لم يكن المصوتون سعداءً عندما تعهد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بتجذير الثورة الاشتراكية التي قام بها الرئيس السابق هوغو تشافيز، حيث وقع الاقتصاد الفنزويلي في حالة يُرثى لها حسبما تشير استطلاعات الرأي التي عرضت أن المعارضة استحوذت على مجلس النواب للمرة الأولى منذ 16 سنة في انتخابات يوم الأحد عام 2013.
منذ اللحظة التي استلم بها مادورو المكتب الرئاسي في عام 2013 استخف بالمؤشرات الاقتصادية الأساسية بدءًا من تدخل الحكومة غير المجدي في الاقتصاد إلى مضاعفة القيود على العملة المحلية (البوليفار) الضعيفة أصلًا.
فيما يلي سنوضح في خمس رسوم بيانية كيف أنّ سياسات مادورو دمرت اقتصاد البلاد:
1- البوليفار الفنزويلي بدون قيمة
في كل مرة يتعهد فيها مادورو بتحرير اقتصاد البلاد من القيود الصارمة على العملة المحلية، تأتي النتيجة على شكل نظام جديد يؤدي إلى هبوط سريع للبوليفار في السوق السوداء.
في الرسم البياني الموضح أدناه يُظهر هبوط البوليفار بمقدار 97% منذ استلام مادورو رئاسة البلاد، حيث يظهر الاتجاه المنحدر لورقة نقدية (bank note) تعود لأكبر بنك في البلاد كانت تساوي 4 دولار أمريكي تساوي اليوم 11 سنتًا أمريكيًا.
2- خط الفقر
رأى الفنزويليون مدخولاتهم الحقيقية تهبط أمام أعينهم كلما هبطت العملة أكثر، فالحد الأدنى للأجور في البلاد هو 9649 بوليفارًا أي ما يساوي 48 دولارًا في الشهر حسب أدنى سعر صرف رسمي، ولكن هذا يساوي 10 دولار فقط بسعر صرف السوق السوداء، كما أنّ بنك أمريكا قال الشهر الماضي إن الأجور الحقيقية هبطت 36% خلال السنتين الماضيتين.
يوضح الشكل أدناه معدل الأجر الأدنى الذي يساوي 10 دولار وكيف أن الأجور هبطت لتتناسب وهبوط العملة في السوق السوداء.
3- التضخم العالي
فترة رئاسة مادورو انتقلت فيها فنزويلا إلى الاقتصاد المزدوج (de facto dual economy) مع أعلى مؤشر تضخم في العالم، معظم الفنزويليين الذين يدفعون بالبوليفار وجدوا رواتبهم تتآكل بسبب ارتفاع الأسعار المطّرد ويقفون في طوابير طويلة لشراء المنتجات من المؤسسات التابعة للدولة، في حين من يملك عملات أجنبية يستطيع شراء المنتجات من الأسواق بأريحية مع فارق في السعر العالي بين مؤسسات القطاع الخاصة ومؤسسات الدولة، كما يجعل هذا الوضع من الصعوبة بمكان على الشخص الذي يتقاضى راتبًا شهريًا ثابتًا أن يأكل في مطاعم خارج المنزل.
يُظهر الشكل أدناه مستويات التضخم في فنزويلا التي تعتبر الأعلى في العالم وفي نظرة مستقبلية تظهر المؤشرات أن الأمور إذا بقيت على ما هي عليه فإن التضخم سيرتفع ليلامس مستويات قد تصل إلى 1500% في 2017 بينما سجلت 124.3% عام 2015.
4- السوق السوداء
في اقتصاد الدولة النظامي تُسعّر الـ 30 بيضة بـ 420 بوليفارًا أو نصف دولار أمريكي، في السوق السوداء يُعد هذا معقولًا بالنسبة لعامّة الفنزويليين ولكن من الصعوبة إيجاد البيض لأن الحكومة خفّضت الأسعار بنسبة 65% ما أدى لقلة المعروض من البيض، وفي السوق الحر تناول وجبة طعام في مطعم راق في العاصمة كراكاس ليس بمقدور الجميع حيث سيدفع مقابل تلك الوجبة 10 آلاف بوليفار أو أكثر للشخص الواحد وهذا أكثر مما يتقاضاه الموظف في الشهر.
في الشكل أدناه يظهر أربعة معدلات لسعر الصرف في السوق الفنزويلي، حيث يتضاعف سعر صرف الدولار في السوق السوداء معدل مئة وخمسين مرة عن أسعار الصرف الأخرى الموجودة في السوق، وهذا كاف لإظهار الاختلال في فجوة سعر صرف العملة في السوق المحلية مع السوق السوداء.
5- النفط يقود الانكماش
تُشكل إيرادات النفط نسبة 95% من أصل صادرات البلاد؛ ففنزويلا عضو في منظمة أوبك وتنتج يوميًا ما يقرب من 2.400 مليون برميل، ويبدو أن رئيس البلاد يظن أنّ منتجي النفط هم من يحددون الأسعار وليس السوق من يجب أن يحدد سعر البرميل وفق آلية العرض والطلب، كما لا يألُ مادورو في كل مناسبة بعد هبوط أسعار النفط في الأسواق العالمية وتراجع إيرادات البلاد من إرجاع مشاكل البلاد إلى “حرب الاقتصاد” التي يشنها جيران فنزويلا من الولايات المتحدة الأمريكية وكولومبيا التي يغلق الحدود معهما.
تتكلم النتائج بنفسها، توقع بنك النقد الدولي انكماش في الاقتصاد بمعدل 10% هذه السنة وهو المعدل الأعلى في العالم، حيث يُظهر الشكل في الأسفل توقعات بنك النقد الدولي لأكبر الرابحين والخاسرين لعام 2015، حيث يوضح الرسم أن الناتج المحلي الإجمالي لإثيوبيا سينمو بنسبة 8.7% بينما فنزويلا سينكمش ناتجها الإجمالي بنسبة 10%.
المصدر: بلومبرج