الحجارة، الإطارات المشتعلة، ورائحة البارود وحدها لم تكف لتؤجج بؤرة الانتفاضة بفلسطين، بل رافقتها الحروف الإلكترونية التي لم تصمت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فنقلت مجريات الأحداث والتفاعل بين الأفراد بشكل سريع والنشر وإبداء الرأي وتحفيز الروح الوطنية للشباب المتلقي، وأيضًا اتباع هاشتاجات معينة عبر الفيسبوك وتويتر، ونشر مقاطع الفيديو والصور إثر وقوعها لحظة بلحظة، حتى أصبحت متاحة لكافة شرائح المجتمع.
خالد صافي مدون ومدرب الإعلام الاجتماعى بغزة أشار في حديثه أن وسائل التواصل الاجتماعي دخلت على خط المواجهة مع المحتل بقوة، وأصبحت عاملًا مؤثرًا في مجريات الأحداث على الأرض، وباتت دليلًا للمتظاهرين الفلسطينيين تظهر لهم خريطة الاشتباكات، وتنشر لهم معلومات توعوية حول أساليب الأمان خلال المواجهات، وتابع “سعى النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في غزة للمشاركة بما لديهم من قوة للانتفاضة مع الرئة الأخرى للوطن في الضفة، ولم يمنعهم من ذلك الحاجز المكاني ولا الزماني، فانطلق المغردون في انتفاضة موازية للتغريد بالصور والمقاطع المرئية التي تصلهم، في محاولة لتجنيد طاقاتهم لدعم قضيتهم العادلة في استجابة سريعة وفاعلة منذ انطلاق الشرارة الأولى للانتفاضة الثالثة”.
وأوضح صافي أن “عدد التغريدات على الوسوم المعتمدة وصل لأكثر من 20 ألف تغريدة خلال أول أربعة أيام لاندلاع الانتفاضة، وصلت لأكثر من 5 مليون متابع حول العالم، تركزت في الوطن العربي وبعض الدول الأوروبية وأمريكا، كما اعتبر صافي أن الوسوم والهاشتاجات كلمات مفتاحية للدلالة والتعبير عن حملة أو مناسبة معينة، أو شرح قضية ما، كما أنها تشرح معلومات سريعة للمتابعين.
ومن أبرز الهاشتاجات المستخدمة بالانتفاضة #الانتفاضة_انطلقت، و#القدس_تنتفض، وهو الهاشتاج الذي انتشر سريعًا ليس فقط في القدس إنما في العديد من الدول العربية مثل الأردن ومصر، وأيضًا من الهاشتاجات، #الضفة_تقاوم ،و#الأقصى_لنا.
وفيما يتعلق بأبرز التغريدات:
#غرد_بصورة | وقفة في جامعة #بير_زيت حيث ستنطلق مسيرة نحو حاجز "بيت ايل" شمال #البيرة. #الانتفاضة_الثالثة pic.twitter.com/wWs6sxVT6v
— Rand Fuad Nadia (@RandFuad) October 7, 2015
المجد كل المجد للمرابطين وعلى أبواب الاقصى مدافعين وعن شرف الأمة مقاتلين . #لن_يقسم #المسجد_الاقصي pic.twitter.com/DDCQ1nYAe4
— توفيق حميد – غزة (@tawfek11) September 30, 2015
صار اسمها #الانتفاضة_الفلسطينية_الثالثة والكل يغرد على #الانتفاضة_انطلقت
ما المطلوب من المغردين حتى تظل جذوة هذه #الانتفاضة متقدة؟
— خالد صافي #غزة (@KhaledSafi) October 7, 2015
أنا على يقين أننا سننتصر، وقريباً سنُصلي في #المسجد_الاقصي فاتحين مُحررين، هذا يقين على الله فلا تقلقوا على #فلسطين وأهلها.
تصبحون على وطن.
— أدهم أبو سلمية #غزة (@adham922) October 4, 2015
كما انتشرت الصفحات الداعمة للانتفاضة الثالثة عبر الفيسبوك مثل”صفحة الحملة الشعبية لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني”، والتي حازت على إعجاب حوالى 30.303 من المتابعين والداعمين لها خلال أيام وجيزة، بالإضافة إلى صفحة “الضفة تقاوم، وصفحة “الهبة الشعبية لدعم الأقصى”.
كما تشير الإحصائيات أن عدد مستخدمي الفيسبوك في الضفة الغربية وقطاع غزة ما يقارب مليونًا ونصف المليون؛ منهم 840 ألف من الذكور، و600 ألف من الإناث، وفق إحصائيات العام الماضي، ومن بين مستخدميه في فلسطين، بلغ عدد الشباب في الفئة العمرية (15 – 29 عامًا) نحو مليون وستين ألفًا؛ منهم 580 ألف من الذكور، و460 ألف من الإناث.
هذه الأرقام تشير إلى الدور الفاعل الذي يمكن لموقع مثل الفيسبوك أن يلعبه، وهو ما ظهر جليًا في الأحداث الجارية حاليًا، وما سبقها من أحداث خلال العامين الماضيين.
وأطلقت المخابرات الصهيونية بالأسبوع الأول من الانتفاضة أكثر من 5000 حساب على موقع فيسبوك من أجل مراقبة المستخدمين ورصد حالة التفاعل الإلكتروني مع الأحداث، بالإضافة لتعقب ما إذا كان هناك تلميحات تتحدث عن عمليات استشهادية مرتقبة.
وحول الاستمرارية بمتابعة الأحداث بأنحاء الوطن من خلال التواصل الاجتماعى تقول الصحفية شروق المدهون: “غزة لم تأن عن متابعة كل ما يجري في الضفة والقدس بحق المقدسات والمواطنين، وإبرازه للعالم، دون التغاضي عن أقل حدث، ولفت الانتباه خاصة تجاه التدنيس والتسلط وقتل الفتيات والأطفال بدم بارد، نحن لا نذهب للضفة، نحن على تواصل بشكل فوري عبر العالم الإلكتروني الذي يجمعنا بأحداثه، فييزيد من هبة الشباب ودفاعهم عن أرضهم ونشر الحقيقة، بالإضافة إلى أنه يؤثر بشكل كبير على الرأي العام العالمي، فيوضح الوجه السيء البشع للاحتلال وعنجهيته وعنصريته تجاه الفلسطينيين، وكذلك تظهر الشباب الفلسطيني المكافح والمناضل الذي يدافع عن حقه، لا المعتدي والإرهابي كما يصورها الاحتلال”.
الناشط الإعلامى على الطويل هو أيضًا متمسكًا بقوله أن انتفاضة القدس اتفقت بمسماها مع سابقتها ولكن اختلفت بمضمونها، لولادتها من تلك الأجهزة الصغيرة والكلمات التي تحمل بين طياتها تلك المعاني النضالية والكفاحية.
اليوم لم تعد الرسالة تحتاج لوقت لنشرها لوصول حقيقة الاحتلال الإسرائيلي لوقت لفضح جرائمه وممارسته ضد الشعب الفلسطيني، حيث يمتلك أغلب الأشخاص أجهزة ذكية تمكنهم من نقل الأحداث أول بأول ونشرها بشكل حر دون قيود وبالتالى يزيد الحراك الشعبى ودعم الانتفاضة.
يجد الفلسطينيون أنفسهم في خضم انتفاضة ثالثة، ولكنهم هذه المرة يتسلحون بسلاح جديد وهو العالم الافتراضي الذي شكل حاضنة وطنية في وقت تراجع فيه دور الفصائل، وأصبح المواطن الصحفي يمسك بزمام الأمور ليخبو دور الإعلام التقليدي، فالكلمة الأولى الآن للفيسبوك وتويتر ويوتيوب.