لا تزال عمليات القصف تستهدف مدينة الفلوجة، بشتى الطرق، بالمدافع والهاونات والطائرات المروحية والحربية والراجمات والبراميل المتفجرة، في أكبر عملية تدمير شهدتها المدينة على مدى تاريخها الطويل، إذ اعتبرها الأهالي “معركة الفلوجة الثالثة” بعد معركتين خاضتها ضد قوات الاحتلال الأمريكي.
فعمليات التدمير التي شهدتها المدينة خلال الحرب الأولى والثانية بين عامي 2004 – 2005، في فترة الاحتلال الأمريكي، ورغم تدميرها مئات المنازل وقتلها مئات المواطنين، إلا أنها تبدو كأرقام ضئيلة مقارنة بحرب الجيش العراقي والمليشيات المرافقة له، على المدينة منذ قرابة عامين.
أعمدة الدخان تتصاعد من سوق المدينة بعد قصفه
فالفارق الذي يفصل بين سيناريو الهجوم الأمريكي على المدينة الواقعة ضمن محافظة الأنبار (60 كلم غربي بغداد) والحملة الحالية بسيط جدًا، إذ تم استبدال الفسفور الأبيض الذي قُصفت به المدينة آنذاك، بسلاح البراميل المتفجرة الذي استخدمه الجيش العراقي مؤخرًا.
“البراميل المتفجرة تبدو هي السلاح الأمثل لاستخدامها من قِبل القوات العراقية، لأداء أكبر وأوسع نطاق بالتدمير والإبادة، ابتداءً من تدمير المنزل إلى دمار شارع والإضرار بمحلة كاملة”.
منازل مدمرة بفعل برميل متفجر (الصورة حصرية)
البنى التحتية في دائرة الاستهداف
مناظر الدمار وبقايا البنايات المقصوفة لا تفارقك بمجرد دخولك المدينة التي شهدت أكثر من 44 هجومًا بريًا فاشلاً، فالمئات من المنازل طالها الدمار، بعضها سويت بالأرض وأصبحت قبورًا لأصحابها، والأخرى تعرضت لدمار جزئي، لاسيما في مناطق نزال والشهداء والحي العسكري الذي كان أكثر الأحياء تضررًا.
مدنيون يعينون منازلهم المدمرة بفعل القصف
وبعيدًا عن المنازل نجد أن البنى التحتية للمدينة تعرضت لقصف مركز على مدى العامين الماضيين، أغلبها مدارس ودوائر خدمية لكن حصة الأسد كانت للمساجد التي تشتهر المدينة بكثرتها ولقبت بها
وفيما يلي البنى التحية التي تعرضت للاستهداف:
الدوائر الحكومية
1- مستشفى الفلوجة التعليمي (تم استهداف المستشفى 22 مرة)
2- مستشفى النسائية والأطفال
3- مبنى قائمقامية الفلوجة
4- مديرية التربية
5- مديرية الماء
6- مديرية الكهرباء
7- المركز الصحي في حي نزال
8- مديرية الجنسية
9- مركز الاتصالات
10- مديرية البريد
11- جسر الفلوجة الثالث تم تدميره بشكل كامل
“جسر الفلوجة الثالث” بعد تدميره
12- الجسر الجديد
13- جسر الموظفين
14- دائرة الرعاية الاجتماعية
15- كلية الطب
16- كلية الشريعة
17- مديرية الضريبة
18- مديرية التسجيل العقاري
19- دائرة الشباب والرياضة
20- مديرية الدفاع المدني
21- مديرية بلدية الفلوجة
هكذا بدت طوارئ مستشفى الفلوجة بعد قصفها
المدارس التي تم استهدافها
1- مدرسة الرسول
2- مدرسة الجاحظ
3- مدرسة الوثبة
4- مدرسة الصادق
5- مدرسة المفاخر
6- مدرسة الخوارزمي
7- مدرسة الأوفياء
8- مدرسة غزة
9- مدرسة ابن خلدون
10- مدرسة الإستبرق
11- مدرسة الأنبار
12- مدرسة الجمهورية: قصفها طيران التحالف الدولي ودمرها بشكل كامل
إحدى مدارس المدينة المُستهدفة
المساجد التي تم استهدافها
1- جامع عبدالعزيز السامرائي
2- جامع الشمري
3- جامع الأنبياء
4- جامع المرسلين
5- جامع التقوى
6- جامع مكة المكرمة
7- جامع حمود المحمود
8- جامع البراء بن عازب
9- جامع علي بن أبي طالب
10- جامع أحمد بن حنبل
11- جامع المكرمين
12- جامع الفاروق
13- جامع الفرقان
14- جامع الحضرة المحمدية
15- جامع التوفيق
16- جامع شاكر الضاحي
17- جامع محمد الفياض
18- جامع العشرة المبشرة
19- جامع جامع الفلوجة الكبير
20- جامع الحسين بن أبي طالب
21- جامع الحسن بن أبي طالب
22- جامع الحسن البصري
23- جامع شهداء الفلوجة
24- جامع الشيخ حمزة
25- جامع أبو عبيدة بن الجراح
26- جامع جعفر بن علي
27- جامع أبو أيوب الأنصاري
28- جامع سعد بن أبي وقاص
الدمار الذي لحق بجامع شاكر الضاحي نتيجة القصف
عشوائية عمليات القصف هذه جعلت من كلفتها عالية جدًا بالنسبة للمدنيين الذين أجبرتهم الظروف المعيشية الصعبة على عدم مغادرة مدينتهم والمقدّرين بنحو (4 آلاف) عائلة، إذ بلغ عدد القتلى منهم 3376 شخصًا، بينهم 307 امرأة، و472 طفلًا، فيما بلغ عدد الجرحى 5557، بينهم 697 امرأة، و811 طفلًا في آخر إحصائية صدرت عن مستشفى الفلوجة التعليمي.
شاب فقد أحد أطرافه السفلية نتيجة القصف العشوائي (الصورة حصرية)
ظروف معيشية صعبة
الحياة في الفلوجة تختلف عن حياة باقي المدن، فالمواد الغذائية شحيحة جدًا في أسواقها بسبب الحصار المفروض عليها، فضلًا عن كون المدينة غارقة في الظلام منذ نحو عام ونصف، بسبب انقطاع الكهرباء عنها بعد تضرر الشبكة الرئيسية نتيجة العمليات العسكرية، وهو ما أجبر الأهالي على اللجوء للطرق البدائية في طهي الطعام وإنارة منازلهم باستخدام الحطب.
جندي عراقي
بينما يصف أطباء الفلوجة الواقع الصحي في المدينة بأنه “غاية في السوء” فمستشفى الفلوجة التعليمي كان طيلة الفترة الماضية في دائرة الاستهداف الممنهج، حيث تعرض للقصف 22 مرة بشكل مباشر بالطائرات والمدفعية الثقيلة مما تسبب بهدم أجزاء واسعة منه، بالإضافة إلى تدمير محطة توليد الكهرباء التابعة له، مما أجبر الكادر الطبي المتبقي فيه على ممارسة عمله باستخدام مولدات صغيرة ذات استهلاك منخفض للوقود، بينما يشكو المستشفى من انعدام أغلب التجهيزات الطبية الهامة.
قذيفة هاون سقطت على مستشفى الفلوجة لم تنفجر
صورة مأساة من صور متعددة
قبل أسبوع من الآن؛ عائلة تتكون من أربعة أفراد تسكن في قضاء (الكرمة) شرقي الفلوجة أجبرتها حدة المعارك هناك، إلى النزوح لداخل المدينة هربًا من الموت، ولم يمضِ سوى ثلاثة أيّام على مكوثهم في منزلهم مأواهم الجديد سوى ثلاثة أيام، حتى سقطت قذيفة مدفعية عليهم، فقُتل أحد أفرادها يبلغ من العمر 15 عامًا، وجرح آخر، ليلحق به باقي أفراد الأسرة (الأم والأب وأخيه الجريح) أثناء محاولتهم إسعاف ابنهم، بعد قصف السيارة التي تُقلّهم وهم في طريقهم للمستشفى.
تكتيم إعلامي
وفي خضم العمليات العسكرية والقصف المكثّف، أصدر عناصر تنظيم الدولة (داعش) الذين يفرضون سيطرتهم على المدينة، قرارًا بحظر جميع الأنشطة الإعلامية سواء تلك التي يقوم بها السكّان المحليون لتوثيق الدمار الذي يلحق بمدينتهم أو الصحفيون بل وحتى التصريحات الإعلامية لرجال الدين والناشطين، ومن يقوم بالتصوير تصادر أجهزته ويتعرض للاعتقال، مشددًا على أن “لا يحق لأحد ممارسة العمل الإعلامي سوى فريقهم الإعلامي”.
عناصر من تنظيم الدولة “داعش” وهم يفتشون سيارة مدنية
وهو القرار الذي لاقى استهجانًا كبيرًا من قِبل السكّان المحليون والنخب والإعلامية فيها، كونه يؤثّر بشكل كبير على نقل الصورة للعالم أجمع، حول ما تتعرض له المدينة من عمليات وصفها البعض بـ “الإبادة الجماعية”.
إقامة جبرية
لم يكتفِ التنظيم بقرار حظر الأنشطة الإعلامية، فاتجه لفرض ما يشبه بالإقامة الجبرية على الأهالي، بعد استحداثه شرط “الحصول على إذن” من محكمته الشرعية لمن يريد مغادرة المدينة، واشترط على الراغب بترك المدينة تقديم سبب مقنع لأعضاء محكمته قبل إعطائه ورقة تحمل اسم الشخص وختم التنظيم، تسهّل له عبور آخر سيطرة ضمن حدود سيطرة عناصره.
ورغم تأكيدات الحكومة العراقية المتكررة بقرب استعادة مدينة الفلوجة التي اشتهرت بمقاومتها للإنجليز في عشرينيات القرن الماضي ثم كسرها شوكة القوات الأمريكية قبل نحو عقد من الزمن، إلاّ أن كل المعطيات على الأرض تشير إلى أن فترة استعادة المدينة ستطول، خاصة وأن القوات العراقية فشلت حتى اليوم في استعادة مدينة الرمادي – الأقل ثقلًا وتحصينًا من الفلوجة – مركز محافظة الأنبار، رغم مرور أشهر على إطلاقها عملية شاملة لاستعادتها.
ويبقى القلق يساور غالبية أهالي المدينة الذين نزحوا إلى مناطق أكثر أمنًا مثل بغداد وكردستان العراق، مِن أن يأتي يومٌ يعودون فيه لمدينتهم، وقد أصبحت أثرًا بعد عين.