اعتقل الأمن المصري 17 شخصًا مدعيًا أنهم “خلية إرهابية” تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بمحافظة الإسكندرية، وقد نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية المصرية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” بيانًا يتهمهم بارتكاب عمليات عدائية ضد النظام.
فوفق البيان هؤلاء الـ17 متهمين بعدة تهم؛ منها تفجير عبوة ناسفة بمنطقة مناورة القطارات بمحطة مصر، دائرة قسم شرطة العطارين بمحافظة الإسكندرية، وإبطال مفعول أخرى بذات المنطقة، وتفجير عبوة خلف المستشفى الإيطالي بمنطقة لومبروزو دائرة باب شرق، إلى هنا فالأمر يسير وفق روايات الداخلية المعتادة التي انطلقت منذ انقلاب الثالث من يوليو، حيث اعتاد المصريون خروج بيانات تتهم أفرادًا بالضلوع في عمليات عنف.
لكن هذه المرة أُضيفت تهمة جديدة من نوعها، وهي بحسب البيان أيضًا، سد المصارف ومواسير الصرف الصحي بإلقاء خلطة أسمنتية بداخلها لمنع تصريف المياه، وحرق وإتلاف محولات الكهرباء وصناديق القمامة؛ لإحداث أزمات بالمحافظة وإيجاد حالة من السخط الجماهيري ضد النظام القائم، وكل ذلك كالعادة مصدره وإثباته الوحيد تحريات جهاز مباحث الأمن الوطني “أمن الدولة سابقًا”.
الجدير بالذكر أن محافظة الإسكندرية وعدة محافظات مصرية أخرى قد ضربتها سيول مفاجئة نتيجة أمطار شديدة هطلت في الأسابيع الماضية أدت إلى وفاة وإصابة العشرات من المواطنين، وغرق وهدم العشرات من المنازل، وتعطيل مسارات المرور بسبب تجمعات المياه الهائلة التي لا تجد شبكات صرف مؤهلة لتصريفها.
ازدادت حالة السخط بين المواطنين بسبب تكرار أمر الإهمال في مواجهة السيول مع الأضرار البالغة التي تسببها لحياة المواطنين، وقد اعترفت الدولة رسميًا بسوء حالة البنية التحتية في الإسكندرية، والتي لا تستطيع مواجهة هذا الكم من المياه الناتج عن السيول، كما استقال محافظ الإسكندرية على خلفية فشله في التعامل مع هذه الكارثة التي أودت بحياة 8 مواطنين في أول مرة، وتكرر الأمر دون استجابة حقيقية من الحكومة.
بحثت الحكومة المصرية عن عدة أعذار لمواجهة الرأي العام بها كالعادة، لكن يبدو أنها لم تفلح في إقناع البعض، فاضطرات الحكومة لاستخدام ورقة “الإخوان” لنفي أي تقصير أو فشل يظهر على السطح للمواطن، فرئيس الوزراء اتهم مجموعة من المواطنين في البحيرة بأنهم من تسببوا في الأمطار الشديدة جراء إشعالهم حرائق كثيرة مما تسبب في تغير المناخ، بحسب ما رواه مواطن على الهواء مباشرة في برنامج تليفزيوني.
واتهم مسؤولون آخرون المتضررين بأنهم المسؤولون عن مواجهة الكارثة لأنهم لم يتخذوا حذرهم قبيل السيول، ليخرج آخر ويتهم المواطنين أيضًا بأن منازلهم غير مهيئة لاستقبال الأمطار الغزيرة، كل ذلك كان مثار سخرية بين الرأي العام خاصة على الفضاء الإلكتروني، لتخرج وزارة الداخلية المصرية بالحل للتخلص من هذه التبريرات الواهية الصادرة عن مسؤولين في الحكومة المصرية.
“الإخوان وراء كل أزمة في البلاد”، هكذا أصبح شعار النظام المصري الحالي الذي يتخلص من كل عبء وأزمة ليلقي التهم على كاهل جماعة الإخوان المسلمين، حيث اتهم النظام الجماعة من قبل بالتسبب في ارتفاع درجات الحرارة إبان الصيف، واتهمها بزيادة أحمال الكهرباء إبان أزمة الكهرباء، وبتعطيل المرور تارة في بعض المناطق، وأخيرًا اتهم أحد أعضاء الجماعة، وهو رجل الأعمال حسن مالك، بأنه وحده وراء انخفاض سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار.
ليستسيغ النظام بذلك التخلص من كل مشكلة تواجهه بهذه الطريقة السهلة التي لا تُكلف سوى إلقاء القبض على بعض المواطنين وإجبارهم على الاعتراف بتهم غير معقولة، مع تسويقها للرأي العام في محاولة للتغطية على كل تقصير وفشل.
هنا في حالة السيول، التي حذرت منها الهيئة القومية للأرصاد الجوية، قابلتها بنية تحتية متهالكة باعتراف المواطنين أنفسهم، وقد طالب المحافظ المستقيل من الحكومة، بحسب تقارير صحفية، مبلغ 75 مليون جنيه لإصلاح شبكات الصرف الصحي استعدادًا لموسم الشتاء، ولكن كان رد مجلس الوزراء سلبيًا على طلب المحافظ.
أما وزارة الداخلية فقد كان لها رأي آخر غير ذلك، فقد أرجعت مشكلة عدم تصريف مياه الأمطار إلى 17 شخصًا؛ تم إلقاء القبض على عشرة منهم خلال انعقاد جلسة عرفية لفض منازعة بين عائلتين في منطقة العجمي، فيما تم القبض على باقي المجموعة من أماكن متفرقة ومختلفه صباح يوم 17 أكتوبر 2015، وبحسب المحامين الذين تولوا الدفاع عن المجموعة، فقد تم إخفاء المتهمين قسريًا حتى تاريخ 24 أكتوبر 2015، إلى أن تم عرضهم على النيابة التي قررت حبسهم 15 يومًا.
قرار النيابة العامة جاء على ذمة قضية بها اتهامات متعددة من قِبل الداخلية، لكن لم يكن من بينها أي إشارة إلى ضلوعهم في تخريب بالوعات الصرف الصحي وسدها كما ادعى بيان وزارة الداخلية الأخير، حيث ظهرت هذه الاتهامات فقط منذ أمس، أي بعد 21 يومًا من القبض عليهم، حيث تم القبض عليهم جميعًا بحسب محاميهم قبل بدء هذه الأمطار والسيول، وهو ما يُظهر بصورة جلية تلفيق بيان الداخلية الاتهامات بحق 17 شخصًا في محاولة لإخراج النظام من مأزقه أمام الرأي العام.