبلغ صغير من المال وتراجعت دولة الإمارات العربية المتحدة مرة أخرى عن التمويل وأصروا على أنهم كانوا ينتظرون الحصول على القرض من صندوق النقد الدولي.
وأضافت عزام “إنهم انتظروا لفترة من الوقت وكذلك رجال الأعمال المصريين. فقد عاد نخبة من كبار رجال الأعمال في مصر والذين يملكون الكثير من المال في الخارج إلى مصر بالقوة الآن، لذلك أعتقد أن هناك لوم على أعلى مستوى.”
وتابعت قائلة “لديك بلد فقير جدا مثل مصر بحاجة إلى المساعدة والدعم والاستثمارات ومن كان يستطيع أن يوفر ذلك ويساعد خلال ذلك العام الأول أصر على عدم المساعدة لأنهم كانوا يعرفون تداعيات العهد الناجح أو حتى بقاء النظام سواء كان ديمقراطي وإسلامي فقد كان تهديد لبقائهم على قيد الحياة على الأقل في المدى المتوسط و البعيد “.
وترى عزام انه من الممكن أن يعاد مرسي إلى مكانه مع ما يكفي من الضغط على الأرض واستمرار المقاومة. وأضافت “لكن هذا سوف يستغرق وقتا طويلا”.
يتم الآن رسم الخطوط بحرية أكبر، ليس بين الإسلاميين والعلمانيين والليبراليين، ولكن بين مستقبل مصر الذي يمكن أن يكون إصلاحي وديمقراطي وإسلامي و أخر يشبه القديم مع قليلا من الإصلاح. وأضافت “هذا هو الاستقطاب الذي كان موجود دائما ولكن أعتقد أنه أصبح أكثر وضوحا اليوم.”
وهذا لا يعني أن العلمانيين والإسلاميين لا يمكن أن يعملوا معا مرة أخرى في المستقبل طالما أنها لا تنطوي على العلمانيين من النظام القديم. “أعتقد أن هذا في المقام الأول في رسم خطوط المعركة لأن المشكلة ليست فقط مسألة تضمين فما لدينا هنا هو العودة إلى ما قبل مبارك.”
نحن الآن في “وضع رجوع” بعد الفرح الذي جاء مع رحيل مبارك. وقالت “إنها كلاسيكية ثورة مضادة مستوحاة من كتاب مدرسي”.
الإطاحة بمرسي “يشكل سابقة خطيرة جدا”، حيث أنه لم تمض مدة طويلة على المحاولة الأولى للعملية الديمقراطية والانتخابات البرلمانية “بعيداُ عن أوروبا الشرقية وغيرها.”
“الإشارة التي ترسل إلى المنطقة هو أن العملية الديمقراطية وصناديق الاقتراع لا تعمل حقا. سواء كان بالجيش أو بالأجهزة الأمنية، فإن الصناديق يمكن أن تضر أي محاولات لإرساء للديمقراطية إذا كانت النتائج لا تروق لها وبوسعها أن تقوم بذلك ليس فقط من تلقاء نفسها ولكن بدعم من المجتمع الدولي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “.
مترجم عن المقال الأصلي في ميدل إيست مونيتر