أكد رئيس الوزراء التركي “أحمد داود أوغلو”، أنهم عازمون على العمل خلال الفترة المقبلة من أجل “تأسيس دولة تركيا جديدة تتمتع بالقوة والتقدم، وخالية من كافة أشكال الإقصاء، الاستقطاب، العنف، الفوضى، والإرهاب”.
جاء ذلك في كلمة ألقاها رئيس الحكومة التركية، بعد منتصف ليلة أمس الأحد، من شرفة مقر حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه، بالعاصمة التركية أنقرة، بمناسبة فوز حزبه بالانتخابات النيابية المبكرة التي جرت أمس الأحد، بنسبة كبيرة تمكنه من تشكيل الحكومة منفردًا، وفق نتائج أولية غير رسمية.
واستهل رئيس الوزراء التركي، خطابه بإرسال التحية والسلام إلى المسلمين في كافة أنحاء العالم، ولا سيما المظلومين منهم، مؤكدًا لهم أن “بلاده ستواصل العمل من أجل رفع صوت الحق، والوقوف بجانب المظلومين في كل مكان”.
وتعهد أوغلو في خطابه “بمواصلة التقدم بشكل يتناسب مع الآمال والتطلعات التي علقها علينا من انتخبوا حزبنا، وغيرهم ممن لم ينتخبونا، وسنواصل الرقي والاستقرار من أجل رفعة البلاد”، مضيفًا “ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أتقدم بالشكر لجميع أبناء الشعب التركي”.
وتابع قائلًا “سننأى بتركيا بعيدًا عن كافة أشكال الصراعات والمصادمات”، موضحًا أن “هذا الانتصار لكافة أبناء الشعب التركي، بموظفيهم، معلميهم، نسائهم، رجالهم، شيوخهم، وأطفالهم، انتصار لـ78 مليون تركي، وليس لأنصار حزب واحد فقط”.
وقال رئيس الوزراء التركي مخاطبًا جماهير الحزب، إن الكثيرين حاولوا التآمر على بلاده، “ولكن الأتراك أفشلوا ذلك”، مؤكدًا “نحن سنستمر بخدمة تركيا وخدمتكم إلى يوم القيامة”، وأضاف أن تركيا تخلصت من المشكلات والعوائق التي عرقلت مسيرتها، بعد أن أدت مشاركة الأتراك الواسعة بالانتخابات إلى إسقاط المؤامرات، على حد قوله.
وأضاف أن “الشعب التركي أوضح من خلال الانتخابات أنه يرغب في حل قضايا الأمن والاستقرار، تحدثت تركيا وتحدث شعبنا في هذا العرس الديمقراطي، وسمع العالم أجمع كلمتهم، لن نتراجع قيد أنملة عن القانون والعدالة والحب والرحمة فيما بيننا، فحقوق الجميع في أيد أمينة، بكل تأكيد سنحافظ على حقوق 78 مليون تركي”.
وشدد رئيس الحكومة على أن “تركيا ستكون أكثر قوة وأكثر رحمة، ستتخلص بكل تأكيد من لغة العنف والكراهية، نحن في طريقنا للحرية بما تملكه بلادنا من ديمقراطية، سنواصل طريق التقدم والتطور”، وذكر أن “هذه الانتخابات ليس فيها خاسر، والفائز هو تركيا وشعبنا وديمقراطيتنا، الفائز هم الفقراء والمظلومون، ومن لا مأوى لهم، النتيجة التي أسفرت عنها الانتخابات، انتصار للسلام والاستقرار والعدالة، وليكن الشعب مطمئنًا، فالرسالة التي تلقيناها منه، سيجد أثرها خلال السنوات الأربع القادمة”.
ولم ينس زعيم “العدالة والتنمية” الإشارة إلى أن “تركيا بهذه النتيجة تحررت من كافة أشكال القيود التي أراد البعض تقييدها بها، وتخطت كافة العقبات التي وُضعت في طريقها، وتلقى من أراد أن يحتكر إرادة الشعب الرد والجواب اللائق به، من الشعب نفسه”، واستطرد قائلًا، “ليعلم الجميع من أبناء الشعب التركي، أيًا كانت مذاهبهم أو أعراقهم، أننا سنواصل خلال السنوات الأربع القادمة، تحمّل مسؤوليتنا تجاه الجميع بشكل متساوٍ دون تمييز أو إقصاء”.
وسلط “داود أوغلو” في خطابه الضوء على التنوع الذي تعيشه تركيا قائلًا، “سنواصل النظر إلى التنوع الذي تحظى به البلاد على أنه مصدر ثراء لنا، نحن عازمون على حماية الحقوق، ولا يعتقد أحد أننا سنتنازل عن القيم الديمقراطية والمكتسبات التي حققناها على مدار الـ13 عامًا الفائتة”، وتابع قائلًا “وأقولها بكل صراحة نحن نضمن حرية الرأي والعقيدة لجميع المواطنين، ونضمن لكم أمن حياتكم وممتلكاتكم، بعد هذه النتيجة نحن عازمون على مواجهة الإرهاب بما لدينا من إرادة ورغبة في تعزيز أخوّتنا”.
وفي نهاية خطاب الفوز، ناشد أوغلو الأحزاب السياسية الأخرى قائلًا: “من هنا أناشد كافة الأحزاب السياسية، أن تكون جهودنا وطاقتنا من أجل مصالح تركيا ومستقبل هذا الشعب، النظام الحالي المعمول به في تركيا بات لا يلبي احتياجات البلاد، فلنشمر عن سواعدنا من أجل تركيا جديدة خالية من العنف والفوضى والاستقطاب، تركيا جديدة يلقي كل فرد فيها التحية على الآخر بحب وسلام”، هذا وتابع، “كما أناشد كافة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، التكاتف من أجل كتابة دستورًا قوميًا جديدًا، وذلك من أجل نظام انتخابي صحي وسليم، ومن أجل تشكيل حكومة شفافة ونزيهة، أتمنى أن نتعاون معًا لنترك الدساتير الانقلابية، ونكتب معًا دستورًا مدنيًا ليبراليًا”.
وأمس الأحد، شهدت تركيا إجراء انتخابات نيابية مبكرة، لجأت إليها الدولة، بعد فشل الأحزاب السياسية في تشكيل حكومة ائتلافية بعد الانتخابات النيابية التي جرت في يونيو الماضي، التي لم يفز فيها أي حزب بأغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة منفردًا.
وأظهرت نتائج أولية غير رسمية للانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في تركيا أمس الأحد، تحقيق حزب “العدالة والتنمية” فوزًا كبيرًا.
وبعد فرز 99.58% من الصناديق، وصلت نسبة الأصوات التي حصل عليها حزب “العدالة والتنمية” الذي يترأسه، أحمد داود أوغلو، إلى 49.41%، حاصلًا على 316 مقعدًا في البرلمان، مما يتيح له تشكيل حكومة بمفرده، وهو ما لم يتحقق في انتخابات 7 يونيو الماضي.
وحصل حزب الشعب الجمهوري، برئاسة كمال قليجدار أوغلو، على نسبة 25.38% من الأصوات (134 مقعدًا)، وحصل حزب الحركة القومية، برئاسة دولت بهتشلي، على نسبة 11.93% من الأصوات (41 مقعدًا)، بينما حصل حزب الشعوب الديمقراطي، بزعامة صلاح الدين دميرطاش على 10.70% من الأصوات (59 مقعدًا)، في حين حصلت الأحزاب الأخرى والمستقلون على 2.58% من الأصوات، وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 85.46% من إجمالي من يحق لهم التصويت من الناخبين الأتراك.