قرر القيادي في التيار السلفي الجهادي الأردني عبد القادر شحادة، المعروف باسم “أبو محمد الطحاوي”، مقاطعة كلا من منظر التيار عصام البرقاوي المشهور باسم “أبو محمد المقدسي”، وعمر محمود عثمان المكنى بـ “أبو قتادة”، وطلب منهما عدم زيارته في منزله أو التواصل معه أو الاتصال به، وذلك لمعاداتهما وهجومهما العنيف على ما يعرف بـ “تنظيم الدولة الاسلامية”، عبر مواقفهما المعلنة، حسب ما أفاد مصدر في التيار.
يذكر أن أبو محمد الطحاوي من أشد مناصري وداعمي تنظيم الدولة في الأردن، إذ بارك “فتوحات العراق والشام” على أيدي عناصر التنظيم، في حين دعم إعلان الخلافة وبيعة أبي بكر البغدادي، كما يعتبره كثير من أنصار التنظيم أنه يمثل التوجه الأصيل لأبناء دعوة التوحيد والجهاد.
ووفقًا للمصدر نفسه، فإنه بعد الإفراج عن الطحاوي بتاريخ 21 أكتوبر من الشهر الماضي، وبعد قضاء حوالي 3 سنوات في سجن موقر2، على خلفية أحداث الزرقاء، التي شهدت اشتباكات بين عناصر من التيار السلفي وقوات الأمن، قام كلا من المقدسي وأبو قتادة بزيارته في منزله بمحافظة إربد، للسلام والاطمئنان عليه.
وأردف المصدر بقوله: “استقبل الطحاوي الشيخين، وأكرمهما، وقدم لهما طعام العشاء، ورحب بهما أفضل ترحيب، ولكن بعد مغادرتهما وخروجهما من المنزل، تحدث إلى عدد من الشباب الذي شهد الزيارة، مبديًا استياءه من المعاملة التي قابل بها الطحاوي الشيخين، إذ اعتبر هؤلاء المتحدثين أن الشيخين لا يستحقان هذه المعاملة، وذلك لانتقادهما وعداوتهما لتنظيم الدولة، وأنه الأولى بالطحاوي عدم استقبالهما أو الترحيب بهما بالطريقة التي تمت”.
وواصل المصدر ذاته، قائلا: “تحت الضغط والتكشيك والغمز واللمز، من مقاطعة الشيخين، رضخ أخيرًا الطحاوي لرغبة جلسائه من أنصار تنظيم الدولة، حتى أن جلساءه، طلبوا منه إرسال رسالة شفهية إلى الشيخين، يخبرهما فيها بمقاطعته لهما، ويطلب منهما عدم زيارتهما له أو الاتصال به أو التواصل معه”، وتابع المصدر: “بالفعل، وصلت رسالة الطحاوي عبر أحد الأشخاص إلى الشيخ المقدسي، وكنت حاضرًا حينها، وسمع المقدسي كامل الرسالة، وبعدها غادر الشخص المنزل، في حين تقبل المقدسي الرسالة بصدر رحب، ووعد بتنفيذ ما جاء فيها نزولاً عند رغبة الطحاوي، فيما تم توصيل محتوى الرسالة بعد ذلك إلى أبو قتادة، الذي تقبل ما فيها ووعد بتلبية رغبة الطحاوي هو الآخر، دون أي ضيق أو غضب”.
إلى ذلك، فمن المعلوم للمراقبين والمهتمين بمواقف المقدسي وأبو قتادة من تنظيم الدولة في سوريا والعراق، فقد هاجما مؤخرًا كثيرًا من تصرفات وسلوكيات وقرارات التنظيم، حيث وجه كلاهما انتقادات لاذعة ومتزايدة لتنظيم الدولة، في حين تم التشكيك بهما؛ من قِبل أنصار تنظيم الدولة، من قبيل خيانتهم للحركة الجهادية الإسلامية في سبيل الإفلات من قبضة السلطات الأردنية والحصول على حريتهما.
ويعتبر المقدسي منظر التيار السلفي الجهادي في الأردن، كما اشتهر بسبب نشره لكتاب يكّفر السعودية، وقد قامت السلطات الأردنية بسجنه مرات كثيرة بسبب آرائه، في حين اعتبر أستاذًا لأبي مصعب الزرقاوي.
أما أبو قتادة فهو الآخر أحد رموز ومنظري التيار، وكان يعتبر المرشد الروحي لتنظيم القاعدة في أوروبا، وقد أمضى خمس سنوات في السجون البريطانية، قبل محاكمته في الأردن من قِبل محكمة أمن الدولة، بتهمة المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية، وذلك في قضيتين تتعلقان بالتحضير لاعتداءات كان حكم بهما غيابيًا عامي 1998 و2000، حيث قضت المحكمة ببراءته من التهم التي وجهت له.
وكانت دعوات انطلقت على مستوى الشارع السلفي لعقد محكمة شرعية لأبي قتادة، كما تم إبلاغه من قِبل سلفيين جهاديين بضرورة عدم زيارة مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين، باعتباره ضيف غير مرحب به، في حين، وصدرت العديد من الآراء التي تستهجن وترفض مواقفه من تنظيم الدولة، وسط دعوات لمقاطعة مجلسه والامتناع عن زيارته.
وكان أبو قتادة قد أثار الجدل عندما وصف أبو بكر البغدادي في بيان له، بـ “الرجل الضال”، معتبرًا أن ما تقوم به عناصر تنظيم الدولة ليس من الشريعة وليس من الإسلام.
في الوقت الذي دعا فيه بيان صادر عن أنصار تنظيم الدولة، وصفوا أنفسهم بـ “أبناء دعوة التوحيد والجهاد”، ويتزعمهم أبو محمد الطحاوي، عن براءتهم من مواقف المقدسي وأبو قتادة، وما أصدروه في حق تنظيم الدولة.
وأكد البيان أن “مواقف المقدسي وأبي قتادة باطلة شرعًا وواقعًا، وعلى ذلك فهي لا تمثلنا ولا نرتضيها، وكل من وافق عليها وصرّح بتأييدها فإنه لا يمثّلنا ونبرأ إلى الله من فعله”.
وفي تتبع لتاريخ بروز التيار السلفي الجهادي في الأردن، نجد أنه مع بداية التسعينيات، ظهر التيار على يد الأب الروحي عصام البرقاوي “أبو محمد المقدسي”، إضافة إلى أحمد فضيل الخلايلة “أبو مصعب الزرقاوي”.
فيما بينت دراسة غير منشورة للباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية مراد بطل الشيشاني أماكن توزع وانتشار عناصر التيار في المملكة، إذ كشفت الدراسة أن عمان الشرقية احتلت النسبة الأكبر بنسبة 32%، بينما احتلت عمان الغربية نسبة 27%، أما بالنسبة لمدينة الزرقاء جاءت نسبة وجود المجاهدين فيها 18%، تلاها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بنسبة 16%، وأخيرًا باقي المحافظات بنسبة 7%.
المصدر: أردن الإخبارية