مازالت أسباب مقتل 5 جنود بينهم ضابطان أمريكيان، وآخر من جنوب أفريقيا، ومترجم أردني، إلى جانب منفذ العملية، النقيب أنور محمد سلامة أبو زيد، إضافة إلى إصابة آخرين أحدهم فارق الحياة لاحقًا متأثرًا بإصابته البالغة، في مركز لتدريب الشرطة بمنطقة الموقر شرق العاصمة عمان، غامضة ومثيرة للجدل في آن واحد.
وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام، والناطق الرسمي باسم الحكومة، الدكتور محمد المومني، كشف في تصريح رسمي الإثنين، معلومات حول الحادثة قائلًا، “إن شرطيًا قام بإطلاق النار باتجاه المدربين وزملائهم؛ ما أدى إلى مقتل المدربين الثلاثة وإصابة مدربين أمريكيين اثنين وأربعة أردنيين أحدهم بحالة سيئة، قبل أن تتعامل الشرطة مع الحادث وتقتل المهاجم”.
أبو زيد تقدم بطلب تسريح
ووفقًا لمصدر أمني، فإن “مطلق النار أبو زيد، كان قد تقدم بطلب إلى مديرية الأمن العام لتسريحه من الخدمة وإنهاء خدماته، وذلك من أجل العمل في دولة خليجية، لكن قيادته في المديرية رفضت طلبه ولم توافق عليه”.
وقال المصدر إن مديرية الأمن العام خاطبت عائلة الشرطي أبو زيد، من أجل استلام جثته الموجودة في مستشفى البشير، وذلك لغايات الدفن، حيث تم تشريح الجثة لبيان أسباب الوفاة.
عيار ناري سبب وفاة أبو زيد
من ناحيته، أوضح عدنان عباس، دكتور الطب الشرعي المشرف على عملية تشريح جثة النقيب أنور أبو زيد، أن “سبب وفاة الشرطي أبو زيد، هو إصابته بعيار ناري واحد نافذ في الرأس”، مؤكدًا أن هذه نتائج نهائية لعملية التشريح وإصدار شهادة الوفاة.
وفي استطلاع للروايات التي تشير إلى الحادثة، روى مصدر مقرب من العائلة ما يعتقده ذوو الشرطي أبو زيد، حيث يرى ذووه، أن “ابنهم النقيب فيما يبدو لم يكن هو المتسبب بإطلاق النار، ولم يكن طرفًا في الحادثة، إنما كان متواجدًا في مكان الحادث، حيث أصيب برصاصة في الرأس، أدت إلى وفاته”.
وبين المصدر ذاته، أن الأجهزة الأمنية داهمت منزل النقيب أبو زيد عقب وقوع الحادثة، وقامت بتفتيشه، ومصادرة كل متعلقاته، إضافة إلى التحقيق مع كافة أفراد العائلة.
هل ستشارك المخابرات الأمريكية في التحقيقات؟
ولأجل التكتم والغموض الذي يلف القضية لحساسيتها وارتباطها بالأجهزة الأمنية، حاولنا إجلاء بعض الغموض حول ملابسات القضية، فتحدثت إلى المحلل والصحفي راكان السعايدة، الذي رأى أن “الأسباب والدوافع وراء حادثة إطلاق النار المُشار إليها، مفتوحة على كل الفرضيات والسيناريوهات والاحتمالات”.
وقال السعايدة، “إن الجميع ينتظر معرفة أسباب ودوافع الحادثة، إذ قد تكون الأسباب والدوافع سياسية أو جنائية ناتجة عن غضب أو استفزاز أو انتقام، ولكن الواضح إلى الآن أنه لم يتضح السبب الذي دفع المسلح لإطلاق النار بمركز التدريب”.
وفيما إن كانت المخابرات الأمريكية ستكون طرفًا في التحقيقات الجارية، توقع السعايدة أن “تدخل المخابرات الأمريكية طرفًا في التحقيقات مع كافة الأجهزة الأمنية التي لها علاقة بالحادثة، مثل استخبارات الجيش والمخابرات العامة وإدارة الأمن الوقائي في مديرية الأمن العام”.
وفي إجابته على سؤال إن كان لمطلق النار أبو زيد علاقة مع تنظيم الدولة “داعش”، استبعد السعايدة هذا الاحتمال، قائلًا، “إن أردنا الذهاب إلى الأسوأ، فبالإمكان تشبيه هذه الحادثة بحادثة الشرطي أحمد الدقامسة الذي أطلق النار على فتيات إسرائيليات بسبب استهزائهن به أثناء صلاته قرب منطقة الباقورة في عام 1997”.
وفي توضيح منه حول من الأرجح فرضية “قتل الشرطي” أم “انتحاره”، رأى عضو مجلس نقابة الصحفيين السابق، أن يرجح فرضية القتل، قائلًا، “إن المتمعن في مجريات الحادثة ومدتها، وفقًا لما رواه الناطق باسم الحكومة، أنه فيما يبدو أن مطلق النار كان لديه سلاح أوتوماتيكي، إضافة إلى كمية كبيرة من الذخيرة، وإلا لما تمكن من قتل وإصابة هذا العدد، ولما حصلت المواجهة التي اضطرت الأجهزة الأمنية إلى قتله”.
وتابع السعايدة في وجهة نظره وتحليله بقوله، “أتوقع أن الأجهزة الأمنية كانت تفضل الإيقاع بالشرطي مطلق النار والقبض عليه حيًا، بدلًا من قتله، وذلك لما سيسهل عليها التحقيق، علاوة على ما سيتبين لها من خلال التحقيق دوافع الحادثة، وهل من تنظيم وجماعات مسلحة تقف خلف الشرطي أم لا، ولكن كما قلنا إنه فيما يبدو أن الشرطي كان مسلحًا جيدًا، ولديه كمية كبيرة من الذخيرة، فلم يتم السيطرة عليه فتم قتله، وهو الحل الميداني الأسلم والأقل للخسائر البشرية”.
وفي تصريحات صحفية محلية، أعلن النائب السابق في مجلس النواب، سليمان السعد، عم الشرطي أبو زيد، أن العائلة ترفض استلام جثة ابن أخيه إلى حين الكشف عن تفاصيل الحادثة، مبينًا أن ابن أخيه النقيب أنور أبو زيد، يبلغ من العمر 28 عامًا، ولديه ولدان، ويقطن بلدة ريمون في محافظة جرش شمالي البلاد.
أوباما: نأخذ الحادث بجدية
وفي تطور لاحق، زار الملك عبدالله الثاني، مصابي الحادث، في مدينة الحسين الطبية حيث يتلقون العلاج.
في السياق، وتعليقًا منه على الحادثة، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، “إن بلاده تأخذ حادثة إطلاق النار على أمريكيين في الأردن بجدية كبيرة”، في الوقت الذي أصدرت فيه السفارة الأمريكية في عمان بيانًا قالت فيه “نعمل عن كثب مع الحكومة الأردنية والأجهزة الأمنية المحلية على إجراء تحقيقًا كاملًا وشاملًا في الحادثة”.
تجدر الإشارة إلى أن مركز تدريب الشرطة في منطقة الموقر، يعد مركزًا مفتوحًا لتدريب الشرطة من كافة الجنسيات، حيث يتدرب فيه حاليًا 110 من عناصر الشرطة الفلسطينية، بالإضافة إلى 16 من الشرطة اللبنانية إضافة إلى جنسيات أخرى.
وتاليًا أسماء المصابين والقتلى الذين سقطوا في حادثة إطلاق النار:
1- Conrad Whitehom، جنوب أفريقي مشرف على تدريب البرنامج الفلسطيني، وقد لقي مصرعه في الحادثة.
2- Lioyd “Cari” Fields، أمريكي مشرف على تدريب البرنامج الفلسطيني، وقد لقي مصرعه في الحادثة.
3- James Damon، أمريكي مدرب في برنامج مكافحة الإرهاب ATA، وقد لقي مصرعه في الحادثة.
4- Manual Flores، أمريكي مدرب في برنامج مكافحة الإرهاب ATA، مصاب.
5- عوني محمود حمود أصفر، أردني موظف في شركة الدين كورب، مصاب.
6- ملازم جورج الحزوري، لبناني متدرب في برنامج مكافحة الإرهاب ATA، مصاب.
7- رقيب أمن عام عبد الرحمن دواس الخالدي، أردني متدرب في برنامج مكافحة الإرهاب ATA، مصاب.
8- كمال أحمد محمد اليحيى الملكاوي، أردني مترجم لدى شركة الجنوب، توفي لاحقًا متأثرًا بإصابته.
9- أحمد سمير عامر، أردني مترجم لدى شركة الجنوب، مصاب.
المترجم كمال الملكاوي
ما بين أبو زيد والدقامسة
بإلقاء نظرة على الحوادث التي تعرض فيها أجانب للهجوم من قِبل أردنيين، نجد أن شخصًا قام في عام 2006 باستهداف عدد من السياح في منطقة وسط البلد، وذلك بإطلاق النار عليهم، حيث قتل آنذاك سائحًا بريطانيًا، إضافة إلى إصابة 5 آخرين، هم بريطانيتان، هولندي، أسترالية، ونيوزلندية.
كما أقدم عدة أشخاص على اغتيال الدبلوماسي الأمريكي جيمس فولي في أكتوبر عام 2002، وهو مسؤول في الوكالة الأمريكية للإنماء الدولي.
وفي العام 1997، أقدم الجندي أحمد الدقامسة على قتل 7 فتيات إسرائيليات بسبب استهزائهن به أثناء صلاته، بالقرب من منطقة الباقورة على الحدود الأردنية الشمالية.
صور من موقع الحادث
المصدر: أردن الإخبارية