اشتهرت قصة الناشطة السورية سعاد نوفل من مدينة الرقة التي وقفت أمام مقر الدولة الإسلامية في العراق والشام مطالبة لأكثر من شهرين مطالبة باطلاق سراح بعض أصدقائها وآخرين من النشطاء المخطوفين انتهت بمحاولة تصفيتها واختفائها عن الأنظار، فتشرفنا باستضافتها لتوضيح القصة وأبعاد ممارسات الدولة الإسلامية في الرقة.
تقول سعاد : ” لما تمادت أعمال الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش ) في خطف الناشطين والذين كان منهم زوج شقيقتي فراس الحاج صالح ( والذي اعتقله النظام مرتين وفصل من وظيفته ثم لاحقته أجهزة الأمن لمدة خمسة أشهر قبل أن يعود اليها بعد تحرير الرقة من قوات النظام لتخطفه داعش)، بالاضافة الى ابراهيم الغازي ومحمد نور المطر وعبد الله الخليل والأب باولو وكثيرون غيرهم الناشطين، قرر الشباب عندها القيام بوقفات احتجاجية والمطالبة بالافراج عن النشطاء بشكل فوري الا أن هذه الوقفات فّرقتها داعش بالرصاص والسيارات وتسليط الأطفال لرمينا بالحجارة، لذا قرر الناشطون ايقاف هذه الوقفات درءاً للفتنة وحماية لدماء الشباب”.
بعد ذلك قررت سعاد الوقوف لوحدها أمام مقر داعش لمدة زادت عن الشهرين تحمل معها في كل مرة عبارة مختلفة من تلك التي تراها تفضح أعماله داعش، اضافة الى وقوفها كل أسبوع في شارع رئيسي في رسالة للكتائب بما فيها داعش وغيرها التي لم تخرج لنصرة الشعب السوري بل لسرقة الثورة وتشويهها على حد وصفها، مما كان يعرضها للسب والشتم والنكز بأخمص البندقية وتلقيمها في محاولة لارهابها، حتى أطلق عليها النار من قبل بعض منسوبي داعش والذي يدعون المهاجرين – وهم من جاؤوا من خارج سوريا للجهاد – الا أنها نجت باعجوبة.
وعن وضع الدولة الإسلامية في الرقة وأعمالها هناك تقول سعاد : “بدأت شوكة داعش تقوى في الرقة بخطة مدرسة تشبه الى حد كبير تصرفات النظام والقيام بأعمال تصبّ في خدمته، مثل حرق محتويات كنيسة الشهداء وانزال الصليب منها ورفع علمها فوقها بما يجعل المجتمع يخشى من الفراغ الأمني ويتمنى عودة النظام، اضافة الى محاولة تصفية الكتائب واشعال الاقتتال بينها وبين بعض الكتائب وترك قوات النظام على أطراف المدينة، ومن الأمثلة على ذلك تفجيرها لمقر كتائب أحفاد الرسول والذي هو عبارة عن محطة قطار ما زالت مهدمة حتى الآن سقط على اثره مدنيين”.
وتضيف : “قرارات داعش التي كان تصدر باسم الاسلام من فرض للباس الشرعي ومنع مظاهر التدخين الأرجيلة في المدينة تبدو كما لو أن النظام سقط بكامل أركانه وحان الوقت لتطبيق الاسلام على شكل الدولة الاسلامية في العراق والشام، أفلا يميلوا بقوتهم على قوات النظام التي ما زالت تتخذ مقراتها وتقصف الرقة يومياً بدلاً من تنفير الناس باسم الدين فالله عز وجل يقول : ” ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك “، نحن ثرنا ضد الظلم لننال حريتنا وكرامتنا ولنسترجع سورية لكل السوريين ايا كان دينهم او مذهبهم او قوميتهم”.
بعد ذلك تواصلت عمليات خطف أو اعتقال الناشطين الفاعلين في الثورة بشكل علني مما أدّى الى افراغ الشارع الثوري من العاملين الذي قاوموا النظام السوري لأكثر من عامين ولم يقدر هذا الأخير عليهم لتأتي داعش الآن وتحاول اسكات صوتهم الذي انتظر 40 عاماً من الاستبداد القديم ليستبدله باستبداد جديد مقنّع بلثام ولحية وثوب ؟، وتنهي سعاد كلامها بأن من يغيّب الناس المتعلمة والمثقفة وتكفّر المخالف لها هي بالتأكيد ليست من الشعب بل تتبع سياسة لإفراغ البلد من نسيجها الاجتماعي الحقيقي، هل تكفي هذه الحقائق والناشطين الذين تركوا الرقة ولم يبقى منهم احد واُغلقت غالبية المراكز الاعلامية لأنّ الكاميرا إن لم تكن تعمل لصالحهم فهي تصادر ويُجلد صاحبها إذا أراد التصوير!
ويذكر أن سعاد هي ناشطة منذ بداية الثورة في تنظيم المظاهرات والاعتصامات، وعملت كمسعفة في المشافي الميدانية اضافة الى العمل الاغاثي في تأمين السكن والحاجات الاساسية للاسر الوافدة الى الرقة من المحافظات الاخرى، وساهمت سعاد في تأسيس أول تجمع مدني بالرقة والذي أطلق عليه شباب الرقة الحر اضافة الى تأسيس أول منظمة نسائية بالرقة أطلق عليها كذلك منطمة جنى النسائية والتي كان هدفها اقامة مشاريع صغيرة لتشغيل المراة المحتاجة لكسب رزقها من تعبها.
وتقول سعاد في نهاية حديثها الينا :” انا معلمة، فصلت من عملي بسبب مواقفي المعارضة للنظام خرجت لاسترجاع حريتنا المغتصبة منذ أكثر من اربعين سنة وسأبقى كذلك ليعود أطفال الخيام وتعود سورية لكل السوريين، والآن لا استطيع الظهور كوني ملاحقة ولكن هذا لا يهم المهم أن تكون سوريتي بخير”.