علق كاتب بصحيفة غارديان على أوضاع مصر بأن “أسيادها الجدد يدمرون تقليدًا طويلاً من الحرية الدينية”، وقال إن العديد من المصريين سعوا خلال ثورة 25 يناير لإعادة تشكيل الدولة، والآن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي يحاول إعادة تشكيل هوية الشعب باستغلال الانقسام القائم.
وأشار جاك شنكر إلى ملامح التعددية الدينية في مصر عبر التاريخ كما تكشفها الآثار القديمة المتناثرة بمتاحف العالم، وما سجله التاريخ أيضًا عن أولئك الذين كانوا في سدة الحكم واستغلوا وتلاعبوا بالاختلافات الدينية عبر القرون لخدمة أهوائهم.
وقال إن هذا التوتر الحالي بين التوليف والإقصاء، مع اقتراب البلاد من الذكرى الخامسة لانطلاق الثورة، يبدو واضحًا مرة أخرى، وأوضح أن الإطاحة بـ “الديكتاتور” السابق حسني مبارك قربت بين المسلمين والمسيحيين بالشوارع، وبدا ذلك جليًا في وحدتهم ضد منظومة سلطة الدولة الهرمة وقواتها الأمنية، وعلى المستوى الأقل، فعل الزعماء الدينيون من كلتا الديانتين: إما أنهم تجاهلوا الاضطرابات المتنامية أو منعوا أتباعهم مباشرة من المشاركة فيها.
وذكر الكاتب أن هذا التمرد من فئات الشعب المختلفة كان أخطر على النخبة الحالية من المصريين الذين رأوا أنفسهم مواطنين مستقلين بدلا من أتباع خنوعين، ولهذا السبب كشرت الثورة المضادة عن أنيابها لإعادة فرض ثقافة السيطرة من أعلى، والطاعة من أسفل.
فبدلًا من أن يصطف المواطنون من مختلف المذاهب والمشارب لتقويض المؤسسات القمعية للدولة، يطالب السيسي شعبًا مطواعًا بأن يكون “يدًا واحدة” مع عجائز السياسة، بينما يتم نفي المعارضين خارج حظيرة العائلة، وأي شخص يشذ عن العرف السائد يتم استهدافه.
وخلص شنكر إلى أن الانقسام الديني عبر تاريخ مصر يشكل سلاحًا أساسيًا في ترسانة الدولة، وأن المسيحيين يكونون مقبولين طالما اعترفوا بنظام السيسي راعيًا وحاميًا لهم، وهذا يعني أن تُنتحل أصواتهم السياسية من قِبل قيادة الكنيسة المحافظة التي هزتها موجة ثورة داخلية في أعقاب سقوط مبارك، لكنها منذ ذلك الحين أعادت تأكيد سلطتها وأصبحت من أشد داعمي الوضع الاستبدادي الراهن.
وختم بأنه من خلال الثورة، سعى العديد من المصريين لإعادة تشكيل الدولة، ومن خلال الثورة المضادة سعت الدولة لإعادة صياغة الشعب، والرسالة الواضحة الآن هي أن الهوية المصرية “الشرعية” تُحدد من الأعلى إلى الأسفل، بمعنى أنه كيف يبدو الشخص ومن يخادن، وأي رب يعبد، تصير علامات الانتماء، وكل شخص عرضة للإقصاء، وهذه الرسالة قبلها البعض وقاومها آخرون بشجاعة كبيرة.
المصدر: الغارديان – تقرير: الجزيرة