اتفق العراق وتركيا، اليوم الأحد، على فتح صفحة جديدة بالعلاقات بين البلدين، وأكدا على التعاون في مجالات الطاقة والنقل والصحة والزراعة، وعبّرا عن رغبة مشتركة لوضع حد للأوضاع المأساوية في سورية.
ووصل وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى بغداد اليوم في زيارة رسمية لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين العراقيين، وكان في استقباله نظيره العراقي هوشيار زيباري.
وأحرز الجانبان التركي والعراقي تقدما خلال الأسابيع القليلة الماضية لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها. وفي هذا الإطار كان زيباري قد زار في الـ25 من الشهر الماضي أنقرة أزالت الجمود في العلاقات.
وتأتي زيارة أوغلو بعد مرور يومين على تقرير أشار إلى أن تركيا وحكومة إقليم كردستان العراق توصلتا إلى اتفاق شامل بشأن الطاقة يشمل تراخيص بشأن النفط والغاز الطبيعي وإقامة خط أنابيب لنقلهما من شمال العراق إلى تركيا. ويعتبر هذا الاتفاق مثيرا للجدل لأن الحكومة المركزية العراقية والحكومة الإقليمية لم يحلا مشكلتهما المتعلقة باقتسام العائدات.
وكان أوغلو أعلن في مقابلة تلفزيونية الجمعة الماضي ان بلاده لا تتجاهل خلال الاتفاقيات التي جرى إعدادها بين انقرة واربيل حقوق الحكومة المركزية أو تلغي حقوقها القانونية والدستورية.. بعد ذلك سوف نناقش كل هذه الأمور مع العراق. فيما قال وزير الطاقة التركي تانر يلدز يوم الجمعة إن بلاده لن تستورد الطاقة من العراق بدون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد وإنها تدرك مخاوفه بعد أن قال إقليم كردستان العراق شبه المستقل إنه سيمد خط أنابيب نفطيا ثانيا إلى تركيا.
وأشار أوغلو إلى أن سياسة تركيا تتمثل في الاهتمام بكل موارد العراق من الطاقة وليس التركيز فقط على موارد الطاقة في شمال العراق.. موضحًا أن نقل موارد الطاقة العراقية عبر تركيا يخدم في الحقيقة مصالح الشعب العراقي. واعتبر أن الفتور الحالي في العلاقات الثنائية سببه الرئيس التوتر الداخلي في العراق.
وفي بداية سبتمبر الماضي زار أنقرة وفد عراقي يرأسه رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، وخلال اجتماع مغلق استمر 45 دقيقة ابلغ النجيفي اردوغان رسالة شفهية من المالكي تؤكد الرغبة في البدء بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين بالإضافة إلى ضرورة العمل على حل الأزمة السورية بالطرق السلمية حفاظا على أمن دول الجوار.
وكشف داوود أوغلو، اليوم، في مؤتمر صحفي عقده مع زيباري عن عزم تركيا عقد لقاءات مشتركة ومتبادلة مع وزارة النقل العراقية لتوسيع التعاون بين الطرفين، وفيما أكد أنها ستربط العراق بتركيا “أكثر فأكثر”، بين أنها ستزيد عدد البوابات الحدودية بين البلدين إلى جانب الطيران الجوي والسكك الحديدية.
كما نفى داود اوغلو تقديم بلاده أي دعم لما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) متهما نظام الرئيس بشار الاسد بدعم التنظيمات الارهابية في العراق، مضيفا “لا يوجد في تركيا اي مخيم لتدريب الجماعات الارهابية التي تعمل في سوريا” مضيفا ان بلاده “لن تمنحهم شبرا واحدا للتدريب على اراضيها”.
وذكر ان “النظام السوري هو الذي سمح لهذه الجماعات بالتواجد على الاراضي السورية وقد التحق بهم عدد من الفارين من سجن ابو غريب في العراق” مشددا ان “تركيا لم تكن خلف اي جماعة متطرفة بل فتحت أبوابها للفارين من ظلم نظام الاسد الذين فاق عددهم ال700 ألف لاجئ حتى الان”
الى ذلك، قال رئيس الوزراء نوري المالكي، في بيان صدر عقب استقباله داوود أوغلو، إن “العراق يريد علاقات طيبة مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع كل دول العالم سيما دول الجوار”.
وأضاف أن “ظروف المنطقة تستدعي التعاون والتشاور وإقامة علاقات ثنائية متينة لتكون قاعدة صلبة للتعاون على صعيد المنطقة”، مرحّباً “بالتطورات الحاصلة على صعيد العلاقات الثنائية”.
وأشار إلى أن “الشعبين تلقيا هذه التطورات بإيجابية”، داعياً الى “علاقات ثنائية ثابتة ومستقرة بين العراق وتركيا”.
وأكد المالكي أن بلاده تريد “علاقات بين دولتين متكافئتين تقوم على أسس متينة ودائمة بحيث تبقى مستمرة مع تبدل الأشخاص والحكومات”، لافتاً الى أن “هناك آفاقاً واسعة جداً للتعاون والتنسيق”.
من جانبه، شدّد وزير الخارجية التركي، وفقاً للبيان، على “ضرورة التعاون والتنسيق بين البلدين على كل المستويات خصوصاً في ما يتعلق بالتطورات الجارية في المنطقة”، داعياً الى “تفعيل عمل اللجان المشتركة بين البلدين تمهيداً لزيارة دولة رئيس الوزراء المرتقبة الى تركيا”.
وندّد بـ”الأعمال الإرهابية التي يتعرّض لها العراق”، وقال إن أي “هجوم على العراق يعد هجوماً على تركيا”، مضيفاً أن “تركيا على استعداد للتعاون والتنسيق مع العراق حتى على الصعيد الاستخباري”.
وأوضح أن “العراق وتركيا يقفان ضد إثارة النعرات الطائفية في المنطقة”، داعياً الى “تعاون إقليمي أوسع في هذا المجال”، وأكد على “ضرورة مضاعفة التشاور الثنائي فيما يخص تطورات المنطقة سيما الشأن السوري”.
ويحاول الأتراك اتباع سياسة صاغها داوود أوغلو قبل عدة سنوات مبنية على “تصفير المشكلات” مع دول الجوار، إلا أن الربيع العربي وما تبعه خاصة في سوريا أدى إلى تورط أنقرة في عدد من المشكلات الإقليمية التي تحاول الآن الخارجية التركية حلها لا سيما مع دول مثل العراق وإيران ودول البلقان.