الإعصار الصربي يكتسح الموسم
واختتم موسم الكرة الصفراء لهذا العام، بعد منافسة حامية الوطيس بين عمالقة التنس العالمي، انتهت بتربع الصربي نوفاك دجوكوفيتش (نولي) ملكًا على عرش عام 2015، بعد اكتساحه جل بطولات الموسم، بفوزه بـ3 بطولات كبرى (غراند سلام)، و9 بطولات أساتذة (ماسترز)، إضافةً للبطولة الختامية، التي جاء تتويجه بها استكمالًا لموسمه الرائع، الذي لم يترك فيه لمنافسيه فرصة التقاط الأنفاس، من خلال تميزه في جميع أطوار الموسم وعلى جميع الأرضيات، الصلبة منها والعشبية والترابية، ليكون موسم 2015 للتنس هو عام البطل الصربي بكل امتياز.
أما بقية قوى التنس التقليدية فبقيت ضمن دائرة النخبة، إذ أثبت المايسترو السويسري روجر فيدرير علو كعبه حتى وهو في الـ 34 من عمره، بفوزه بلقب بطولة ماسترز، وتأهله إلى نهائي بطولتي غراند سلام، فضلًا عن نهائي البطولة الختامية، وبدوره، عاد الماتادور الإسباني رافا نادال تدريجيًا إلى أجواء المنافسة رغم عدم إحرازه ألقابًا كبرى هذا العام، متأثرًا بالإصابة القاسية التي أبعدته منذ أواخر العام الماضي، كما لم يغب البريطاني أندي موراي عن المشهد بنجاحه في حصد لقبي ماسترز، فضلًا عن تأهله إلى نهائي غراند سلام، فيما واصل السويسري ستانسلاس فافرينكا مفاجآته السنوية، بنجاحه في خطف لقب إحدى البطولات الكبرى.
بطولات الغراند سلام الـ 4 الكبرى
دجوكوفيتش حاملاً كأس بطولة أمريكا المفتوحة
البداية كانت مع بطولة أستراليا المفتوحة، والتي نجح نوفاك دجوكوفيتش في الفوز بلقبها بعد تفوقه على البريطاني أندي موراي في النهائي بنتيجة 3 مجموعات مقابل مجموعة واحدة، ليحرز لقبه الخامس في البطولة الأسترالية، منفردًا بالرقم القياسي لأبطالها عبر التاريخ.
ثانية البطولات الكبرى كانت على ملاعب رولان غاروس الترابية، وفيها حقق السويسري فافرينكا المفاجأة، ببلوغه النهائي وتفوقه على دجوكوفيتش فيه بنتيجة 3 مجموعات لواحدة، محرزًا لقبه الأول في البطولة الفرنسية والثاني في بطولات الغراند سلام عبر تاريخه، وحارمًا نولي من معانقة البطولة الكبرى الوحيدة التي لم يتذوق طعم الفوز بلقبها مطلقًا.
على ملاعب ويمبلدون العشبية التقى الكبيران فيدرير وجوكوفيتش في النهائي، فكانت الغلبة للصربي بواقع 3 مجموعات لواحدة، محققًا لقبه الثالث في البطولة الإنجليزية، وحارمًا كوكب التنس السويسري من فرصة إحراز لقبه الثامن، للانفراد بالرقم القياسي للبطولة عبر تاريخها.
آخر البطولات الكبرى شهدتها ملاعب فلاشينغ ميدوز الأمريكية المفتوحة، حيث تجددت مواجهة العملاقين نولي وفيدرير في النهائي، وتجدد فوز الصربي بنتيجة 3 مجموعات لواحدة، ليحصد لقبه الثاني في تاريخ البطولة الأمريكية بعد لقب عام 2011، والعاشر في مجمل بطولات الغراند سلام، حارمًا نظيره السويسري من تعزيز رقمه القياسي في هذه البطولة البالغ 5 ألقاب، ورقمه القياسي الخاص بمجمل بطولات الغراند سلام البالغ 17 لقبًا.
بطولات الماسترز الـ 9
البداية كانت من الملاعب الصلبة، وتحديدًا من بطولتي إنديانا ويلز وميامي الأمريكيتين، اللتين أحرز دجوكوفيتش لقبيهما، بفوزه في نهائي الأولى على فيدرير بمجموعتين لواحدة، وفي نهائي الثانية على موراي بنفس النتيجة.
موسم الأراضي الترابية بدأ مع بطولة مونتي كارلو، التي تابع فيها العملاق الصربي تفوقه ببلوغه نهائيها، وفوزه على التشيكي توماس بيرديتش بمجموعتين لواحدة، قبل أن يغيب عن بطولة مدريد بداعي الإرهاق، تاركًا الفرصة للبريطاني موراي لخطف لقبه الأول هذا العام، بعد فوزه على إمبراطور التراب نادال بمجموعتين نظيفتين في النهائي، وليعود دجوكوفيتش بقوة فيحرز لقب آخر بطولات الماسترز على الأراضي الترابية، بفوزه في نهائي روما على فيدرير بمجموعتين نظيفتين.
سادس بطولات الماستر كانت في ملاعب أمريكا الشمالية الصلبة، حيث تفوق موراي على دجوكوفيتش في نهائي بطولة مونتريال الكندية بمجموعتين لواحدة، محرزًا ثانية بطولاته في الماسترز هذا الموسم، وملحقًا بنولي أول هزيمة في مباريات النهائي هذا العام، قبل أن يهزم الصربي مرة أخرى في نهائي بطولة سينسيناتي الأمريكية أمام فيدرير بمجموعتين نظيفتين، ليبقى لقب هذه البطولة عصيًا على نولي عبر تاريخه.
وعاد نولي إلى نغمة الانتصارات والبطولات في آخر بطولتي ماسترز لهذا العام، فأحرز لقب شنغهاي الصينية بفوزه في نهائيها على الفرنسي جو ولفريد تسونغا بمجموعتين نظيفتين، قبل أن يختتم بطولات الأساتذة بفوزه بلقب باريس الفرنسية، بتفوقه على موراي في النهائي بمجموعتين نظيفتين.
البطولة الختامية
الأبطال الـ8 المشاركون في البطولة الختامية
وجاء دور البطولة الختامية (نهائيات الجولة العالمية)، والتي تقام نهاية كل موسم بمشاركة الأبطال الـ 8 الأعلى تصنيفًا، حيث قسم الأبطال في بطولة العام الحالي التي استضافتها لندن، إلى مجموعتين ضمت كل منهما 4 لاعبين، فتصدر فيدرير المجموعة الأولى، بعد أن حقق 3 انتصارات متتالية على كل من: بيرديتش ودجوكوفيتش والياباني كي نيشكوري، فيما حل دجوكوفيتش ثانيًا بفوزه على كل من نيشكوري وبيرديتش، الذين ودعا البطولة من دورها الأول.
وفي المجموعة الثانية، استجمع الماتادور الإسباني نادال قواه، وحقق 3 انتصارات متتالية وضعته على قمة المجموعة، بتفوقه على كل من: فافرينكا وموراي ومواطنه دافيد فيرير، تاركًا المركز الثاني لفافرينكا الذي أطاح بكل من فيرير وموراي خارج البطولة.
في الدور نصف النهائي، لم يقو نادال – رغم تحسنه النسبي – على الصمود في وجه الإعصار الصربي الذي تفوق بمجموعتين نظيفتين، وهي نفس النتيجة التي فاز بها فيدرير على مواطنه فافرينكا في نصف النهائي الآخر، ليتواجه نولي وفيدرير في تكرار لنهائي العام الماضي الذي أفسده السويسري بانسحابه، فيؤكد الصربي تفوقه بفوزه بمجموعتين نظيفتين، محرزًا لقبه الخامس في هذه البطولة والرابع على التوالي، وضامنًا بذلك إنهاء العام الثاني على التوالي وهو في صدارة قائمة تصنيف تنس المحترفين، بفارق كبير من النقاط عن صاحب المركز الثاني البريطاني موراي، فيما حافظ بقية المصنفين الـ 10 الأوائل على مراكزهم، فبقي فيدرير ثالثًا، وفافرينكا رابعًا، ونادال خامسًا، وبيرديتش سادسًا، وفيرير سابعًا، ونيشكوري ثامنًا، وتسونغا تاسعًا، وريتشارد غاسكيه عاشرًا.
التنس العربي
المغربي يونس العيناوي أفضل لاعبي التنس العرب تاريخيًا
وفي خضم متابعتنا لبطولات التنس العالمية الشيقة، والاستمتاع بأداء أبطالها من مختلف الجنسيات العالمية، يقفز إلى أذهاننا كمحبين عرب، تساؤل مشروع عن سبب ابتعاد أبناء جلدتنا عن المنافسة الجدية في ساحات التنس العالمية، فإذا بحثنا في جدول تصنيف محترفي التنس الحالي، نجد أن لائحة أول 200 لاعب تتضمن لاعبًا عربيا واحدًا فقط هو التونسي مالك الجزيري الذي يقبع في المركز 101 عالميًا! ومن بعده المغربي الأمين وهاب والمصري محمد صفوت ضمن مراكز تتجاوز الـ 200 في التصنيف العالمي!
وإذا بحثنا في تاريخ بطولات التنس الكبرى أو حتى بطولات الماسترز (ذات الـ 1000 نقطة) عن اسم فائز عربي واحد، فلن نجد للأسف، رغم تواجد أبطال عرب بلغوا مستويات لا بأس بها على الصعيد العالمي، أبرزهم المغربي يونس العيناوي الذي بلغ الترتيب الـ 14 عالميًا عام 2003، إضافةً إلى مواطنيه هشام أرازي وكريم العلمي الذين حققا نتائج ملفتةً أواخر القرن الماضي.
قد يعزى هذا الغياب إلى صعوبة ممارسة هذه اللعبة على الصعيد الاحترافي في وطننا العربي، بسبب متطلباتها المادية الباهظة من منشآت ومعدات ومدربين، ولكننا حين نشاهد أبطالًا من دول راكدة اقتصاديًا كصربيا والتشيك وبلغاريا، وحتى كازاخستان وبيلاروسيا ولاتفيا، نعلم أن السبب ليس ماديًا بالقطع، على الأقل فيما يخص دول الخليج العربي التي تمتلك الإمكانيات اللازمة، بدليل استضافتها لكبرى الأحداث الرياضية العالمية، حتى فيما يخص بطولات التنس، التي أصبحت بطولة دبي ذات الـ 500 نقطة، والدوحة ذات الـ 250 نقطة، من البطولات التي تستقطب كبار نجوم التنس العالمي، دون أن يساهم ذلك في ظهور نجوم عرب على مستوى التطلعات.
لن نغرق في التشاؤم وسنحاول النظر إلى نصف الكأس الممتلئ، فشعبية الكرة الصفراء بين صفوف الجمهور العربي باتت في تزايد مطرد في سنوات العقد الأخير، فلم يعد مستغربًا أن تدخل أحد المقاهي الرياضية لتجد الحاضرين مستمتعين بمشاهدة أحد مواجهات البطولات الكبرى بين عمالقة التنس العالمي، كفيدرير ونادال ودجوكوفيتش، الذين أصبح لهم شريحة لا بأس بها من المتابعين العرب، أسفرت عن إنشاء روابط مشجعين ناشطين ضمن المنتديات الالكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك يعد خطوةً على الطريق الصحيح لتأخذ هذه اللعبة الفردية الرائعة حقها من الاهتمام والتطور في وطننا العربي، مما يجعلنا متفائلين بظهور جيل صاعد من مواهب التنس العربية في المدى المنظور، يصل إلى درجة ننتظر فيها نهائي إحدى بطولات التنس الكبرى، من أجل تشجيع نجمنا العربي.