الاستقلال الثاني بعد السبعين

llm-llbnny

تمرُّ الذكرى الثانية والسبعون على: “استقلال لبنان”، ولبنان في أسوأ أزمة في تاريخه السياسي الحديث..!!

عن أي استقلال يتحدث هؤلاء؟!!

.. يتحدثون عن ذكرى .. وكأنها كانت حاضراً ذاتَ يومٍ أو بعضَ يوم ..!!

وماذا بقي من ذاكرتنا .. بعد كل ما تجرّعناه من مرارات الحاضر .. وما نزال ..؟!!

..

.. يتحدثون عن عيدٍ .. وقد تخضّبت أعياد أمتنا بأعواد المشانق .. وحلّقت في أجوائها البراميل المتفجرة .. وانتشرت في أرجائها شظايا الحمم .. وامتلأت سجونها بأسرى الحقّ والحرية ..!!

..

أي استقلال هذا الذي نحتفل به والبلد بلا رئيس .. ولو كان رئيساً من عودٍ .. تابعاً غيرَ متبوع ..!!!

أي استقلال هذا الذي نحتفل به والبلد بلا حكومة، تتصدى حتى لقضية تافهة مثل “النفايات” ..!!!

أي استقلال هذا الذي نحتفل به والبلد بلا مجلس نيابي يمثل شعبه الذي مزقته الطائفية حتى نخاع النخاع ..!!!

أي استقلال هذا الذي نحتفل به والبلد يتحكم بقراره جيوشاً بدلاً عن جيش حرٍّ وطنيٍّ مستقلّ .. يحمي أرضه وعرضه..!!!

أي استقلال هذا الذي نحتفل به وسيادة البلد مستباحة .. برّاً .. وبحراً .. وجوّاً .. وفضاءً ..!!!

..

سامحوني يا رجالات الاستقلال …!!!

سامحني يا بشارة الخوري، سامحني يا رياض الصلح، يا عادل عسيران ويا كميل شمعون ..

سامحني يا عبد الحميد كرامي وسليم تقلا، يا مجيد أرسلان وصبري حمادة وحبيب أبو شهلا …

سامحونا جميعا، فلقد ناضلتم وبذلتم الغالي والرخيص كي نستقلَّ عن محتل غاشم .. ما زالت لغته عالقة بألسنتنا .. يلهج بها بعضُ أبناء جلدتنا .. فخراً و تيهاً ..!!

سامحونا جميعاً؛ لأن الأمانة قد أضاعها من بعدكم خَلَفٌ .. اتبعوا شهوات “كلِّ من في الخارج” بدلاً من رعاية حقوق أبناء “كلِّ من في الداخل”..!!

سامحونا .. فقد حوَّلوا بلدنا الجميل إلى “دُويلةٍ” ..

بل “كانتونات” .. يحكمها أمراء الأحزاب والطوائف ..

بل “غابة” يأكل فيها القوي الضعيف ..

بل “مقبرة صحيَّةً” يعبث بأمنها البيئي كلُّ جنرالات الميكروبات وجيوش البعوض ..!!

..

وبانتظار استقلال لبنان في قراره وسيادته، لنرفع العلم اللبناني “المستقل” من جديد فوق ربوع لبنان كلّه، من الشمال إلى الجنوب .. من البحر إلى الجبل ..

بانتظار ذلك اليوم .. أقول:

تصبحون على دولة ..

يُحترم فيها الإنسان لإنسانيته ..

لا لجنسه أو جنسيّته أو “قرعة” أبيه أو طائفة أُمّه ..

..

في الأفق المنظور “المتّشح بالسواد” .. يبدو ذلك سابع المستحيلات ..

لكنْ:

“وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17)” سورة فاطر

” فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7)” سورة المعارج

صدق الله العظيم