ترجمة وتحرير نون بوست
أبدى عدد من الشخصيات السياسية البريطانية محاولة أخيرة لثني الحكومة البريطانية عن قرارها بتوجيه دعوة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك مع تأهب المشير السابق لزيارة لندن يوم الأربعاء المقبل.
في حديثها ضمن مؤتمر صحفي في وستمنستر، نظمه المجلس الثوري المصري وحملة أوقفوا السيسي، حذرت مها عزام، زميلة الدراسات في مؤسسة تشاتام هاوس، من أن السيسي يحاول تصوير نفسه بأنه “حصن” الاستقرار، وصديق المملكة المتحدة في الحرب ضد الإرهاب.
“التطرف العنيف في مصر اطرد بنسبة ثلاثة أضعاف منذ أن جاء السيسي إلى السلطة”، قالت عزام، وتابعت، “هناك تنامٍ في التشدد وزيادة في دعوات داعش والجماعات الشبيهة لها”.
من جهة أخرى، أشار بيتر أوبورن، كاتب عمود في صحيفة الميدل إيست آي وصحيفة السبيكتيتور، بأنه لم يتوقع أن يجد نفسه على ذات المنصة التي تقف عليها ليندسي جيرمان في تحالف “أوقفوا الحرب”، وتابع موضحًا بأن جرائم السيسي “لم تعد مسألة يمين أو يسار بل مسألة حق أو باطل”.
“سيكون من الأفضل إذا تم إلغاء هذه الزيارة، حتى في هذه اللحظة المتأخرة” قال أوبورن، وتابع، “ومع ذلك، وفي حال لم يتم إلغاؤها، فمن المهم للغاية أن يعمل رئيس الوزراء على إثارة جميع القضايا التي أثرناها في هذه المؤتمر”.
وصل الإخطار الرسمي لزيارة السيسي مساء يوم الإثنين، وهو وقت متأخر في عرف الزيارات الدبلوماسية، وفي بيان صحفي، قال متحدث باسم الحكومة “إن الزيارة تهدف إلى تنسيق ورفع العلاقات إلى مستوى شراكة جديد قائم على تعزيز أفضل للاستقرار والتنمية في مصر”، وتابع موضحًا “الرئيس السيسي سيعقد لقاءً ثنائيًا مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لبحث سبل تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والأمني، وكذلك لمناقشة آخر التطورات الإقليمية والتحديات التي تواجهها الدولتان، وتحديدًا الإرهاب”.
من المقرر أيضًا أن يلتقي السيسي عددًا من المثقفين البريطانيين، وسيتم أيضًا توقيع مذكرتي تفاهم في مجالات الأمن والتعليم العالي بين مصر والمملكة المتحدة خلال الزيارة.
وفي ذات السياق، انتقدت مؤخرًا إحدى أشهر الشخصيات العامة، البارونة هيلينا كينيدي، وهي صحفية مخضرمة ومحامية متخصصة في حقوق الإنسان والحريات المدنية، زيارة السيسي إلى لندن علنًا، حيث جاء في رسالة كتبتها في قسم الرسائل بصحيفة التايمز، “السيسي أتلف نظام العدالة وحط من سيادة القانون، حيث تم عقد محاكمات جماعية سريعة مررت عقوبة الإعدام على قوائم جماعية من المتهمين الذين كانوا يعملون في الحكومة السابقة، وهذه الأحكام شملت امرأة شابة حوكمت غيابيًا، في الوقت الذي كانت به تتقدم لدرجة الماجستير في جامعة أكسفورد، وهي الآن تعيش هنا تحت تهديد عقوبة الإعدام”، وتابعت منتقدة، “ترفيه الجنرال السيسي في هذا الوقت هو إهانة للقيم البريطانية، وأحث الحكومة على سحب دعوتها”.
من المقرر أن تخرج عدد من المظاهرات في بريطانيا خلال فترة زيارة السيسي، بما في ذلك مظاهرة دعم له في يوم الخميس.
المملكة المتحدة هي أكبر شريك مستثمر، من غير العرب، في مصر، والزيارة التي سيقوم بها الرئيس قد يُنظر إليها على أنها وسيلة لضمان استمرار هذه العلاقات.
يشير أندرو سميث، من حملة معارضة تجارة الأسلحة، بأن المملكة المتحدة شاركت في البداية في عملية تقييد انتشار الأسلحة مدفوعة بالحرج، وعلقت تراخيص تصدير 49 سلاحًا إلى مصر بعد بداية حملة القمع الحكومية التي أسفرت حتى الآن عن زج أكثر من 40.000 شخص في السجون وآلاف القتلى، ومع ذلك، وبمجرد إشاحة التسليط الإعلامي عن هذه المسألة، تم رفع أغلب بنود الحظر.
“أعتقد بأننا نتفق جميعًا على أن بيع وسائل القتل للسيسي هو أمر خاطئ تمامًا، فنحن نبيع الأسلحة لديكتاتور يعتقل الصحفيين، ومسؤول عن إعدام وقتل أعداد كبيرة من الأشخاص”، قال سميث، وأضاف “ولكن عندما يتعلق الأمر بالجوانب الأخرى من التجارة يطفق نقاش آخر، فأنا أعتقد بأن أي دعوة للمقاطعة ستسفر عن وجهات نظر مختلفة”.
يشير أوبورن بأن دعم السيسي وتجميد إصدار تقرير جينكينز الذي قيّم أنشطة وأيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين، الجماعة المحظورة حاليًا في مصر لكونها منظمة إرهابية، هي علامات واضحة على ممارسة الضغوطات على المملكة المتحدة من قِبل حلفائها في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
“هذه الحكومة وحكومة حزب العمال الجديدة التي سبقتها تتمتع بسجل أسود من دعم ديكتاتوريات الخليج ضد الإسلام الديمقراطي” قال أوبورن، وأضاف “إنه نمط سلوكي تتبعه الحكومات البريطانية، لذلك فإنني أرى بأن الموقف المرحِب والحميمي الذي انتهجته الحكومة البريطانية هو جزء من إستراتيجية أوسع ترى بأنه من الأفضل التعامل مع مستبد متعطش للدماء في السلطة بدلًا من حكومة منتخبة”.
المصدر: ميدل إيست آي