الإنسان لم يصل إلى المريخ إلا في أفلام الخيال العلمي فقط، إذ أن الكوكب الأحمر كان يثير الفضول دائماً، وكان بطلاً أساسياً في أذهان كتاب السيناريو والمخرجين، دون أن يكون كذلك في الحقيقة، لكن بعد إعلان ناسا الأخير، ربما نجده قد تحول إلى واقع فعلاً ذات يوم.
فقد كشفت ناسا مؤخراً أن خططها لبناء أقوى وأكبر صاروخ في العالم قد قطعت شوطاً كبيراً، وأن هذا الصاروخ الذي يتوقع أن ينتهي بناؤه في 2018، سوف يكون قادراُ على إرسال أول إنسان إلى المريخ، قائلة إن هذه الخطوة سوف تكون خطوة تاريخية.
الوكالة قامت بإطلاق اسم (SLS) على هذا الصاروخ، وهي اختصار لكلمة تعني “نظام الإطلاق للفضاء”، ويعد هذا الصاروخ أول مركبة تصمم لمجابهة مخاطر الرحلة إلى المريخ في العالم، كما إنه أول صاروخ استكشافي منذ صاروخ ساتورن 5، المعروف شعبياً باسم “صاروخ القمر”، والذي استخدم في برنامج أبولو التابع لناسا لهبوط أول إنسان على سطح القمر منذ أكثر من أربعين عاماً، في 1969.
وسوف يكون هذا الصاروخ أقوى صاروخ تم بناؤه على الإطلاق، والذي سينضم إلى المركبة الفضائية “أوريون” ليدخل الولايات المتحدة الأمريكية إلى عهد جديد من استكشاف وجهات أبعد من مدار الأرض.
وقد قال بيل هيل، نائب المدير المساعد في قسم تطوير نظم الاستكشاف في ناسا، أن ناسا قامت بتصميم صاروخ SLS من الصفر، و إنهم أكملوا المرحلة الأولى من اختبار محركات الصاروخ والمعززات بنجاح، كما إن باقي مكوناته يجري الآن إنتاجها على قدم وساق، مضيفاً أنه كانت هناك تحديات للمشروع قبل ذلك، وسوف تكون هناك تحديات أخرى قادمة، لكن الاختبارات التي أجروها أعطتهم الثقة بأنهم على الطريق الصحيح للوصول إلى أول رحلة لهذا الصاروخ العملاق، واستخدامه في مد الوجود البشري الدائم في الفضاء العميق.
الخطوة القادمة لهذا البرنامج هي الحصول على شهادة موافقة على تصميم الصاروخ، والتي ستجري في 2017 بعد أن ينتهي تصنيعه واختباره، وسوف ينالها بعد أن يتم مقارنة الشكل النهائي للصاروخ بالتصميم الأولي، ليجري استعراض أخير، واختبارات أخيرة لاستعداداته للطيران قبل أن يأتي وقت الرحلة الفعلية في 2018.
وقد قال جون هونيكت، مدير برنامج إطلاق هذا الصاروخ، أن هذه خطوة عظيمة في تصنيع الصاروخ، وأن فريقه عمل بجد حقيقي، وهم يقتربون من إنجاز المهمة.
صاروخ SLS مصمم كي يبلغ طوله 322 قدماً، أي 98 متراً، وسوف يتحمل وزن 8.4 مليون باونداً من قوة الدفع عند انطلاقه، كما إنه يزن حوالي 5.5 مليون باوند، الصاروخ سوف يحمل أيضاً 70 طناً مترياً أو 154 ألف باوند من الحمولة، أي ما يماثل وزن 77 شاحنة طنية للبضائع.
الصاروخ سوف يستلزم مساعدة صاروخين معزِّزين متطابقين لكي ينطلق، بالإضافة إلى محركات بالغة القوة، وأجهزة كمبيوتر وإلكترونيات الطيران، بالإضافة إلى مصدر الطاقة، الذي يصل طوله إلى 200 قدم، وبقطر يبلغ 27.6 قدماً، وسوف يحمل الهيدورجين السائل المبرد بالإضافة إلى الأوكسجين السائل، ليغذي محركات الصاروخ الأربعة.
وقد توصلت خطط الصاروخ في نهاية المطاف إلى إبقاء نواته الأساسية ومركبة الإطلاق باللون البرتقالي، وهو اللون الطبيعي للعزل، بدلاً من طليها بالأبيض، وتستعد ناسا الآن لاختبار تأهيل ثاني للصواريخ المعززة لإطلاق الصاروخ، كما ستجري اختبارات للمواد الهيكيلية التي تكون نواة الصاروخ والأجزاء العلوية منه.
وقد كانت ناسا قد أكملت أيضاً سلسلة اختباراتها التطويرية الأولى لمحركات RS-25، وهو أحد المحركات الأربعة التي سيعتمد عليها الصاروخ العملاق، فقد اقتربت مطلع هذه السنة من إكمال اختبار النار الحارقة ما قبل الأخير، الاختبار كان قد بدأ في تمام الساعة الخامسة مساء واستمر مدة 535 ثانية، وهو الوقت الذي يستغرقه تشغيل المحرك أثناء الانطلاق الحقيقي، وقد اختارت مركزها الفضائي الموجود في المسيسيبي مكاناً لذلك، مركزة في سلسلة الاختبارات التي تمت بوضع المحركات الرئيسية لمكوك الفضاء السابق تحت ظروف معينة من الضغط والحرارة، وبالتالي فقد أعطى الفرصة للمهندسين للحكم على أدائه.
ويقوم المهندسون الآن بتحليل البيانات لكي يروا أداء المحرك في مستويات قوة انطلاق مختلفة، كما سيتم دراسة تدفق الوقود وأداء برمجيات الصاروخ، ولم يتبق إلا اختبار واحد لهذا المحرك قبل أن يدمج المهندسون المحركات الأربعة في نواة الصاروخ لإجراء اختبار موسع عليهم معاً، ويعرف صاروخ RS-25 بكونه المحرك الرئيسي لمكوك الفضاء، وأنه أول محرك قابل لإعادة الاستخدام في التاريخ.
وتعد توربينة الوقود على مضخة وقود هذا المحرك بالغة القوة لدرجة أنها إذا قامت بتدوير مولد كهربي بدلاً عن المضخة، فيمكنها أن تمد 430 ملعب بيسبول ضخم بالطاقة! أما بالنسبة للضغط في هذا المحرك، فهو يوازي الضغط في غواصة أسفل المحيط بثلاثة أميال كاملة.
وقد قال راجي ألكسندر مدير مكتب المفاهيم المتقدمة في ناسا أن هذا الصاروخ سوف يكون خطوة فارقة في تاريخ علم الفضاء، قائلاً إنه سيجعل تنفيذ المهمات أسهل وأسرع، فمثلاً، يمكننا أن نحصل على عينة من كوكب المريخ باستخدام صاروخ واحد بدل ثلاثة، كما يمكن تنفيذ مهمات أخرى كانت تعد قبل ذلك من الأحلام، مثل الحصول على عينات من قمر كوكب زحل إنسيلادوس، مضيفاً: “تستطيع الشعور بهذا من روح الحماسة المتقدة في نفوس من يعملون هنا، إنهم يدركون اقتراب الأمر من أن يصبح حقيقة”.
المصدر: ديلي ميل