“نحن من أسقطها” تسجيل صوتي منسوب لقيادي في تنظيم ولاية سيناء المسلح التابع لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في شبه جزيرة سيناء المصرية، أعلن فيه شخص يدعى “أبو أسامة المصري” مسؤولية التنظيم عن إسقاط الطائرة الروسية بحسب ما أوردت حسابات الكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تابعة ومؤيدة للتنظيم.
رفض المصري ذكر كيفية إسقاط الطائرة، مؤكدًا أن التنظيم سيعلن عن ذلك الأمر في التوقيت المناسب بالطريقة المناسبة له، في الوقت الذي يُثير فيه الحادث ضجة هائلة في الأوساط العالمية مع ترجيح فرضية وقوع عمل إرهابي أو تفجير داخل الطائرة نفسها.
في هذا الإطار نشطت أجهزة استخبارات عالمية للبحث فيمن وراء هذه الحادثة، حيث أوردت صحيفة التايمز البريطانية خبرًا يقول إن المحققين الاستخباراتيين البريطانيين يقومون بالبحث في القوت الحالي عن شخصية يقولون إنها هي التي خططت لتفجير الطائرة الروسية، مرجحين أن تكون هذه الشخصية “أبو أسامة المصري” زعيم تنظيم ولاية سيناء فرع داعش في مصر، والذي ظهر صوتيًا في تسجيل تبني العملية.
من هو أبو أسامة المصري؟
هذا الرجل الذي أعلن الجيش المصري أكثر من مرة عن مقتله، ولكن بعد كل مرة كان يتحدى المصري قوات الأمن المصرية بالخروج في مقطع مصور أو تسجيل صوتي ليعلن تكذيب أنباء مقتله، مثل ظهوره في المقطع التوثيقي الخاص بواقعة “كرم القواديس” الذي بثه التنظيم عقب العملية، وكذا المقطع المصور الخاص ببيعة عناصر تنظيم أنصار بيت المقدس لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام “داعش”.
المعلومات المتوافرة عن الرجل شحيحة للغاية، كما جرت عادة تنظيم الدولة وفروعه بعدم الإفصاح عن هوية قاداته إلا بالنزر اليسير من المعلومات، كما أن أجهزة الأمن المصرية لم تستطع تحديد هوية المصري بشكل دقيق، وجل المعلومات المتدوالة عنه ليست يقينية بالقدر الكافي.
المتعارف عليه عن شخصية أبي أسامة المصري أنه اسمه الحقيقي “محمد أحمد علي” من محافظة شمال سيناء عمرة يترواح بين 35-37 أصل عائلته من مدينة العريش، بينما تُشير تقارير أن المصري نشأ في دلتا النيل بالقرب من محافظة الشرقية.
وبحسب الصنداي تايمز فإن المعلومات غير المؤكدة تقول بأن المصري قد يكون تلقى تدريبات في قطاع غزة مع مجموعات جهادية في رفح الفلسطينية عبر الأنفاق الحدودية، كذلك سافر إلى سوريا وقاتل بجوار مجموعات جهادية بعد انطلاق الثورة السورية، و يعتقد أن المصري حاليًا يشغل منصب مفتي التنظيم وخطيبه المفوه المتحدث باسمه دائمًا.
فمع متابعة إصدارات التنظيم وجد أن للرجل إطلالته الخاصة كمتحدث لبق يتمتع بالفصاحة اللغوية، والذي يستشهد دائمًا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، مما يُستنتج منه خلفية المصري الشرعية القوية التي يستخدمها دائمًا في خطابه، على عكس ما ظهر على بقية أفراد التنظيم الذين يتحدثون بلغة أضعف في الإصدارات المختلفة، حيث يُحاكي المصري بالنسبة لتنظيم ولاية سيناء شخصية أبي محمد العدناني المتحدث باسم التنظيم الأم.
تؤكد التقارير الاستخباراتية الغربية أن أبي أسامة المصري هو القائد الفعلي لتنظيم ولاية سيناء والعقل المدبر لكثير من الحوادث التي تقع في سيناء وآخرها تفجير الطائرة الروسية، حيث ذكرت صحيفة التايمز في حديثها عن المصري أنه يُعتبر إحدى أهم الشخصيات في التنظيمات الجهادية المنتشرة في الشرق الأوسط لدى أجهزة الاستخبارات العالمية، والتي تقوم بمراقبته منذ فترة طويلة.
كما تؤكد مصادر أمنية أن البصمة الصوتية النادرة التي تمتلكها أجهزة الاستخبارات البريطانية مكنتها من التعرف على صوت المصري في البيان الصوتي الذي تبنى فيه ولاية سيناء عملية تفجير الطائرة، وبهذا يُعتقد أن بريطانيا تمتلك معلومات دقيقة عن شخصية المصري لا تمتلكها أجهزة الأمن المصرية التي أعلنت عن قتله أكثر من ثمانية مرات، ليظهر مجددًا في مقاطع مصورة تكذب أنباء مقتله.
حيث توجد رواية متدوالة لا يمكن التأكد من صحتها أن لدى بعض الأهالي من سكان مدينة الشيخ زويد, تؤكد أن أبو أسامة المصري, هو نفسه, هاني أبو شيتة, القيادي بالتنظيم, ولكنه يستخدم اسم حركي, للتخفي والتمويه لتجنب الملاحقات الأمنية, حيث يستشهد أصحاب هذه الرواية بالخطب السابقة التي كان يُلقيها أبو شيتة, أمام عناصر جماعة “أنصار الشريعة”، والتي تتماثل مع خطب المصري أمام عناصر ولاية سيناء.
كما تتردد رواية ثالثة تقول إن المصري شخصية وهمية، ليسري عبدالمنعم نوفل، القيادي الجهادي السابق بتنظيم “الناجون من النار”، وهو تنظيم جهادي ظهر أواخر عقد الثمانينيات ، وقد تحدثت الرواية عن تمكن نوفل من الهرب مع بعض أعضاء التنظيم من السجون خلال اندلاع ثورة 25 يناير وانضمامهم إلى المسلحين في سيناء، مما استدعى استخدام هذا الاسم الحركي.
ملاحقة بريطانية
في الوقت نفسه كشفت صحيفة التايمز أن بريطانيا عرضت على مصر وروسيا تنفيذ هجوم مشترك بقيادة بريطانية لتصفية المصري أو إلقاء القبض عليه عن طريق قوات خاصة بريطانية يتم إنزالها في سيناء.
وتبرر المخابرات البريطانية هذا التدخل الكبير في مسألة التحقيقات في قضية سقوط الطائرة الروسية بوجود عناصر جهادية بريطانية متورطة في هذا الحادث، وقد تثنى لهم التأكد من ذلك عبر اعتراض محادثات الكترونية صوتية لعناصر من تنظيم ولاية سيناء مع بعض العناصر التي تتحدث بلكنه إنجليزية بريطانية يُعتقد بانتمائهم في لإحدى المدن البريطانية، وبهذا ستكون المرة الأولى التي يتواجد فيها أفراد أجانب في تنظيم جهادي داخل مصر يُقاتل النظام المصري.
كل هذا في الوقت الذي يجري فيه التحقق من شخصية المصري تمهيدًا لملاحقته بمساعدة بريطانية، خاصة وأنه لا توجد معلومات بصرية كافية عن شخصية أبو أسامة المصري الذي تعمد التنظيم إخفاء ملامحه أكثر من مرة بطريقة مختلفة، ومع اتهامه بأنه العقل المدبر لإسقاط الطائرة الروسية يُعتقد أن يزيد التنظيم من عملية التمويه على شخصيته، مع زيادة وتيرة تأمينه الشخصي.