منذ إعلان رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل تحرير كامل التراب الليبي من سيطرة نظام القذافي في الـ 23 من شهر أكتوبر عام 2011، مرت ليبيا بالعديد من المحطات السياسية والعسكرية والأمنية.
ففي الـ 7 من يوليو عام 2012 جرت أول انتخابات برلمانية في البلاد، خرج من جعبتها المؤتمر الوطني العام الذي تولى رئاسته محمد المقريف، مقسمًا إلى 80 مقعدًا لقوائم الأحزاب، و120 لقوائم الفردي.
أقر المؤتمر الوطني العام قانون العزل السياسي أثناء ولايته في 11 أبريل عام 2013 الذي عده مراقبون الممهد لمرحلة انتقالية ثالثة، إذ روجت أحزاب وقبائل ومؤسسات مجتمع مدني ووسائل إعلام بدعم مصري إماراتي لانتهاء مدة المؤتمر في الـ 7 من فبراير عام 2014، انطلاقًا من حساب مدد بالإعلان الدستوري.
أزمة أثمرت العديد من المبادرات اتفقت كلها على انتهاء ولاية المؤتمر الوطني، وتباينت في تصورها لطبيعة المرحلة القادمة، ما بين تسليم السلطة إلى الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، أو للقضاء الليبي، أو جعل المؤسسة العسكرية في الخط المامي من العمل السياسي، إلا أنها انتهت إلى إجراء انتخابات مجلس للنواب في 25 يونيو 2014.
وجرى انتخاب أول هيئة تأسيسية لصياغة مشروع الدستور في 20 يوليو 2013، مكونة من 60 عضوًا، موزعين على أقاليم ليبيا الثلاث برقة وطرابلس وفزان، إضافة إلى المكونات الثقافية والعرقية، انتظم منهم 56 عضوًا بسبب مقاطعة الأمازيغ وعدم إجراء انتخابات بدرنة لأسباب أمنية.
انقلابان أعلنهما المتقاعد حفتر؛ الأول تليفزيوني في فبراير من عام 2014 على شاشة قناة العربية، والثاني دشن به ما أسماها بعملية الكرامة بدعوى محاربة الإرهاب في مدينة بنغازي في 16 من مايو من نفس العام، إذ حاولت قواته الدخول إلى بنغازي فتصدت لها كتائب الثوار، لتندلع بعد ذلك اشتباكات في محور مطار بنينا، انتهت بفشل العملية وتدمير جزء كبير من المرافق الحيوية بالمدينة وتهجير آلاف الأسر.
وفي الـ 7 من يوليو انطلقت عملية فجر ليبيا العسكرية بعد تهديد حفتر بزعزعة الاستقرار والتمدد إلى مدن غرب ليبيا، مستندة إلى تطبيق قرار المؤتمر الوطني العام رقم 27 الخاص بإخلاء العاصمة طرابلس من الكتائب المسلحة، وإعادة ما وصفته العملية بهيبة الدولة.
ودعا قادة العملية المؤتمر الوطني العام للانعقاد وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وذلك بعد إصدار مجلس النواب في طبرق قرارات اعتبرتها العملية مضرة بمسار ثورة فبراير، ومهددة لقادة الثورة بالملاحقة القضائية، والدعوة إلى التدخل الدولي.
في الـ 29 من شهر سبتمبر عام 2014 انطلقت أول جولة مفاوضات بين نواب مقاطعين وآخرين حاضرين لجلسات مجلس النواب برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برئاسة الإسباني برناردينو ليون في مدينة غدامس جنوب غرب ليبيا، وضعت فيها خطوط عامة للمسار التفاوضي، كتشكيل حكومة وفاق وطني، ووقف العمليات العسكرية، وسحب الكتائب من المدن.
في 6 نوفمبر أصدرت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية حكمها القاضي بعدم دستورية فقرة في خارطة لجنة فبراير المضمنة للإعلان الدستوري، وهو ما ترتب عليه بحسب قانونيين اعتبار مجلس النواب منحلاً.
حكم المحكمة العليا مهد لعودة المؤتمر الوطني كطرف فعلي في الحوار السياسي الذي توسعت دائرته لتشمل مجالس بلدية ونوابًا مقاطعين وأحزاب سياسية وقبائل والمرأة وشخصيات مستقلة، انتهى بعد جولات إلى صيغة مسودة اتفاق سياسي لم توقع بشكل نهائي بعد، وإعلان تشكيل حكومة توافق وطني، لم تحظ هي الأخرى بالتوافق المطلوب.