كشفت تقارير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس الجمعة وجود 16 مقبرة جماعية في “سنجار” شمال العراق، والتي سيطرت عليها داعش في أغسطس من العام الماضي، فمنذ سيطرة داعش على سنجار تولى تنظيم الدولة حملات دموية من الذبح والقتل استهدفت القبائل اليزيدية في العراق، والتي كانت تُشكل النسبة السكانية الأعلى في سنجار، قبل هروبهم إلى مخيمات اللاجئين في كردستان العراق خوفًا من تنظيم الدولة.
صرّحت تقارير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأن العدد الموجود داخل تلك المقابر الجماعية غير مُعلن حتى هذه اللحظة، إلا أنها أعلنت بأن الضحايا تم قطع رؤوسهم وحرقهم قبل دفنهم في تلك المقابر الجماعية شمال العراق، لتُعلن بالتبعية أن ما حدث يمكن وصفه بالمجزرة.
كما صرّح قاسم سمير رئيس المخابرات في سنجار للأمم المتحدة بأن أولى المقابر تمّ اكتشافها بالقرب من مركز المدينة واحتوت على 78 جثة من النساء المتقدمات في العمر، وذلك بعد استعادة أجزاء عدة من المدينة بمساعدة القوات العسكرية من كردستان العراق ومقاتلات قوات التحالف الأمريكية ضد داعش، كما تم اكتشاف مقبرة أخرى تقع على بعد 10 كيلومتر خارج “سنجار” وتحتوي على ما يقرب من 60 جثة من الرجال والنساء والأطفال تم ذبحهم وحرقهم قبل دفنهم في مقبرة جماعية، يقول قاسم سمير خلال لقائه مع صحيفة الجارديان إنهم وجدوا ملابس وأموال بالقرب من تلك المقابر تعود ملكيتها إلى نساء تزيد أعمارهن عن الستين عامًا قد تم فصلهن عن الفتيات اليزيديات من قِبل الجهاديين قبل وقوع المجزرة.
خريطة توضح التوزيع الجغرافي ما بين داعش وسيطرة كردستان العراق
من هم اليزيديون، ولماذا تهاجمهم داعش؟
اليزيديون يتبعون الأكراد في العموم الآن بعد هجرتهم من الهند وإيران إلى كردستان العراق منذ مئات السنين، وهم من المجموعات التي حافظت على معتقداتها لعقود رغم الاضطهاد الديني والتمييز العنصري، حيث يعتبرهم العديد من المسلمين “عبدة للشيطان”، كما يتخذهم تنظيم الدولة هدفًا للقضاء عليهم، بسبب عدم اعترافهم بوجود واسطة بين الإنسان والإله، لذا لا يوجد أنبياء في الديانة اليزيدية وتقوم عقيدتهم على تقديس الإنسان للظواهر الطبيعية، حيث يتبعون في شعائرهم على وجود كتابين مقدسين يسمونهما بـ”هدية الشمس” يزعمون بفقدانهما منذ قرون.
تعرض اليزيديون إلى 72 مجزرة وإبادة جماعية أثناء حكم الدولة العثمانية خلال كل من القرن الثامن والتاسع عشر، كما قتل ما يقرب 800 يزيدي خلال الاحتلال الأمريكي للعراق نتيجة عمليات تفجيرية لسيارات مفخخة، أما عن موقفهم من الجماعات الجهادية في السنوات الأخيرة، فهم مُصنفون كواحدة من الجماعات الكافرة من قِبل تنظيم القاعدة، ومؤخرًا يعتبرهم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام كعبدة الشيطان ويجب الحد من وجودهم والقضاء عليهم، حيث قضت داعش على ما يقرب من 3000 يزيدي منذ سيطرتها على شمال العراق.
صرّح عمدة مدينة سنجار إلى “أسوشيتيد برس” أنه تم اكتشاف ما يقرب من 16 – 17 مقبرة جماعية لليزيدين في مناطق مختلفة في سنجار، بعد تحرير المدينة من سيطرة داعش، إلا أنه لم يُعط أي معلومات عن عدد الجثث التي تم دفنها في تلك المقابر بعد.
اعترفت داعش بقتل الآلاف من اليزيدين بعد سيطرتها على سنجار في صيف العام الماضي، واتخاذها النساء اليزيديات سبايا لهم، فمنذ سيطرة داعش على تلك المنطقة من شمال العراق ارتفعت نسبة طلبات اللجوء لدول الاتحاد الأوروبي من اليزيدين، هربًا من التمييز العنصري والاضطهاد الديني وإجبارهم على اعتناق الإسلام، في حين أن اليزيدية من المعتقدات التي تُحرّم الخروج عن الدين ولا تقبل بعودة المُرتد إلى اليزيدية مرة أخرى.
إحدى العائلات اليزيدية التي تعيش في مخيمات اللاجئين في كردستان العراق
فيان دخيل، نائبة في البرلمان العراقي تطالب بوقف المذابح التي تُقترف من قبل داعش ضد اليزيدين
صرحت متحدثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بيانها الصادر عن المجزرة ضد اليزيدين بأن ناقوس الخطر لا يدق فقط مُعلنًا التوتر والخوف تجاه الجماعات غير الإسلامية واللامنتمية لتنظيم الدولة، بل أنه يُعلن الخطر الذي تتعرض له القبائل السنية الإسلامية منذ شهور من قِبل الجماعات العرقية الأخرى في العراق من قتل وعنف وتمييز عنصري، إثر اتهامهم بتأييد تنظيم الدولة الإسلامية لقبولهم الخضوع تحت سيطرتهم، حيث بيّنت تقارير الأمم المتحدة قيام قوات الأمن العراقية وكذلك الكردية في شنّ هجمات واسعة المدى لتخريب وتدمير ممتلكات تعود لجماعات السنة من العراقيين، كما وضّحت تعرضهم للإعدامات غير القانونية بدون حكم القضاء، وتعرضهم للطرد من مقاطعاتهم، فقد صرحت متحدثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بوجود 1300 سنى عراقي عالقين في منطقة محايدة ما بين داعش وبين قوات الأمن الكردية والعراقية.
تطالب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في حديثها الحكومة العراقية وقوات الأمن الكردية بإيقاف العنف الموّجه تجاه القبائل السنية العربية، وعدم الوقوع في مصيدة التمييز العنصري التي تمارسها داعش بالمثل تجاه الجماعات العرقية غير الإسلامية في العراق.