إخواننا الذين لا نعرفهم… الهنود الحمر

للوهلة الأولى قد تستغربون من العنوان، فهذا أيضًا ما حدث معي من خلال قراءتي لأحد الكتب التاريخية، جذبتني معلومة أن “الهنود الحمر كانوا مسلمين ويتكلمون اللغة العربية”، فقررت البحث والتعّمق بالموضوع أكثر.
بداية فإن أغلب كتب المؤرخين التي وصلتنا، تُشير إلى أن البحار الإيطالي الأصل “كولومبس” هو من اكتشف القارة الأمريكية في عام 1492م، لكن كولومبس ذكر في مذكراته التي أصبحت في طي النسيان، أن الهنود الحمر كانوا مسلمين والبعض يتكلم اللغة العربية؛ لأنه شاهد مسجدًا على إحدى قمم الجبال ونقوش وكتابات عربية تعلوه مثل “لا غالب إلا الله”، وأن طعامهم كان يشبه طعام المسلمين، وشاهد بعض الرماح التي تشبه الرماح العربية، وذكر أن ملابس نسائهم تشبه إلى حد ما ملابس نساء غرناطة، وشاهد بعض الزنوج الأفارقة.
علاوة على ذلك كانت بعض المدن هناك بأسماء مدن عربية مثلاً مراكش وفاس؛ مما يدل على أن العرب المسلمين هم أول من اكتشف القارة الأمريكية، أي قبل كولومبس بعدة سنوات، وربما مئات أو آلاف السنين، حيث لا توجد أدلة حتمية عن السنة التي وصل فيها المسلمون للقارة الأمريكية.
تذكر الرواية الغربية التي تقبلناها وكأنها حقيقة تاريخية أنه في 1492 أرسلت ملكه قشتالة “إيزابيلا”، الرحالة كولومبس لاكتشاف أراضي ما وراء الأطلسي فاكتشف أمريكا، وسميت هذه القبائل المكتشفة بـ “الهنود الحمر” لأن الأوربيين ظنوا أنهم هنود نسبة للون بشرتهم الأسمر المائل للحمرة، ولأن الهنود الحمر لم يكونوا متحضرين وكانوا وحوشًا وبدائيين، فقد تطوع الأوربيون ذوو البشرة البيضاء المتحضرون لنشر الثقافة في أوساطهم!
إلى هنا انتهت الرواية الأوروبية، ولنستعرض وبشكل مختصر الحقائق التاريخية التي توصلت لها من خلال بحثي عن تاريخ الإسلام في أمريكا:
في القرن الأول الهجري تحديدًا عام 63 عندما وقف عقبة بن نافع على الضفة الشرقية للمحيط الأطلسي وقال: “اللهم لو كنت أعلم أن وراء هذا أرضًا لخضته إليها في سبيلك حتى أعلي عليها كلمه لا إله إلا الله”، وقال الإمام الشعبي شيئًا عجيبًا في كتاب “الحث على التجارة” لأبي بكر الخلال، حيث قال: “إن لله عز وجل عبادًا من وراء الأندلس كما بيننا وبين الأندلس ما يرون أن الله تعالى عصاه مخلوق رضراضهم الدر والياقوت، جبالهم الذهب والفضة لا يزرعون ولا يعملون عملاً، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم وشجر لها أوراق عِراض هي لباسهم”.
وفي القرن الرابع الهجري ذكر المؤرخ المسعودي في كتابه “مروج الذهب ومعادن الجوهر” عام 956م وأبو حامد الغرناطي أن أحد المغامرين عبر من رطبة واسمه الخشخاش بن سعيد بن الأسود عبر بحر الظلمات مع جماعته ووصل إلى الأرض بعد البحر ورجع منها وقد رسم المسعودي بعد بحر الظلمات أسماها الأرض المجهولة في حين أسماها الإدريسي الأرض الكبيرة أي أن المسلمين في القرن التاسع الميلادي كانوا يعلمون بوجود أرض بعد المحيط الأطلسي.
وكانت هناك أيضًا محاولات أخرى في القرن الخامس والسادس الهجري لعبور المحيط الأطلسي ولن تكفي أسطر لعرضها.
لكن ما يُثير الدهشة والإعجاب أنه في عام 1929 اكتشف الأتراك خريطة للمحيط الأطلسي كان قد رسمها “بيري رايس”، قائد الأسطول العثماني آنذاك، تعطي الخريطة تفاصيل دقيقة لحدود تلك الأرض وشواطئ الأطلسي وكذلك أنهار وجبال وجزر وأماكن لم يصل إليها الأوربيون إلا في عام 1540 – 1560م وباعتراف صريح منهم.
وهناك الكثير من الكُتاب والمؤرخين الغرب من خلال مراجعاتهم لكتب الرحلات الاستكشافية في تلك الحقبة، ذكروا أن المسلمين كان لهم وجود من قبل أن يصل إليها كولومبس، سأكتفي بذكر ما جاء في كتاب “التاريخ القديم لاحتلال المكسيك” لمانويل إيروسكو إبيرا الصادر عام 1978:
“كانت أمريكا الوسطى والبرازيل بصفة خاصة، مستعمرات سود جاؤوا من أفريقيا وانتشروا في أمريكا الوسطى والجنوبية والشمالية”.
وفي عام 1775 اكتشف الراهب “فرانسيسكو كارسيس” قبيلة من السود مختلطة من الهنود الحمر في نيومكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية (المكسيك حاليًا)، واكتشف في الخرائط المرفقة تماثيل تدلل دلالة كاملة بأنها للسود، وبما أنه لا يوجد في أمريكا سود، فلا شك أنهم كانوا هم المسلمون الأفارقة الذين ذهبوا لأمريكا لنشر الإسلام.
كتب التاريخ لم تذكر لنا أن كولومبس عندما عاد، ذكر لهم أنه اكتشف آثار لوجود إسلامي، ولم تذكر لنا أن هذا السبب الذي جعل إيزابيلا وفرناندو الثاني يتخذان قرارًا بإرسال حملة صليبية لإبادة المسلمين هناك وطمس الوجود الإسلامي بأبشع أنواع التعذيب والقتل في محاكم التفتيش الإسبانية آنذاك، محاكم التعذيب التي يندى لها جبين الإنسانية، بعد أن قاموا بنقل مجموعة كبيره من الزنوج الأفارقة بعد اعتقالهم إلى إسبانيا في معتقلات خاصة تحت الأرض في محاكم التفتيش ليموتوا ويذوقوا الويل لا لشيء فقط، لأنهم مسلمون.
استنتجت من هذا أن كل ما حصل ويحصل ما هو إلا جزء من الغزو الثقافي لطمس وتشويه تاريخ الأمة الإسلامية، الذي انتشر بالعلم والعدل وليس كما يصور لنا الإعلام الغربي أنه انتشر بحد السيف والدم، حاولت كتبنا التاريخية تكريس فكرة أن الأوربيين البيض هم الشعوب المتحضرة والهنود الحمر شر خلق الله.
أبعد كل هذا مازلنا نُدين لأوروبا باكتشاف القارة الأمريكية وتخليص العالم من شر الهنود الحمر؟
آن الأوان أن ننفض الغبار عن تاريخ أمتنا، فنحن أمة لا تموت.