تكثف الشرطة البريطانية بحثها عن رجل حاول إحراق مسجد “فينسبري بارك” في العاصمة البريطانية لندن، حيث ظهر الرجل في فيديو مصور رصدته كاميرا المراقبة لشاب أبيض اللون كان يرتدي غطاء للرأس، ألقى زجاجة ملوتوف حارقة من أعلى سور المسجد، مساء الجمعة الماضي، وبعد فشله في إحراق المسجد بسبب هطول الأمطار فر من المكان هاربًا بواسطة دراجة بخارية، فيما لم يخلف الحادث أية ضحايا أو إصابات.
Police @MPSIslington release CCTV of #FinsburyPark Mosque arson attempt https://t.co/lENx70SUnx pic.twitter.com/aGESixKRCZ
— Shomrim (Stamford Hill) (@Shomrim) November 29, 2015
الفيديو المصور الذي رصدته كاميرا المراقبة للجريمة
تشير التقارير إلى وجود جريمة كراهية في تلك الحادثة، وقد صرح المتحدث باسم الشرطة لوكالات أنباء أن التعامل مع هذه الواقعة سيتم على أنها جريمة كراهية خاصةً في هذه المرحلة المتأججة، كما طالب كل من تواجد بالقرب من المسجد المكون من خمسة طوابق يتسعوا لنحو ألفين أن يدلي بشهادته إلى الشرطة للمساعدة في القبض على الجاني، مشيرةً إلى أن الحادث كان سيهدد سكان المنطقة في محيط المسجد هم أيضًا لولا فشله.
من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة مسجد “فينسبري بارك” أن الجريمة فشلت نتيجة لهطول الأمطار في نفس الوقت الذي حاول الشاب فيه إحراق المسجد، وأن الأمطار هي ما حمت المسجد من الاحتراق، واصفًا الهجوم بـ”الإرهابي” وأنها تصرفات غير مقبولة، كما لفت إلى عثورهم على وعاء به مادة قابلة للإشتعال وبعض الأوراق المحترقة خارج المسجد.
وعاء يحتوي على مادة قابلة للإشتعال وجد خارج المسجد
بعض الأوراق المحترقة التي وجدت خارج المسجد
فيما طلب إمام المسجد محمد كوزبار من الشرطة المتواجدة على باب المسجد بعدم التواجد بشكل ظاهر وواضح، حتى لا يبدو لمنفذي الجريمة وغيرهم بأن تلك الجريمة قد أخافتهم، وقد شهد المسجد عقب يومٍ من الحادث حضورًا كثيفًا من المصلين، كما عُقدت به عدة اجتماعات لقادة المجتمع المدني حيث ناقشوا كيفية التعامل مع هجمات الكراهية ضد الإسلام، وزاره أيضًا عدد من كبار رجال شرطة في المنطقة مؤكدين عزمهم عقد مزيدًا من اللقاءات.
هذا وقد دعا كوزبار الأشخاص الذين ينتابهم قلق من الإسلام أو المسلمين إلى زيارة المسجد قبل أن يطلقوا أحكامًا جزافية بناء على معلومات خاطئة عن المسلمين، مؤكدًا أن المسجد مفتوح للجميع، وأن كل البشر سواء ومتشابهون وكلهم يريد العيش في سلام، كما قال: “تعالوا واستمعوا لنا قبل الحكم علينا، ونحن سعداء لإزالة أي مخاوف أنتم قلقون منها، ثم احكموا بعد ذلك، نعم نحن مسلمون، وليس علينا أن نكون جميعًا متشابهين، لكننا جميعا بشر وكلنا نريد العيش بسلام ووئام “.
محمد كوزبار إمام مسجد “فينسبري بارك” في العاصمة البريطانية لندن
وأضاف كوزبار: “أعتقد أن وسائل الإعلام لعبت دورًا رئيسيًا فيما يتعلق بتأجيج الوضع بإعطاء معلومات خاطئة عن المسلمين”، وذلك بعد تقرير على الصفحة الرئيسية لصحيفة “الديلي صن” والتي قالت أن واحدًا من بين كل خمسة مسلمين بريطانيين يتعاطفون مع تنظيم الدولة، ورغم أن التقرير بدا خاطئًا ولم يعتمد على معلومات مقعنة وموثوقة إلا أن الصحيفة لم تنشر اعتذارًا أو تصحيحًا للخبر منذ نشره الأسبوع الماضي.
قدم رئيس حزب العمال جيرمي كوربين الدعم للمسجد والذي لم ينقطع عن تقديم الدعم للمسجد منذ مدة طويلة، حيث قام الرجل بزيارة المسجد في 20 نوفمبر الماضي وتحدث إلى المصلين قبل صلاة الجمعة، وأكد في حديثه هذا أن الإسلاموفوبيا والعنصرية ليست جزءًا من المجتمع البريطاني، مشيرًا إلى أنه لن يكون هناك هجمات ضد أي أحد بسبب إيمانه أو اعتقاده أو دينه، وتابع: “علينا مد أيدينا للدعم والصداقة”.
كما أشار كوربين الذي كان نائبًا عن دائرة إزلينغتون الشمالية منذ عام 1983 إلى سعيه الدائم للحث على احترام الجالية المسلمة والإسلام، وقال سأستمر بالحديث عن احترام الجالية المسلمة والإسلام، وفهم ما يحمله الإسلام للعالم من سلام وعدالة وأمل ورحمة، وسأعمل على إيصال هذه الرسالة”.
هذا وقد أجرى زعيم حزب العمال اتصالًا تلفونيًا مع إمام المسجد عقب الحادث لتقديم الدعم له، وذلك بحسب ما أخبر به كوربين صحيفة “ميدل إيست آي”، في المقابل، لم يتفاعل أحدًا من الوزراء أو الرئيس البريطاني مع الحادث سواء بالاتصالات التليفونية أو زيارة المسجد، ووصف كوربين هذا التجاهل بقوله: ” الحكومة لا تتفاعل بشكل مناسب مع الجالية المسلمة، ونحن حاولنا مرارًا التواصل معها دون جدوى”.
مسجد “فينسبري بارك” تلقى عدة تهديدات سبقت الحادث الأخير، حيث وصلت للمسجد عدة تهديدات عبر البريد والهاتف والإيميل منذ تفجيرات باريس الأخيرة في 13 نوفمبر الماضي، إذ تلقى عقب أسبوع واحد من تفجيرات باريس رسالة عبر البريد تهدد بحرقه.
لم يكن مسجد “فينسبري بارك” هو الوحيد الذي تعرض لهجوم منذ تلك التفجيرات، فمع تبني تنظيم الدولة تفجيرات باريس الأخيرة التي أدت إلى مقتل نحو 130 شخصًا ظهر هاجس الإسلاموفوبيا من جديد، وارتفعت معها نسبة الهجمات ضد المسلمين إلى 300% بحسب ما نشرته جريدة الميدل إيست آي.
حيث تعرض المسلمون في أنحاء مختلفة من أوروبا والعالم لهجوم حاد وقوي في الأسابيع التي تلت حادث باريس، ووجه البعض إلى المسلمين اتهامات بالإرهاب والتطرف، كما زادت التصرفات المعادية لهم ككتابة الشعارات المعادية على جدران المساجد مثل عبارات: “انهضي يا فرنسا”، و”الموت للمسلمين”، وكذلك توجيه الإهانة للمحجبات، إلى جانب حرق القرآن الكريم.