وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مرسوم يتضمن إجراءات اقتصادية خاصة ضد تركيا، عقب توتر العلاقات بين البلدين إثر إسقاط طائرة روسية انتهكت الأجواء التركية، يوم الثلاثاء الماضي.
ورد ذلك في بيان رسمي صادر عن الكرملين، جاء فيه أن الرئيس بوتين وقّع على مرسوم خاص يتضمن إجراءات اقتصادية جديدة مع تركيا، ينص على تقليص دور الشركات التركية في روسيا، وكذلك تقليص استيراد المنتجات التركية، فضلًا عن حظر تشغيل اليد العاملة التركية في الشركات الروسية اعتبارًا من الأول من شهر يناير المقبل.
كما يلزم المرسوم مكاتب السياحة الروسية بمنع بيع تذاكر السفر إلى تركيا من مطلع العام القادم، إضافة إلى “حظر التواجد والتحرك غير القانوني للسفن التركية قرب الموانئ الروسية”، ووقف حرية دخول المواطنين الأتراك بدون تأشيرة إلى روسيا، اعتبارا من العام 2016، على ألا يشمل القرار حاملي أذونات الإقامة الرسمية في البلاد، والعاملين في السفارة والقنصليات التركية وعائلاتهم.
هذا وأشار الكرملين، إلى أن المرسوم أصبح نافذًا اعتبارًا من اليوم السبت، عقب توقيعه من قِبل الرئيس بوتين.
وبعد إسقاط الطائرة الروسية ورد على الأذهان السؤال الأساسي الذي يتعلق بالعنصر الأساسي للعلاقات بين تركيا وروسيا، وهو؛ هل يمكن أن تقوم روسيا بقطع الغاز عن تركيا؟ وفي حال قطعت روسيا الغاز ما هو البديل لتركيا؟ وتنبع هذه الأسئلة من أساس أن تركيا تستورد ما نسبته 55% من الحجم الاجمالي للغاز الروسي.
فور انتشار نوع من القلق بين المواطنين الأتراك، أكد وزير الطاقة التركي برات البيرك، خلال تصريحاته الصحفية التي تمت مساء يوم سقوط الطائرة، بأنه “يجب أن يكون المواطنون الأتراك مرتاحي البال في هذا الموضوع، لأن روسيا لن تقطع الغاز، وإن أقدمت على هذه الخطوة فتركيا ستجيد التصرف في إيجاد مصادر بديلة”.
وفي تصريح متعلق بذات الشأن أشار غوك هان يلديريم، المدير السابق لشركة بوتاش، التي تعتبر المستورد الرئيس للغاز الروسي، إلى أن “روسيا تنظر إلى موضوع تصدير الغاز لتركيا نظرة اقتصادية، ولا يمكن لروسيا قطع الغاز عن تركيا، لأنها مضطرة للاستمرار في التجارة معها، لأسباب عدة أهمها؛ فرض عقوبات جسيمة من قِبل الغرب عليها، انخفاض سعر الغاز والنفط، ووجود ركود اقتصادي ضخم لدى الاقتصاد الروسي، هذه الأسباب تجعل روسيا مضطرة إلى الاستمرار في تجارة الغاز مع تركيا”.
وأوضح الصحفي التركي مراد أوفوجو، في تقريره الصحفي لقناة “أى خبر” التركية، بأن “تركيا تستورد الغاز من روسيا منذ عام 1987، ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم وصل حجم الغاز المستورد من روسيا إلى 55% أي ما نسبته 26 مليار مكعب من الحجم الإجمالي للغاز الروسي”.
وأضاف أوفوجو مبينًا أنه “لكي تتمكن روسيا من تخطي الاتفاقية الاقتصادية الموجودة بينها وبين تركيا، وقطع الغاز عن تركيا، يجب عليها إبراز سبب “قاهر” لذلك، وحسب الاتفاقية، تعد الحرب المتبادلة السبب القاهر الرئيس لإلغاء الاتفاقية”.
تؤكد جريدة “خبر ترك” على تلك المعطيات، ولكن تطرح، في تقرير لها مُتصل بعنوان “الخطط البديلة لتفادي العواقب التي يمكن أن تنتج عن انقطاع الغاز”، سؤال ما هي الخطط البديلة لتركيا في حال تعنت الدب الروسي وقطع الغاز عنها؟ وحسب ما تورده الجريدة في إجابتها على هذا السؤال، فإن تركيا، منذ بدء استيرادها للغاز وحتى الآن، تقوم بتخزين الغاز الزائد عن الاستهلاك، كما أن المحطات المُولدة للطاقة الكهربائية والآلات التي تعمل على الوقود في المناطق الصناعية مُؤسسة على أساس إمكانية استخدامها للغاز الطبيعي والمحروقات النفطية في نفس الوقت.
وتبعًا لتقرير الجريدة؛ فإن تركيا تستخدم 48% من الغاز الذي تستورده في إنتاج الطاقة الكهربائية، و25% منه في القطاع الصناعي، أما الغاز الذي يُستخدم في مجال تدفئة البيوت فتبلغ نسبته 20% فقط، وهذا يعني بأنه في حال تهور روسيا وقطع الغاز فإن نسبة المخزون مع الغاز المستورد من الدول الأخرى سيكفيان في تمديد المنازل بالتدفئة ولن يتضرر المواطنون الأتراك من قطع الغاز، أما محطات إنتاج الطاقة الكهربائية والقطاع الصناعي فانتقالهما لاستخدام المحروق النفطي سيجعلهما قادرين على تخطي هذه الأزمة في حال حدوثها.
وترى الجريدة أن نسبة الـ20% الخاصة بتدفئة المنازل يمكن تأمينها من خلال كميات الغاز المستوردة من الدول الأخرى مثل إيران، أذربيجان، الجزائر، نيجيريا، وقطر، أما في حال زادت كمية احتياج تركيا للغاز فإن تركيا تستطيع توسيع حجم وارداتها من الدول التي تستورد منها، وخاصة الجزائر التي تحتضن بداخلها كمية عالية من المخزون الطبيعي الذي يُقدر ب 160 تريليون متر مكعب، أو نيجيريا التي لديها 180 تريليون متر مكعب، أو يمكن لتركيا تنويع خط استيرادها وتوقيع اتفاقيات مع دول أخرى مثل تركمانستان، المملكة العربية السعودية، وقطر.
المصدر: ترك برس