نقلت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرًا يُفيد إفلات الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري من الاعتقال أثناء تواجده في بريطانيا في منتصف سبتمبر الماضي أثناء مشاركته في معرض للسلاح في العاصمة البريطانية لندن.
ملاحقة محمود حجازي فشلت في الإيقاع به بسبب “حصانة خاصة” أُعطيت له من جهة دبلوماسية داخل الخارجية البريطانية حالت دون اعتقاله، فحجازي أحد الشخصيات التي يتم ملاحقتها قضائيًا في بريطانيا من قِبل معارضين لنظام السيسي بتهم متعلقة بارتكاب جرائم حرب في مصر عقب الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو عام 2013.
وحينما علم مقيمو هذه الدعاوى القضائية بتواجد حجازي على الأراضي البريطانية قاموا بالتواصل مع وحدة جرائم الحرب في المباحث البريطانية “سكوتلاند يارد”، وقد ردت الشرطة عليهم في يوم 16 سبتمبر قائلة: “سوف ننظر في أي فرصة تسنح لتوقيف أو استجواب حجازي، كما جرى بشأنه النقاش معكم من قبل”.
قبلما تعود الشرطة وتعتذر إلى مقيمي الدعاوى ضد حجازي عن إمكانية القبض عليه في بريطانيا بعد حصوله على الحصانة الدبلوماسية المؤقتة، وهو ما جعل المحامين الموكلين من قِبل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين يعتزمون اللجوء إلى القضاء من أجل إبطال أي قرار يمنح الحصانة الدبلوماسية المؤقتة للمسؤولين والمساعدين في النظام المصري.
وأكملت صحيفة الجارديان في تقريرها أنها اتصلت بوزارة الخارجية البريطانية للاستفسار عما إذا كان مسؤولون آخرون في نظام السيسي قد تم منحهم “حماية دبلوماسية مؤقتة” كتلك التي حصل عليها حجازي، وكان رد ناطق باسم الوزارة: “نظرًا للسرية التي تحيط بالمراسلات الدبلوماسية، فإننا لا ننوي الإفصاح عن أي تفاصيل بشأن طلبات حصانة قد تكون أجيزت أو قد تكون رُفضت، يجري التعامل مع أي طلب للحصول على وضع مهمة خاصة بناء على مجمل حيثيات الحالة المعنية، التي قد تقبل أو ترفض بناء على أساس قانوني أو أساس متعلق بالسياسة المتبعة”.
يُذكر أن حجازي الذي كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية في مصر كان أحد الذين أشرفوا على عملية فض اعتصامات رابعة العدوية والنهضة التي أقامها الإسلاميون رفضًا لانقلاب الجيش على الرئيس السابق محمد مرسي.
تتزامن هذه الأخبار من اقتراب زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى بريطانيا في استقبال رسمي، حيث تثير هذه الزيارة جدلًا واسعًا بين في الأوساط البريطانية، بسبب اتهام السيسي ونظامه بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مصر عقب قيادته انقلاب عسكري على رئيسه محمد مرسي قبل عامين، فيما وقع أكثر من 55 شخصية سياسية على مذكرة تطالب رئيس الوزراء البريطاني بإلغاء زيارة السيسي إلى لندن، معتبرين أنه “يقود نظامًا إرهابيًا في الشرق الأوسط”.
في الوقت نفسه تقود مكاتب قانونية وكلتها جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا نضالًا قانونيًا ضد نظام السيسي، حيث عملت طوال عامين على رفع دعاوى تتهم السيسي وشخصيات بارزة في نظامه بارتكاب جرائم حرب علنية، منها إطلاق النار الجماعي على المتظاهرين في عدة مناسبات مختلفة عقب الانقلاب العسكري، وممارسة الاختفاء القسري على المعارضين، واختطافهم وتعذيبهم وتنظيم محاكمات صورية لهم صدرت عنها أحكام جماعية بالإعدام دون مواجهة اتهامات حقيقية.
حيث يؤكد، طيب علي، الشريك في مؤسسة آي تي إن القانونية، وهي المؤسسة التي تمثل حزب الحرية والعدالة، أن إجراءات حكومة المملكة المتحدة “أحبطت مسار العملية الجنائية”، وأنه سيتقدم بطلب مراجعة قضائية ضد قرار الحكومة.
وأضاف في تصريحاته: “كان ينبغي على كاميرون أن يحاسب السيسي ونظامه ويحملهما المسؤولية عن العديد من الجرائم التي ارتكبوها ومازالوا يرتكبونها في مصر، كان ينبغي على رئيس الوزراء أن يكون في مقدمة من يطالبون بمحاكمة هؤلاء الطغاة أمام المحاكم الدولية، لا أن يدعوهم لتناول الشاي معه داخل مقر رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت، ما من شك في أن هذه الازدواجية في المعايير من قِبل حكومتنا هي التي تسعر حمى التطرف، بينما تؤدي في الوقت ذاته إلى تقويض العدالة وسيادة القانون”.
كما يرى محامون أن أمر الحصانة يشكل سابقة اتخذتها الحكومة البريطانية يمكن استخدامها لحماية العديد من المشتبه فيهم الذين سيسافرون مع السيسي إلى بريطانيا، هذا وقد سبق أن نفى السفير البريطاني في القاهرة، جون كاسن، إمكانية اعتقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نفسه كما تطالب المعارضة المصرية في لندن، وذلك لأن رؤساء الدول يتمتعون بحصانة، مؤكدًا أن المطالبة بمحاكمته أثناء الزيارة المرتقبة “ليس لها قيمة” على حد وصفه.
الجدير بالذكر أيضًا أن هذه ليست السابقة الأولى للحكومة البريطانية التي تستخدم فيها نفس الحصانة الدبلوماسية المؤقتة، حيث استعملت من قِبل الخارجية البريطانية العام الماضي للسماح لتسيبي ليفني، وزيرة العدل الإسرائيلية، بزيارة لندن لحمايتها من الاعتقال، والملاحقات القضائية المحتملة، على خلفية اتهامها بانتهاك للقانون الدولي، والمشاركة في جرائم حرب إبان العدوان العسكري على قطاع غزة عام 2008.