كان المواطن المصري بدر الجمل على موعد مع قصة جديدة من نوادر أجهزة الأمن المصرية التي تُسطرها يومًا بعد يوم، حيث وقع بدر فريسة اعتقال ولكن في توقيت مؤلم للغاية ليلة زفافه على عروسه بمحافظة الإسكندرية.
الشاب البالغ من العمر 27 عامًا أُلقي القبض عليه، أمس، فجأة بدون أية مقدمات من سيارة زفافه بالشارع بعد انتهاء حفل زفافه الصغير منتقلًا إلى منزل الزوجية، وذلك حينما أوقفتهم سيارة “ميكروباص” تُقل رجال أمن بزي مدني يُعتقد في تبعيتهم لجهاز الأمن الوطني – أمن الدولة سابقًا – ليقتادوه إلى مكان مجهول حتى هذه اللحظة.
بدر الجمل لم يكن يعلم أنه مطلوب على ذمة أي قضايا أمنية طوال الفترة الماضية، لكنه فوجئ بوضع اسمه منذ خمسة أشهر في إحدى القضايا العسكرية، بناء على اعترافات انتزعت تحت التعذيب لبعض المعتقلين المحتجزين في مديرية أمن الإسكندرية.
#خطفوا_العريس
مليشيات حقيرة يطلق عليها وزارة الداخلية ..إختطفوا العريس بدر الجمل وهو خارج مع عروسة بعد حفل الزفاف pic.twitter.com/Q4Ydo7ovXf
— Haytham Abokhalil (@haythamabokhal1) November 11, 2015
ومنذ ذلك الوقت وبدأت حياة بدر في الاضطراب بسبب هذه الاعترافات التي قد تُدينه في قضية لا يعلم عنها شيئًا، وبالفعل لم يحضر بدر الجمل كتب كتابه على زوجته خشية الاعتقال، وكذلك قرر بيع منزله حتى لا يتعرض له الأمن بعد زواجه، حسب رواية أهله، كذلك كان مقررًا أن يقيم حفل زفافه في أضيق الحدود دون حضوره شخصيًا، لكنه فضل أن يكون بجوار زوجته في هذا اليوم، وحدث ما كان يخشاه بدر، وحل ضيف ثقيل على فرحه أطفأ فرحة الجميع باعتقال العريس.
الأمن المصري بعد انتشار قصة اعتقال بدر أنكر كالعادة اعتقاله أو معرفة مكانه، ما يُذكرنا بواقعة اعتقال الناشطة إسراء الطويل التي اختطفتها قوات الأمن من الشارع، ثم أنكرت وزارة الداخلية احتجازها بل وتعهدت بالبحث عنها، ليتم إخفاؤها قسريًا قرابة الأسبوعين، لتظهر بعد ذلك متهمة في قضية لا تعلم عنها شيئًا، حيث روت أنها كانت محتجزة بأحد مقار الأمن الوطني.
العريس بدر الجمل نموذج جديد وشاهد اخر على بطش وغباء نظام عسكري فاشي مصمم يتجه بمصر نحو الهاوية #خطفوا_العريس pic.twitter.com/pNoh9dqjDa
— أسامة جاويش (@osgaweesh) November 11, 2015
البعض يتوقع سيناريو مشابه للشاب بدر الجمل، فبعد إنكار الداخلية اعتقاله، ينتظر محاموه ظهوره محملًا بعدة تهم ملفقة بعد خضوعه للتحقيق من قِبل الأمن الوطني، حيث أكد المحامون أنه بعد اعتقال بدر بعدة ساعات علموا أن حملة أمنية اصطحبت بدر معها لمداهمة بعض منازل أصدقائه، وهو الأمر الذي دعا بعض النشطاء لتحذير المتواجدين في عدة مناطق بالإسكندرية من الحملة الأمنية.
الناس الساكنة ف المنتزة وعصافرة وشرق
تنزل من بيوتها
الامن بيلف بالعريس المخطوف هناك#الداخلية_كلاب_مسعورة #خطفوا_العريس #إسكندرية
— Doha elwazeer (@Do7awz) November 12, 2015
هذه الواقعة لاقت تعاطفًا كبيرًا في الأوساط الشبابية على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تلقت حادثة اعتقال الشاب بدر الجمل من سيارة زفافه بغضب عارم، حيث اتهموا قوات الأمن المصرية بالتمادي في عملية التنكيل بالشباب، بل وبالتفنن في إلحاق الأضرار بهم.
https://www.facebook.com/sawsan.ali.50/posts/844543395662563
خاصة بعد معرفة وقع هذه الصدمة على عروسة الشاب بدر التي نقل بعض المقربين منها أنها أصيبت بصدمة عصيبة جرّاء اعتقال زوجها ليلة زفافهما مما أفقدها القدرة على النطق، ولا تزال أسرة بدر تجهل مكان احتجازه أو أية معلومات عنه.
#خطفوا_العريس
للأسف وصلني الآن بإصابة زوجة العريس المختطف بدر الجمل بصدمة عصبية أفقدتها النطق ..!!!
— Haytham Abokhalil (@haythamabokhal1) November 11, 2015
دشنت مجموعات حقوقية على مواقع التواصل الاجتماعي حملة لنشر الواقعة، أبرزت فيها عملية اعتقال الشاب دون إذن قضائي وإخفائه قسريًا، معلنين تعمد الأمن المصري السير على هذا النهج مع الشباب، إذ يتم القبض عليهم وتعذيبهم مع إخفائهم قسريًا لعدة أيام ربما تصل إلى شهور، ومن ثم إظهارهم بدون سابق إنذار مع اعترافات بتهم ملفقة انتزعت تحت التعذيب في مقار احتجاز غير قانونية.
أُطلقت الحملة تحت اسم “#خطفوا_العريس” في إشارة للتضامن مع الشاب بدر الجمل، ومحاولة للضغط الإعلامي والحقوقي لإظهار مكان احتجازه، إذ أوضح بعض المغردين أن هذه الواقعة من أفجع عمليات الاعتقال التي تختطف عريسًا يوم زفافه بلا أي سند قانوني.
من أفجع عمليات الاعتقال اللى نادرا لما بنسمع عنها إنهم ياخدوا عريس من فرحه وهو ايده في ايد عروسته وسط حبايبه!#خطفوا_العريس #مصر
— Amr Elqazaz (@amrsalama) November 12, 2015
الجدير بالذكر أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها التي يتعمد الأمن المصري فيها التعدي على الشباب واعتقالهم في أوقات كهذه، حيث اختطف قبل ذلك الشاب محمد رمضان وهو يقوم بشراء ملابس عرسه، كذلك اعتقل الشاب أيمن حامد من المنصورة ليلة زفافه أيضًا، في وقائع مماثلة لم تتورع أجهزة الأمن المصرية فيها عن ممارسة الأذى النفسي على المواطنين في هذه المناسبات.
بدر الجمل مش اول عريس يتخطف يوم فرحه
محمد رمضان اتخطف وهو بيشترى بدلة فرحه
ومحمد سيف اتخطف وهو مسافر لعروسته#خطفوا_العريس
— Doha elwazeer (@Do7awz) November 12, 2015
هذه الحادثة تقتح ملف المختفين قسريًا في مصر، والتي أشارت بعض المنظمات الحقوقية إلى أنه بات نهجًا متعمدًا لدى سلطات الأمن المصرية، حيث أشارت بعض التقارير الحقوقية إلى أن هناك عددًا يفوق 200 حالة مختفي قسريًا في حوداث مختلفة لا أحد يعلم عنهم أي شيء حتى الآن.
كما لا توجد إحصائيات دقيقة تشير إلى العدد الإجمالي لحالات الاختفاء القسري بمصر، لكن منظمات حقوقية وثّقت من خلال تقارير شهرية اختفاء ما يزيد عن 500 حالة، وظهورهم في مدد متفاوتة بعد ذلك متهمين في قضايا ملفقة، غالبيتهم تعرضوا للتعذيب في مقار احتجاز غير قانونية لدى جهاز الأمن الوطني.