تلقى أحمد الغازي – والذي كان عاطلًا عن العمل – اتصالاً لحضور مقابلة شخصية في الرياض، سافر إلى المدينة بأسرع وقت ممكن، وهناك عُرض عليه المشاركة في برنامج واقع تلفزيوني تنافسي يرعاه صندوق التنمية البشرية (هدف) اسمه برنامج الإصرار، يشارك في البرنامج ستة متنافسين في كل حلقة، ويتم إخضاعهم لدورات واختبارات على مدى أسبوع لتطوير واختبار أدائهم الوظيفي، على أن يفوز أحدهم بالوظيفة (التي هي بمثابة الجائزة) وراتبها ١٢ ألف ريال سعودي (قرابة ثلاثة آلاف دولار)، أما الباقين فستُوفر لهم دورات تدريبية ويوقعون على عقود عمل.
وافق أحمد منجذبًا لما رآه عرض وظيفي من صندوق التنمية ومجموعة بحجم الـ MBC في السعودية، ووقع ورقة يتعهد فيها بالالتزام بأوقات التصوير ومتطلباته، ويتنازل فيها عن كل حقوقه المادية والمعنوية حسب نص التعهد، وعلى موافقته لاستخدام اسمه ومسماه الوظيفي والتصوير الذي شارك فيه للبث والإعلان، في أي مواقع.
وبعد ثلاثة أيام، عاد من مدينته في الشرقية إلى الرياض للتصوير (قرابة أربع ساعات بالسيارة)، سأل عن موقع سكنه كمشارك في البرنامج فقيل له أن عليه أن يدفع تكاليف سكنه من حسابه الخاص، وفي الصباح التالي انتظر منذ الصباح الباكر طاقم التصوير مع بقية المشاركين، حتى جاءوا أخيرًا لاستلام وجبات الفطور من الفندق (موقع التصوير) دون أن يبالوا بالمشاركين.
بعدها أخيرًا، تبين لأحمد أن الأمر مجرد مسرحية والمسابقة مفبركة، فأغلب المشاركين معه على رأس العمل أصلًا، وحين بدأ العمل أخيرًا، لم يكن هناك برنامج تدريبي ولا دورات، بل تم إبلاغهم بتعليمات وسيناريوهات لتمثيلها واتباعها من أجل التصوير، مع ذلك وافق أحمد على مضض في سبيل الوظيفة.
لم تكن هناك أي دورات تدريبية ولا مسابقات ولا مراحل، والتحدي الذي يفترض أن يتم خلال أسبوع صُور خلال 36 ساعة.
ومما يزيد من أهمية هذه النقطة أن هذا التصوير المفبرك لم يكن منظمًا حتى، وأضاع المنتجون ساعات انتظار في عدة مناسبات، إحداها تأخر مقدمة البرنامج علا فارس لأربع ساعات، والتي تمثل الوجه الإعلاني للبرنامج وتواصل الإعلان عنه عبر حسابها في تويتر.
وشارك أحد المدربين في برنامج طاقات التابع لهدف – واسمه عبدالله العودة – خلال دقيقتين تصوير، فُبركت لتبدو دورات تدريبية.
لا مجال للارتجال في البرنامج فحتى ما تقوله لجنة التحكيم يُقرأ من ورقة تعطى لهم، ووقتها وإلى جانب العضو الضيف في لجنة التحكيم والذي يمثل الشركة التي تمنح الوظيفة الجائزة، حدد أحمد ثلاثة من الأعضاء المتناوبين في البرنامج وهم خالد الخضير سارة العايد، ومحمد أبو داوود.
بعد انتهاء هذا الكابوس بستة أشهر وعدم رؤية أحمد أي نتائج لوعود منتجي البرنامج من دورات أو وظائف، لجأ أخيرًا إلى “تويتر”، ليسأل ويخاطب الإعلاميين في البرنامج هناك، وجراء ذلك تلقى اتصالاً من مدير الإنتاج، وعده فيه بدورات تدريبية (وهي جزء من الاتفاق الأصلي) لكن بدون الوظيفة، على أن يتوقف عن التغريد في تويتر.
بعدها بخمسة أيام قرر أحمد الإعلان عن القصة كاملة وكل تفاصيلها المُحرجة والتي نقلناها عنه، كما عبر عن شعوره بالإساءة نتيجة التعامل مع الشباب السعوديين بهذه الطريقة التي تظهر استهانة بالغة بقدرهم كمواطنين، واستغلالًا بشعًا لمعاناتهم كباحثين عن فرص عمل، وليناشد ولي ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان للتدخل لوقف هذا الاستغلال البشع للشباب من قِبل الـ MBC.
حينها توالت ردود الأفعال المتعاطفة والغاضبة من المواطنين والمواطنات السعوديين، لتليها تصريحات المسؤولين ابتداءً بوزير العمل الدكتور مفرج الحقباني، والذي صرح بأنه تواصل مع أحمد وسيأمر بالتحقيق في البرنامج، وبأنه كلف هدف بنفسه لإيجاد وظيفة لأحمد.
الجديد بالذكر أو بالتذكير هنا أن أحمد لم يتصل بالبرنامج، بل كان البرنامج من وجد أحمد كعاطل سعودي عبر هدف، وكانت هذه محاولتهم لإيجاد الوظيفة، بالإضافة إلى أن أحد مدربيها شارك في تسجيل الحلقة وفبركتها، ولذلك فيصح التأكيد على أن هدف شاركت بشكل مباشر فيه، مع ذلك تستمر معاملة هدف بصفتها جزءًا من الحل لا المشكلة، والاكتفاء بالتحقيق في الجهة الإعلامية المسؤولة.
وتواصلت ردود الأفعال لتشمل أعضاء البرنامج، عبر تويتر أيضًا، حيث أعلنت المقدمة علا الفارس تحويل الموضوع للدائرة القانونية حسب تعبيرها، لكنها عادت وتساءلت في اليوم التالي “تتحدثون عن الظلم؟ وضعتم اسمي في بداية حربكم،لمَ تتحدثون عني وكأني المسؤول وصاحب القرار”، وطالبت: “إن كانت مشكلتكم مع أي طرف تعاملوا معه، أنا علا فقط”، ووصفت علاقتها بالبرنامج كالتالي: “مهمة كُلفتُ بها مجانًا للعمل بها وتوظيف التأثير في برنامج هادف، وبهذا أُكافأ!”، كما أنكرت تأخرها على المشاركين.
أما خالد الخضير وسارة العايد – عضوا لجنة التحكيم – فأطلقوا بيانًا وصفوا فيه برنامج الإصرار وعلاقتهم به كالتالي: “برنامج هادف ومميز أطلقه صندوق تنمية الموارد البشرية، لكي يساهم في تحقيق رؤية الصندوق بإنتاج قوى عاملة منتجة… إلخ، وعلى هذا الأساس قمنا بالمشاركة فيه كأعضاء متطوعين … إلخ، وتم إبراز كافة الأحداث فيه بواقعية، والتقييم أيضًا يخضع لمحددات واضحة وكل مشارك يعلم الأسباب التي تؤدي إلى التأهيل أو الاستبعاد والكيفية التي تتم بها”.
ومن جانبه فقد أضاف أحمد الغازي أنه سيرفع قضية رد اعتبار وتعويض مادي من جميع الأطراف التي أساءت لشخصه، فور انتهاء التحقيق.