نعم، قد تبدو تلك الكلمات صادمة لأول وهلة، ولكن داعش بالفعل ليست تنظيمًا إرهابيًا، والقصد هنا ليس نفي قيامها بأفعال إرهابية بالمعنى العام للكلمة، فليس ثمة خلاف على الترويع الذي تقوم به بأفعالها، ولكنه نفي كونها “تنظيمًا إرهابيًا” بالمعنى المتعارف عليه حاليًا، والذي قد يضعها في سلة واحدة مع مجموعات كالقاعدة مثلًا، فداعش في الواقع أقرب لكونها دولة فعليًا منها لتنظيم أو حركة مسلحة، ولكنها دولة غير تقليدية كالدول القومية المنتشرة بطول الأرض وعرضها، وهو أمر ينبغي إدراكه جيدًا قبل الشروع في وضع استراتيجيات للتعامل معها واحتوائها أو مواجهتها.
داعش ليست وريث القاعدة
في خطاب متلفز بسبتمبر الماضي شرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطته لإضعاف داعش، ومن ثم القضاء عليها، وقام برسم خط مستقيم بين داعش والقاعدة قائلًا أنها “منظمة إرهابية بكل بساطة،” غير أن أوباما قد ارتكب خطأ كبيرًا هنا، إذ أن داعش في الحقيقة تمارس الإرهاب كتكتيك ليس إلا، في حين أن معظم سماتها لا تجعل منها جماعة إرهابية أبدًا، بل دولة نوعًا ما، أو على أقل تقدير كيان سياسي أقرب للدولة الكلاسيكية أو ربما بدول العصور الوسطى، ما هي تلك السمات إذن وكيف تميّزها عن الجماعات الإرهابية؟
تمتلك داعش مساحة من الأرض ترتكز لها وتهيمن فيها على مصادر الطاقة وخطوط الاتصالات وتحاول توسيعها بالقوة، على عكس القاعدة والتي تُعَد شبكة متحركة، كما أن معاقلها الأساسية هي بمثابة “عواصمها” أو مدنها الكبرى على غرار الدول القومية، في حين أن المدن التي يتواجد فيها مقاتلو القاعدة هي جيوب يلجأون ويختبأون فيها ليس أكثر، دون أن يقوموا بفرض نظام سياسي أو قانوني فيها، علاوة على أنها تمتلك قوة منظمة من ثلاثين ألف مقاتل على أقل تقدير، بينما تمتلك القاعدة بضعة مئات فقط، وأخيرًا فإنها تمتلك إمكانيات عسكرية معتبرة تدخل بها معارك حربية موسعة، في حين تقوم القاعدة بعمليات هجوم مفاجئة وسريعة ضد المدنيين بشكل أساسي.
تنبع الاختلافات عامة بين داعش والقاعدة من التاريخ المغاير لكل منهما، فقد نشأت القاعدة في أعقاب الغزو السوفيتي لأفغانستان، أي كحركة مقاومة في المقام الأول، وقد استمر تبلورها في أفغانستان حيث غابت، أو فشلت في إثبات حضورها على أقل تقدير، أية دولة حديثة بالمعنى الشامل على غرار العراق صدام وسوريا الأسد، فالجغرافيا الأفغانية الوعرة مع هيمنة الحسابات القبلية أكسبت القاعدة طابعها “المتمرد” على أية دولة، ناهيك عن أنه لم يُكسبها أية طموحات “دولتية” إن جاز التعبير، فقد كانت القاعدة ولا تزال تدعو مسلمي العالم إلى نوع من “التمرد الدولي” على النظام القائم.
داعش، على الناحية الأخرى، نشأت في أعقاب تراجع شرعية النظام العراقي الشيعي أولًا بعد الانسحاب الأمريكي، لتكسب في صفها قبائل العرب السنة، ثم بنشوب الصراع السوري ثانيًا، لتتمدد في المساحة الواسعة المتمركزة بين الشام والرافدين كنطاقين تاريخيَّين طالما وُجِدَت فيهما كيانات سياسية قوية، وفي ظل هذه الأحداث، انضمت لصفوف داعش مجموعة متنوعة من القبائل السنية الغاضبة من النظام العراقي، مع ضباط الجيش العراقي البعثي السابق الحانقين أيضًا على مكتسبات النظام الجديد، وهي سمات بعيدة جدًا عن “عقلية المقاومة” التي بُنيت عليها القاعدة، وأقرب لكونها نوعًا ما “مشروع دولة انتقامية.”
لماذا ستفشل استراتيجية الحرب على الإرهاب مع داعش
ثروة داعش النفطية تقارب على المائة مليون دولار شهريًا من السيطرة على 30 ألف برميل نفط من العراق و50 ألف برميل نفط من سوريا
في أعقاب حادثة الحادي عشر من سبتمبر، أسست الولايات المتحدة بنية تحتية استخباراتية كاملة، ونوعيات معينة من العمليات العسكرية موجهة للقاعدة وحلفائها، وهي مجموعة مؤسسات تفوق 250 مؤسسة، وتنتج سنويًا خمسين ألف تقرير عن “الإرهاب” وسُبُل تمويله بشكل أتاح لواشنطن تعقب الأموال واستخدام نفوذها المالي الدولي لمنع وصولها للقاعدة قدر الإمكان، علاوة على تعقب شبكات تجنيد المقاتلين، والقيام بضربات جوية في أفغانستان على أماكن لجوء واختباء قياديي التنظيم، وهو نظام أثبت كفاءته في الحقيقة نسبيًا ويفسر غياب أية عمليات إرهابية ضخمة منذ ذلك الوقت في الولايات المتحدة وحتى اليوم.
كل هذه البنية التحتية لا تُجدي في الواقع مع داعش كما قد يخيّل للبعض في البنتاجون أو البيت الأبيض، فالطائرات التي قتلت حوالي 75% من قيادات القاعدة في السنوات الماضية لا يمكن استخدامها لتعقب قادة داعش نظرًا لتمركزهم في مراكز حضرية مليئة بالمباني وتضم أعدادًا كبيرة من المدنيين، وليس في المناطق الجبلية النائية والخالية كما في أفغانستان، وعلاوة على ذلك فإن استهداف قادة داعش لن يعيقه أصلًا، فهي تمتلك هيكلًا إداريًا يعمل بشكل يتجاوز الشخصيات الموجودة في القمة حيث يتربع البغدادي مع نائبين خدما سابقًا في جيش صدام، هما أبو علي الأنباري مدير عمليات داعش في سوريا، وأبو مسلم التركماني مدير عملياتها في العراق، كما يُشرف على مؤسساتها المدنية 12 حاكمًا يديرون الشؤون المالية والإعلامية والدينية.
من ناحية أخرى، تمثل داعش تحديًا كبيرًا لوسائل مكافحة الإرهاب التقليدية المرتكزة لقطع التمويل والتجنيد والدعايا الإعلامية، ففي حالة القاعدة التي لم تمتلك مساحة تفرض عليها سيطرتها كان حتمًا عليها اللجوء لشبكات تمويل دولية، وهي شبكات كُشفَت بسهولة عن طريق الاستخبارات الأمريكية وتم قطعها بشكل أصبحت معه القاعدة تعاني في الحقيقة من نقص شديد في التمويل في السنوات الأخيرة، أما داعش فإن امتلاكها لأراضٍ واسعة يتيح لها استغلال الموارد الموجودة فيها وتشكيل ميزانية خاصة كأي كيان سياسي ذي سيادة.
تسيطر داعش حاليًا على 60% من نفط سوريا وعدة حقول بغربي العراق، وهي ناجحة بالفعل في بيع النفط بأربعين دولارًا للبرميل في السوق السوداء بتركيا والأردن، بل ولنظام الأسد نفسه، وتجني من مليون لثلاثة ملايين دولار يوميًا، وتلك الأموال مضافة بالطبع لعمليات السطو التي تقوم بها حين تستحوذ على مدينة جديدة، كما فعلت مع فرع البنك المركزي في الموصل، ومع الآثار القيّمة التي تتستولى عليها وتُباع هي الأخرى في أسواقها السوداء، بل وحتى مع الماشية التي يمتلكها بعض السكان، إضافة إلى الضرائب الثقيلة المفروضة على كثيرين، من الفلاحين وأصحاب الأراضي وحتى المسؤولين عن شبكات المحمول وشركات توزيع المياه والكهرباء، وهو سلطان مالي يفوق ما تحلم به أي منظمة مسلحة، ولم تتمكن السلطات الأمريكية من معرفة حجمه بالضبط حتى الآن.
لماذا لن تُجدي دعوة “الإسلام الصحيح” مع الدواعش
بعيدًا عن السمات المادية لداعش، والتي لا تتيح لاستراتيجيات مكافحة الإرهاب الغربية أن تقوّضها، تأتي صعوبة أخرى على الناحية المعنوية أو ما يخص الدعايا وهي صعوبة مواجهة الأفكار الداعشية بدعوة إسلامية مضادة معتدلة كانت أم متطرفة، فالقاعدة طالما استندت لقواعدها “الأخلاقية” إن جاز القول، والتي كان من المفترض أن تجعل منها مثالًا يحتذى به للأمة الإسلامية وللتمرد من أجلها، فالظواهري، ومن قبله بن لادن، ظهر ولا يزال بصورة توحي بالزهد جالسًا على الأرض في كهف أو معسكر أو مكتبة، في محاولة لجذب الشباب المسلم المتديّن لخطاب يداعب المشاعر الإسلامية بالأساس، والتي لم تكن تتطلع بأي شكل إلى إشباع رغباتها عند الانضمام للقاعدة ولكن لتحقيق ذاتها الإسلامية.
داعش، على النقيض، لا تكترث كثيرًا بالشرعية الإسلامية التقليدية اجتماعيًا وروحيًا، والمستندة لمفاهيم كالزهد والورع والدفاع عن الأمة، بل هي تعتمد في الواقع على بث صورة عنيفة عنها لجذب أتباعها، وهي تهتم بالأساس بحشد النفوذ والسلطان والمال والأراضي في شكل من أشكال السلطان الإسلامي الكلاسيكي المجرد من القيم الدينية (على غرار تجارب مشابهة في التاريخ الإسلامي منها بعض الأمويين والعباسيين كما نعرف)، أضف لذلك أن المنضمين لداعش يعرفون جيدًا أنهم لن يلاقوا الأهوال ويبتعدوا عن الملذات بقدر ما سيُتاح لهم من النساء ما شاءوا، ومن الأموال الكثير في نطاق دولة مؤمنة نسبيًا، لا في جبال وعرة وقاسية كالجبال الأفغانية، ومن القيام بالقتل العشوائي والعنيف ما استطاعوا.
لعل ذلك يفسر جزئيًا تدفق الكثير من المسلمين الأوروبيين لداعش ومن الطبقات الوسطى والعليا، فهم يتمتعون بالأساس بدولة حديثة ذات قيم ديمقراطية وحقوقية لربما لا يكترثون لها، في حين أنهم مجتمعيًا مهمشون في بعض البلدان، وفي معظمها في الحقيقة فإنهم كغيرهم من الشباب الأوروبي غير المسلم يعانون من نزعة فقدان الإيمان بالمنظومة القائمة بشكل عنيف وعدمي، كما نرى في حركات اليمين الفاشي المنتشرة الآن بغرب وشرق أوروبا، وباعتبارهم أقلية في تلك البلدان، فإن ممارسة كهذه لا تتُاح لتلك الشريحة من المسلمين بقدر ما يمكن تحقيقها بالذهاب إلى داعش.
باختصار، فإن القاعدة تحاول استقطاب مسلمين حقيقيين، وفق تعريفها للإسلام الحق بالطبع، للعمل على تحقيق أهداف بعيدة المدى هي حشد المسلمين قدر الإمكان للتمرد على منظومة كافرة في نظرهم، أما داعش فإن الإسلام بالنسبة لها مصدر شرعية شكلية، في حين أن عامل الجذب الأساسي للانضمام لها هو وتنفيذ رغبات القتل أو الجنس أو المال، وهي كلها أهداف قصيرة المدى وفردانية أكثر منها جماعية في الحقيقة، وكل ذلك يعني أن مكافحتها عبر بث رسالات عن الإسلام الحق أو الوسطى أو المعتدل، إلى أخره، ليس لها أي جدوى في ظل دعايا داعشية تستقطب فعليًا شرائح مسلمة لا تبالي بأي من تلك القيم بقدر ما تحاول التنفيس عن غضبها (ضد المنظومة) وإشباع ملذاتها في آن في إطار دولة ترفع لواء “الهوية الإسلامية” كنوع من الانتماء القومي الفاشي، لا كعُصبة أممية عقائدية على غرار القاعدة.
لماذا ستفشل سياسات مكافحة التطرف في إضعاف داعش
كانت هناك نقطة ضعف رئيسية في القاعدة هي غياب أي مساحة جغرافية، وبالتالي نقطة ارتكاز ديمغرافية وثقافية، تعتمد عليها، فهي شبكة حاولت الوصول للعالمية عبر التواصل مع حلفائها في الشيشان وإندونيسيا وكشمير وفلسطين وتركستان الشرقية وغيرها، لكن عالميتها تلك قوضت كثيرًا من قدرتها على الحشد وضبط الصفوف، بل إن غياب “حكمها” السياسي المباشر، رغم تمتعها بـ”حاكمية” دعوتها بين تلك المجموعات، كان يعني مع الوقت نجاح السلطات المحلية التابعة لكل بلد في اجتذاب السكان المحليين بتقديم الخدمات وتحسينها، علاوة على عدم قدرة التنظيم الأم على مراعاة مصالح كل حليف له وفق سياقه الجغرافي والتاريخي والصراع الرئيسي الذي يخوضه في إقليمه.
لا تعاني داعش من تلك المصاعب، فهي أولًا تحكم نطاقًا تبسط فيه حكمها المطلق بشكل لا يتيح لأحد أن ينافسها فيه بتقديم خدمات أو ما شابه بسهولة، كما أنها تقدم بنفسها خدمات خاصة بها كدولة، وثانيًا فإنها مرتكزة جغرافيًا وديمغرافيًا لنقطة قبائل العرب السنة بين العراق والشام بشكل يجعل الأجندة الرئيسية واحدة نتيجة وحدة السياق الإقليمي، وكل أفرع الدولة كما تسمى عالميًا هي مجرد مجموعات مسلحة تمتلك سياقها وأجندتها الخاصة أعلنت البيعة لداعش ليس إلا، ولكنها لا تأتمر بالضرورة بها فعليًا، وأعلنت بيعتها على الأرجح في إطار معارضتها للنظام القائم وفق معركتها.
ثالثًا وهو الأهم، وفي إطار امتلاكها لكيانها السياسي، تمتلك داعش على الأرض جيشها الخاص، وهو ما يعني أن واحدة من حجج مكافحة التطرف التي تستند لتخويف المحليين من مغبة إغضاب الدولة أو الجيش النظامي غير موجودة أصلًا، وجيش داعش حديث تقنيًا وإن لم يكن كذلك مهنيًا، فهو الآن مسلح بالدبابات أمريكية الصنع التي استولى عليها، وأنواع ذخيرة حديثة، وسيارات مصفحة، وسيارات هامفي مسلحة، وسيارات مضادة للألغام، وغيرها، كما أنه يُدار بالطبع بواسطة جنرالات سابقين بجيش صدام، وإن كان البعض يرى أن الخلافات بين أولئك الضباط البعثيين وأمرائهم المتطرفين من الدواعش يمكن استغلالها، لا يبدو حاليًا أنه بالإمكان فض ذلك التحالف بأي شكل.
الحل الوحيد حاليًا: الاحتواء “الساخن” في مواجهة داعش
أحدث خريطة لداعش: مناطق سيطرتها بالأسود، ونطاق دعمها وتواجدها بالبُني، ومناطق هجومها بالأحمر (المصدر: معهد دراسة الحروب)
باختصار إذن ستفشل استراتيجيات محاربة الإرهاب نظرًا لكونها مصممة على مواجهة شبكات عالمية غير مرتكزة لنطاق جغرافي معين بشكل واضح، وستفشل سياسات مكافحة التطرف نظرًا لقيامها على افتراض تواجد التنظيمات التي تواجهها في إطار دولة ذات سيادة، وليس أن تكون هي نفسها بوجه دولة ذات سيادة فعلية كداعش، وأخيرًا ستفشل دعايات “الإسلام الصحيح” نظرًا لعدم تقديمها ما يبحث عنه في الحقيقة المنجذبون للدواعش، وهذا قد يدفعنا ببساطة للقول بأن التدخل البري المباشر، على غرار الحروب التقليدية بين الدول إذن، هو الحل الوحيد بوجه تلك “الدولة،” غير أنه حل يكلف كثيرًا، ولا يبدو أن أحدًا يمكن أن يقوم به في المنطقة الآن.
ما هو الحل إذن؟ الحل هو استراتيجية احتواء على غرار ما قامت بها الولايات المتحدة سابقًا بوجه السوفييت، وما كانت تقوم به حتى وقت قريب بوجه دول كلاسيكية ولكن معادية لها، ككوبا، بل ولا تزال تقوم به بالفعل مع كوريا الشمالية، والاحتواء هذه المرة يجب أن يكون ساخنًا نظرًا لسخونة الأحداث الإقليمية الجارية، لا باردًا كما في الحالات السابقة، أي أن التحالفات السياسية والاقتصادية التي ستقوم بتهميش داعش في منطقة البادية التي تتمركز لها حاليًا، يجب أن تتولى بين الحين والآخر عمليات عسكرية محدودة بوجهها، كما قد يحدث بالفعل من جانب تركيا على حدودها، أو من أي طرف آخر، وسيكون ضروريًا تعزيز تلك العمليات المحدودة بقوات جوية بالطبع، وفي الحالة التركية ووفق الاتفاق الأخير بين أردوغان وأوباما فإنها ستكون حماية جوية أمريكية.
إجمالًا، داعش ليست ابنة القاعدة رُغم خروج قياداتها من ثوبها سابقًا، ولكنها في الواقع بنت التدخل الأمريكي والثورات العربية وانقلاب الحسابات الإقليمية في السنوات الماضية، وهي أشبه بكوريا شمالية مسلمة منها إلى أي حركة إرهابية أخرى، والتي كانت هي الأخرى بنت الحرب الباردة في الجزيرة الكورية لا بنت الشيوعية، والنظر لداعش باعتبارها تنظيمًا إرهابيًا يهدد بخلق سياسات خاطئة قد تعزز من قوتها، ووضع القضاء عليها في المرحلة الحالية باعتباره هدفًا واحد من تلك الأخطاء، فالدول غير المرغوب فيها أيًا كانت في التاريخ (وبغض النظر عن الأطراف التي تقوم بتعريفها كذلك) لا يتم اقتلاعها بين ليلة وضحاها.
داعش تلزمها إذن سياسة احتواء ونفس طويل لا يكون السلاح فيها هو كل شيء، مما يضعفها كطرف معتمد بالأساس على العنف والتوسع، ويكون فيها نموذج لتقديم حياة متكاملة للأفراد الواقعين تحت حكم غيرها في الجوار اقتصاديًا وثقافيًا، ليضعف مجددًا كيانًا معزولًا نسبيًا ولا يملك سوى السلاح والمال السائل، وهو نموذج جرى ولا يزال يجري مع دول مماثلة، ككوريا الشمالية، والتي تقبع تحت احتواء وانعزال تام وإن ظلت موجودة ككيان سياسي، في حين تقدم أختها الجنوبية مساحة حرة لحياة حوالي أربعة أضعاف سكانها.
هذا المقال منقول بتصرّف من فورين أفيرز