ترجمة وتحرير نون بوست
قبل أربع سنوات، وفي مثل هذا الأسبوع، توقعت بجرأة بأن ميت رومني سيحظى حتمًا بترشيح حزبه، الحزب الجمهوري، للانتخابات الأمريكية للرئاسة لعام 2012.
من المسلم به بأن هذا التوقع لم يكن حقًا أكثر التوقعات جرأة، ولكن في ذلك الوقت كان السلك الصحفي مهووسًا بسياسة الباب الدوار لمتصدري المنافسة من غير رومني، والكثير من الأشخاص السياسيين الحذقين كانوا مقتنعين بأن الانحرافات الأيديولوجية لرومني ستكلفه خسارة ترشيحه لقيادة الحزب في الانتخابات الرئاسية في نهاية المطاف.
ولكن في الواقع لم يخسر رومني ترشيح الحزب، وكان أي شخص يستطيع التنبؤ بظفره لتمثيل الحزب الجمهوري من خلال استخدام آلية بسيطة للغاية للتوقع، تتمثل بأن جميع المرشحين الآخرين كان من المستحيل أن نتخيلهم كمرشحين عن الحزب، ومن خلال تطبيق آلية الاستبعاد، رومني كان ببساطة هو الشخص المطلوب.
ولكن انتخابات الرئاسة لعام 2016 مختلفة للغاية عن الانتخابات السابقة، فمرشحو الحزب الجمهوري اليوم هم أقوى عمومًا، وليس هناك أحد يستطيع ليّ ذراع الحزب كرومني من خلال المال والتأييد العالم، كما أن دونالد ترامب وبن كارسون يتمتعان بحظوظ أكبر للبقاء في السلطة من ميشيل باكمان أو هيرمان كاين.
ولكن ومع ذلك، لا يزال بإمكاننا تطبيق لعبة آلية الاستبعاد مرة أخرى للحكم على الترشيحات الحزبية لمنصب الرئاسية للانتخابات القادمة.
تعالوا نلعب معًا هذه اللعبة، لا يوجد حزب كبير قام بترشيح شخصية كترامب أو كارسون في أي وقت مضى، ولا أعتقد بأن ترشيحات الحزب الجمهوري لعام 2016 ستكون سابقة في هذا المجال، اللحظة التحررية لراند بول جاءت ومضت، وكارلي فيورينا تبدو في حملتها وكأنها تترشح لمنصب في مجلس الوزراء، جون كيسيك معتدل للغاية، ومتعنت لاعتداله هذا، كريس كريستي لم تتعافّ سمعته بعد من فضيحة الأقماع المرورية، سكوت ووكر وريك بيري ذهبا بلا عودة، تيد كروز لديه قاعدة شعبية جيدة، ولكن عددًا كبيرًا جدًا من الجهات الفاعلة ضمن الحزب تمقته وتكرهه، بوبي جندال ومايك هاكابي محاصران من خلال كارسون وكروز، ريك سانتوروم، ليندسي غراهام، وجورج باتاكي، محكومون بالفشل نتيجة لعدم مبالاة الناخبين بهم، وهذا يتركنا فقط مع جيب بوش وماركو روبيو لترشيحات الحزب الجمهوري لعام 2016.
بشكل عام عانت حملة جيب الانتخابية من فشل كبير في الآونة الأخيرة، فأرقام المؤيدين له تسقط بشكل كبير، حيث تصدر هو وترامب قائمة استطلاع حديثة لسكان أيوا حول المشرح الرئاسي الذي يجب عليه إسقاط ترشيحه بالسرعة القصوى، وكما أشار أحد المستشارين الجمهوريين لصحيفة الناشيونال ريفيو هذا الأسبوع، ترشيح جيب يبدو وكأنه يعول بشكل صافٍ على المانحين الكبار، فدعمه من المانحين الصغار لا يزيد سوى بثلاث مرات عن الدعم الذي حصل عليه لورانس ليسيج، الأكاديمي الحكومي الذي يدير حملة دونكشوتية ضد هيلاري كلينتون، وهو الموضوع الذي تحدث عنه نون بوست في المقال “لورنس ليسيج: الساعي لتغيير قواعد لعبة الانتخابات في أمريكا”
إذن هذا يتركنا مع روبيو، فسيناتور فلوريدا، وعلى عكس جميع المرشحين الآخرين، من السهل للغاية أن نتصوره كمرشح عن الحزب الجمهوري، كونه يتقارب مع مركز الحزب أيديولوجيًا، وشعبيته بين الجمهوريين قوية باستمرار، كما أنه مبدع بالمناظرات السياسية، ويمتلك قصة شخصية عظيمة، وأسلوبًا جذابًا، فضلًا عن أن سيرته السياسة أكثر إثارة للإعجاب من معظم منافسيه؛ إنه يخيف الديمقراطيين في الانتخابات العامة، وعلى الرغم من أن دعمه الماضي لإصلاح سياسة الهجرة بشكل شامل يقبع كمسؤولية كبرى على عاتقه، ولكنه أظهر براعة أكبر من جيب بوش في معالجة هذه المسألة، علمًا أن الإخفاق في إحدى المسؤوليات ليس كافيًا لإخراج مرشح من سلك المنافسة طالما أنه، وبخلاف ذلك، يبدو في موقع الفائز بشكل اعتيادي.
روبيو يبدو في أحسن حالاته اليوم، وأسواق الرهان تثقل كفته كمرشح مرجح للحزب الجمهوري، ويمكنني أن أقول بأنني أعتقد بأنه سيتصدر المنافسة، وأتوقع بأنه سيظفر بها.
ولكنني أقول هذا التوقع بحذر شديد، وليس بجرأة كبيرة، لأن روبيو هو متصدر غير اعتيادي للمنافسة، فروبيو لم يسبق له وأن قاد حملة استطلاع وطني قبل الآن، كما أنه لم يقم باختبار مؤيديه، ولم يجنِ ما يكفي من الدعم النقدي، ومجموع ما حصّله من التبرعات النقدية يبدو ضعيفًا للغاية إذا ما قورن بموقفه القوي ضمن الانتخابات، ولا أحد يبدو معجبًا بتنظيمه لانتخابات الولايات الأولية، فضلًا عن أنه كسب جولة من التغطية المؤيدة بعد كل نقاش بدون أن يحقق الكثير من التقدم بشكل عام.
يسهل علينا أن نتصور فوز روبيو في الانتخابات الوطنية التمهيدية بشكل عام، ولكن يصعب حقًا أن نتنبأ بالولايات التي سيكسب صوتها، فهو معتدل نوعًا ما بالنسبة لولاية أيوا، ومحافظ نوعًا ما بالنسبة لنيو هامبشاير، وربما لا يتمتع بالعقلية الهجومية التي تكفيه لاغتنام أصوات ولاية كارولينا الجنوبية، ومن هذا المنطلق فقد ينتهي به المطاف للاعتماد، كما حصل مع رودي جولياني، على ولايته الأم في فلوريدا.
من الممكن أن يفوز أحد المتنافسين بترشيح الحزب رغم عدم فوزه بانتخابات الولايات الأولية، خاصة إذا كان المرشحون الذين ظفروا بهذه بالأصوات لا يبدون كمرشحين قابلين للفوز بالرئاسة، وهذه هي الطريقة التي فاز بها بيل كلينتون في عام 1992، ومن هذا المنطلق، يبدو ترشيح روبيو للانتخابات وكأنه يحمل بعض أوجه التشابه الواضحة مع ترشيح كلينتون.
من الممكن أيضًا أن يتم توحيد المال والدعم حول روبيو حتى يتمكن من انتزاع فوز ضيق في أيوا أو في نيو هامبشاير، وفي هذه الحالة يمكن بسهولة أن يقلب الطاولة بعد ذلك.
ولكن السؤال الذي يُلح في الأذهان هنا، لماذا لم يظهر هذا التوحد حتى الآن؟ طالما أن روبيو هو في الواقع الأوفر حظًا للظفر بالترشيحات الحزبية، ألا ينبغي أن ينجرف عدد قليل على الأقل من الجهات المانحة الكبيرة من مخيم جيب ليدعموا روبيو؟ وألا يجب أن يقول الناخبون الذين يتابعون المناظرات السياسية بشغف لاستطلاعات الرأي “دونالد شخص ممتع، وأنا معجب بكارسون، ولكن لنكن واقعيين أنا سأصوت لروبيو”؟.
أعتقد بأن ذلك سيحصل، وأتوقع حقًا حصوله، ولكن في حال لم يحصل، فأنا أتوقع بأن ميت رومني لا يزال جاهزًا للخدمة.
المصدر: نيويورك تايمز