بعد 12 عاما من التعاون في أفغانستان، ما بين قوات إيساف التابعة لحلف الناتو والمكونة من وحدات عسكرية من الإيطاليين والألمان والبولنديين والأمريكيين والأتراك واللاتفيين، وبعد قرار سحبها من أفغانستان في سنة 2014، تتوجه إدارة حلف الناتو إلى التكثيف من التدريبات العسكرية المشتركة، للاستفادة من العلاقات القائمة ما بين الوحدات، قيادة وأفرادا، حيث انطلقت أولى هذه التدريبات يوم السبت الماضي، وهي الأكبر منذ سبع سنوات.
التدريب الذي تم تسميته ب”ستيدفاست جاز”، يعتبر نوعيا من حيث عدد الجنود المشاركين فيه والذين بلغ عددهم 6000 جندي، وكذلك الدول المشاركة وهي حوالي 20 دولة عضو في الناتو، إلى جانب الدول المشاركة في هذا المشروع كالسويد وفنلندا وأوكرانيا، كما يعتبر نوعيا أيضا من حيث المكان الذي يقام فيه، إذ أنه يقام خارج أراضي حلف الناتو، وعلى الحدود الروسية، في بولندا ولاتفيا و منطقة بحر البلطيق.
ورغم تأكيدات فيليب بريدولف، القائد الأعلى لقوات حلف الناتو، على أن تواجد تدريبات “ستيدفاست جاز” على مقربة من روسيا “لا يهدف إلى إرسال أي رسالة كانت إلى روسيا”، فإن سيرغي شويغو ممثل روسيا في الناتو، قال لنظراءه –حسب صحيفة العرب-:”الواقع هو أن سيناريو هذه المناورات يتضمن هجوما على دول الحِلف من قِبل دول الجوار، وليس من الصعب تخمين من هي البلاد المجاورة التي يأخذها الحلف بالاعتبار”.
كما أضاف شويغو: “برنامج الدفاع الصاروخي في أوروبا يمضي قدما ولا يتمّ أخذ مخاوفنا بالاعتبار.. أرغب في أن أشدّد على أننا مستمرون في سعينا إلى تعاون عسكري مفيد للطرفين في الدفاع الصاروخي، لكن قبل أن نستطيع بدء أي مشروع صاروخي مشترك، نحتاج ضمانات قوية وحازمة وموثوقة ومُلزمة قانونيا، بأن نظام الدفاع الصاروخي الأميركي لن يُستخدم ضد الرادع النووي الروسي، إضافة إلى أننا نستمر بشعورنا حول عدم قدرتنا على التنبؤ فيما يتعلق بخطط أميركا وحلف الناتو بشأن الدفاع الصاروخي”.
أحد الخبراء في شؤون الناتو، صرح لصحيفة DW، مشيرا إلى أن “جيش روسيا وروسيا البيضاء أجريا تدريبات خاصة لقواتهم في شهر سبتمبر، في موقع “زاباد” الواقع على الحدود البولندية وبلاد البلطيق، وتواجد الناتو في هذه التدريبات لأغراض المراقبة وذلك بدعوة من الجهات المتدربة”، مضيفا أنه في المقابل، وجه الناتو دعوة لروسيا لمراقبة “ستيدفاست جاز”، مؤكدا على أن التعامل إلى حد هذه النقطة يعتبر شفافا من قبل كلا الطرفين.
غير أن الأمور تعقدت –حسب تحليل خبير الناتو كامب- بعد أن صرحت روسيا في بداية العام عن نيتها إنشاء قاعدة جوية في روسيا البيضاء على الحدود البولندية والليتوانية، “وهذا ما يدفع بولندا وبلاد البلطيق إلى رؤية “ستيدفاست جاز” إيجابياً”،حيث ختم كامب تحليله بالقول: ” يرسل الناتو عبر هذا المشروع الإشارة إلى البلاد المتخوفة من اعتداء عسكري عليها بأنه سيحميهم”.
وأما الخبير في شؤون الناتو، كارل هانز، فقد ركز على فوائد هذه التدريبات، وغيرها، على قوات إيساف وعلى حلف الناتو وكذلك على الدول الأعضاء في حلف الناتو، قائلا: ” التعاون الدائم بين الدول الأعضاء والبالغ عددها 28 ميزة لقوات الناتو المقاتلة في أفغانستان”، مضيفا: ” يتحلى الناتو في أفغانستان بميزات لا يملكها غيره، فاللغة ذاتها والعمليات وقوانين القيادة نفسها، فالأمر أشبه باستخدام برنامج كمبيوتر واحد بدلاً من 28″.