بعد تسع سنوات من وفاته، ظهرت معلومات جديدة تتعلق بأسباب وفاة ياسر عرفات، أو بكلمات أكثر دقة، أسباب مقتله.
فقد كشف علماء سويسريون وجود بولونيوم مشع برفات عرفات، وسط تقديرات بأنه مات مقتولا بهذا السم. حيث عثر العلماء المكلفون بفحص عينات من رفات عرفات على مقادير تصل إلى 18 ضعف المعدل الاعتيادي من مادة البلولونيوم المشع، مما يرفع إلى 83% نسبة الاشتباه بأنه مات مسموما بهذه المادة.
وأفاد تقرير من 108 صفحات صادر عن المركز الجامعي للطب الشرعي في مدينة لوزان السويسرية، بأن مقادير غير طبيعية من البولونيوم وجدت في حوض عرفات وأضلاعه وفي التربة الموجودة تحت جثمانه
التقرير ظهر إلى العلن في ظروف من شأنها أن تسبب إحراجا لثلاث جهات رئيسية بخلاف إسرائيل:
الأولى هي السلطة الفلسطينية التي طلبت رسميا من الخبراء السويسريين إجراء فحوص للعينات وتسلمت نسخة من التقرير, لكنها لجأت قبل ذلك إلى روسيا وسلمتها أيضا جزءا من العينات، إلى جانب تعويلها على التحقيق الجنائي الذي فتحته فرنسا في القضية إثر دعوى رفعتها سهى عرفات أمام القضاء الفرنسي ضد مجهول.
أما الجهة الأخرى التي يمكن أن يمثل لها التقرير إحراجا فهي فرنسا. فقد مات عرفات على أرضها من دون أن يتمكن أطباؤها من اكتشاف سبب موته. وهي التي يقوم خبراء الطب الشرعي فيها أيضا بفحص عينات مشابهة لتلك التي فحصها العلماء السويسريون, دون أن يعرف متى يفرجون عن النتائج.
أما الجهة الثالثة فهي روسيا التي أعد خبراؤها تقريرا عن فحصهم لعينات من الرفات وأعلن أحدهم عدم العثور على بولونيوم فيه. لكن هيئة الطب الشرعي الروسية تنصلت من ذلك التصريح، وقالت إنها سلمت تقريرها إلى وزارة الخارجية الروسية.
من جانبها اتهمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسرائيل بالمسؤولية عن وفاة عرفات. ودعا المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري السلطة الفلسطينية إلى إعلان وقف المفاوضات مع تل أبيب فوراً وإجراء تحقيق في ملابسات الجريمة.
وفي تعليق غير رسمي من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، اتهم عضو اللجنة المركزية للحركة عباس زكي إسرائيل باغتيال عرفات، وقال “نحن نتهم إسرائيل مباشرة باغتيال عرفات فهو منذ تعرضه لأزمة مرضه وكأنها تحدد اليوم الذي سيموت فيه”.
وتعتقد اسرائيل ان السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس لن يتخذا خطوات من شأنها ان تعطل سير المفاوضات وبالتالي سيعمل عباس على استخدام مقتل عرفات كورقة ضغط تفاوضية في تجاهل للجانب القانوني والجنائي من عملية الاغتيال.
ومن المعلوم أن أرييل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال فترة مرض عرفات ووفاته، كان يرى في الزعيم الفلسطيني “إرهابيا” و”عدوا” ودعا للتخلص منه، لكن إسرائيل كررت نفيها أن يكون لها دور في مرض عرفات أو وفاته.
إلا أن التقرير الجديد يؤكد ضلوع إسرائيل في اغتيال عرفات، ربما عبر أحد من لهم مصلحة في مقتله من المقربين منه، ربما يكون بعضهم ممن يجلسون على طاولة المفاوضات الآن.