على مواقع التواصل الاجتماعية تنتشر يوميا مئات وآلاف مقاطع الفيديو وروابط الأخبار، بعضها لشهداء وقعوا في سوريا أو في مصر أو غيرها، وبعضها لنشرات الأخبار، وبعضها الأخرى لأغاني وفيديو كليب وأشعار وقصص ومقالات، وبعضها أيضا يتغنى بالثورة ويسب الطغاة، ووسط كل هذا، توجد مواد أخرى مرفوقة بتعليق من قبيل “حفظه الله” و”أدامه الله ذخرا لهذا الوطن” و”أطال الله بقاءه”.
صحيفة الهدهد المغربية نشرت مقالا يوم أمس، تحت عنوان “ماذا يفعل الملك.. يستيقظ على الساعة السادسة، يذهب إلى العمل في الساعة الثامنة”، المقال نشره المئات على مواقع التواصل الإجتماعي مهللين بفخامة الملك، وكتب تحته آخرون تعاليقا مثل: “الله يحفضو بصراحة إنسان في كامل الروعة ” و”ادام له العزة والنصر” و”الله يبارك فعمرو ويعطيه الصحة ملكنا العزيز”.
أحد المعلقين ذهب إلى أبعد مما ذهب إليه غيره فقال: “بل هو كما قال عنه أحد مستشاريه: “محمد السادس ولد الناس، همه فقط أن يكون عادلا.. لايقبل الظلم.. هذه العبارة جعلت عيناي تدمعان. إني احبك يا محمد السادس يا حبيبي اللهم احفظه واحرسه بعينك التي لا تنام”.
المقال الذي استهوى محبي الملك يبدأ بالحديث عن الفترة الصباحية للملك، أي تلك الفترة التي يمضيها المواطنون، أطفالا وشبابا وكهولا، راكضين خلف وسائل النقل حتى يتمكنوا من الوصول إلى عملهم أو إلى مدارسهم، فقال: “للملك محمد السادس عادة لايحيد عنها منذ كان وليا للعهد، فهو أبدا منضبط للاستيقاظ على الساعة السادسة صباحا، ليبدأ يومه بممارسة إحدى رياضاته المفضلة، وذلك تبعا للمكان والزمان الذي يتواجد به، فقد يمارس العدو أو الفروسية إذا كان الظرف وخصوصية المكان لاتسمح بممارسة الجيت سكي أو التزحلق على الجليد أو الغولف أوالسباحة، والعكس صحيح وفق ما توفره التضاريس المحيطة بقصوره وإقاماته الملكية”.
ويؤكد كاتب المقال على أن الملك يستعين بحاسوبه الشخصي لتسجيل كل التفاصيل التي تمر من أمامه، طبعا ذلك “فضلا عن كونه متسلح في كل هذا بذاكرة قوية جدا”، فالملك “طالما فاجأ الكثيرين، كما حصل مرارا أثناء زياراته الميدانية وتدشيناته في كل ربوع المملكة، حيث كثيرا ما كان يثير أمورا غير متوقعة عن المشاريع التي يشرف على تدشينها حتى لو مرت عليها سنوات كاملة”.
والمقال الذي نشرته صحيفة الهدهد ليس استثناء، وليس المثال الوحيد لما يسميه نشطاء مغاربة ب”تحويل الملك إلى إلاه”، فقبل سنة من الآن زار ابن ملك المغرب، ابن العشر سنوات، حديقة حيوانات، فكان في استقباله كبار المسؤولين والشخصيات، ليجلسوا على ركبهم على البساط الأحمر، ويحنوا ظهورهم صوبه ويقبلوا يده تقديرا له.
https://www.youtube.com/watch?v=FCpEuU7Hc0Y
وبينما قبل مسؤولوا حديقة الحيوانات يدي الابن الصغير لملك المغرب، يقوم آخرون وبصفة مستمرة بتقبيل قدمي الملك، في مظاهر يظن أبناء العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين أنها قد انتهت مع عصور قد سبقتنا كان فيها الملك ظل الله في الأرض والحاكم باسمه.
والسؤال المطروح أيضا، ذلك الطفل، وهو ولي العهد، ويفترض أن يصبح ملك المغرب بعد حين، كيف يفترض أن تكون شخصيته وكيف يفترض أن تكون نظرته لغيره من البشر، بعد أن نشأ على أن يقبل كبار القوم يديه وقدمي أبيه؟