قال مسؤولون بلجيكيون وخبراء إن مقتل الجهادي البلجيكي الذي يشتبه بأنه وراء سلسلة من الهجمات في فرنسا قد قضى على “عنكبوت” شبكة تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) ومقرها بروكسل. لكن مخاطر أخرى لا تزال قائمة.
وتأكد الخميس مقتل من يزعم أنه العقل المدبر لهجمات باريس التي وقعت يوم الجمعة الماضي عبد الحميد أباعود في مداهمة نفذتها الشرطة بضاحية سان دوني.
ولد عبد الحميد أباعود عام 1987 في بلجيكا بمنطقة مولنبيك ببروكسل، وهو من أصول مغربية، والده تاجر نشأ في أسرة محسوبة على الطبقة المتوسطة، وهاجر إلى بلجيكا قبل أربعين عاما. وأباعود شاب ذو سجل جنائي سافرَ للقتال في سوريا عام 2013 ويعتقد أنه جند شباناً مثله من عائلات مهاجرين في مسقط رأسه ضاحية مولينبيك في بروكسل وأماكن أخرى في بلجيكا وفرنسا.
وقال كون جينس وزير العدل البلجيكي “عنكبوت الشبكة لم يعد يشكل خطراً” واصفاً ما تحقق بأنه إنجاز.
وتضيق أجهزة الأمن الخناق على خلايا أباعود مع إعلان الحكومة عن قوانين جديدة لكبح الإسلاميين بعد انتقادات حادة من فرنسا بأن بلجيكا تتعامل بتراخ مع أكبر تركيز للمتشددين ذوي الصلة بسوريا داخل أوروبا.
وقال جينس للتلفزيون الرسمي “الشبكة تضيق بدرجة أكبر حول خلايا القيادة المختلفة التي بدأت في فيرفييه” وهي بلدة أفلت أباعود فيها من الاعتقال في يناير الماضي حين قتلت الشرطة 2 من مساعديه من مولينبيك في مداهمة لأحد المخابئ”.
وقال ريك كولسيت الأستاذ بجامعة جنت “فقدت الدولة الإسلامية الآن حلقة وصل محورية للهجمات في هذه المنطقة.” وأشار إلى أن أباعود الذي ذاع صيته على الشبكات الاجتماعية أثناء وجوده في سوريا – وكان يتباهي بعبور الحدود جيئة وذهاباً – ارتبط بعدد من الهجمات في أوروبا.
من بين هذه الهجمات إطلاق النار على أشخاص عند المتحف اليهودي في بروكسل وهجوم على كنيسة في إحدى ضواحي باريس ومحاولة قتل ركاب في قطار سريع بين بروكسل وباريس بالإضافة لسلسلة الهجمات في باريس التي قتل فيها 129 شخصاً.
لكن مع بقاء شريك آخر هو صلاح عبد السلام (26 عاماً) -السجين السابق مع أباعود – هاربا — وما يقرب من ألف بلجيكي لهم صلة بسوريا على قائمة أساسية لمتشددين محتملين — فقد ساد الحذر بخصوص المستقبل.
وقال رولف توفوفين من معهد منع الأزمات في إيسين بألمانيا “ربما يحتاج الأمر بعض الوقت لإنشاء خلية أو شبكة. لكن يوجد ما يكفي من الأشخاص الذين يمكنهم أن يحلوا محله بطريقة ما… لشرح الأمر بمصطلحات طبية: تمت إزالة ورم لكني متأكد من أن السرطان سيواصل الانتشار.”
وفي مولينبيك عبر أناس عن دهشتهم من تحول بعض جيرانهم إلى التشدد ومنهم عبد السلام وشقيقه الذي كان يدير حانة وأباعود الذي عرف شبابه بالاستهتار.
وتسابق سكان للدفاع عن السمعة التي تلاحق المنطقة التي وصفها رئيس البلدية نفسه بأنها “أرض خصبة” للمتشددين بسبب معدلات البطالة المرتفعة.
وحين سئل الخبير الأمني بلال بن يعيش إن كانت ميتة أباعود قد تلهم آخرين للسير في طريقه -أي للشهادة كما يعتقد مقاتلو الدولة الإسلامية- أم تردعهم فقال إن التشريع الجديد سيكون له على الأرجح تأثير أكبر في هذه المشكلة.
وقال بن يعيش الخبير بمعهد إيتينيرا البحثي في بلجيكا “إجراءات الحكومة ستكون لها أهمية أكبر من وفاة أباعود في ردع الناس عن السير على خطاه.” فخلال رحلته عائداً لبروكسل العام الماضي أغوى شقيقه الصغير وعمره 13 عاماً بالعودة معه إلى سوريا ليجعل منه أصغر مقاتل أجنبي هناك فيما يبدو.
و كان عبدالحميد قد حُكم عليه في يوليو/تموز 2015 ببروكسل غيابيا بعشرين سنة سجنا بتهمة تجنيد “الجهاديين” البلجيكيين للقتال في سوريا، وكان قد وصف بأنه العقل المدبر لخلية فيرفيان شرق بلجيكا، التي فُككت في منتصف يناير/كانون الثاني 2015، قبل انتقالها لمرحلة تنفيذ عملياتها بالتراب البلجيكي.
وقبل تأكيد مقتله قال أوليفييه فاندرهيجن الذي يعمل في مولينبيك لإثناء الشبان عن الذهاب إلى سوريا أنه في ظل نسبة بطالة قدرها 37% بين شبان المنطقة فإن مغامرات أباعود -سواء في الصحراء السورية أو في شوارع باريس- تعرض فيما يبدو طريقة حياة بديلة جذابة.
المصدر: وكالات