الاعتصام بالعراق، في أيام الصيام !
في شهر رمضان يتواصل المعتصمون اعتصاماتهم في ستة من محافظات العراق غربا وشمالا، تظاهرات واعتصامات في شهر الخير والبركة من ابرز عناوينها؛ “رمضان شهر الصبر و النصر” المنضمون والقائمون على هذه الاعتصامات والتظاهرات من جانبهم يواصلون دعواتهم للحكومة العراقية بعدة مطالب قديمة جديدة من أبرزها؛ إطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات الأبرياء في سجون الحكومة العراقية، وتفعيل قانون العفو العام تزامنا مع شهر رمضان المبارك، إضافة إلى مطالب أخرى ليست بالكثيرة كما يقولون. الحكومة العراقية من جانبها وعلى لسان بعض مسؤوليها أعلنت على أنها بدأت باتصالات مع القوى السياسية من اجل الاتفاق على موعد لعقد اجتماع ينتهي بميثاق شرف يؤكد على المصالحة الوطنية، ويرفض التفرقة الدينية أو القومية أو المذهبية.
شهر رمضان الكريم يعرف بأنه شهر الانتصارات والفتوحات على مستوى الأمة الإسلامية في القدم، ومن هذا المنطلق تكون الخطب والتوجيهات في ساحات الاعتصام في ستة محافظات عراقية ويدعو الكثير من خطباء وأئمة المساجد في هذه المحافظات إلى الاستمرار في الاعتصام السلمي المفتوح و إلى عدم ترك ساحات الاعتصام، ويعزون ذلك الأمر إلى؛ إن ترك الساحات سيكون “تفريطا بالحقوق و إهدارا للكرامة”.
و من نفس الجانب يؤكد المنضمين للاعتصام و المعتصمين أنفسهم بأنهم ؛ ” مستمرون في اعتصامهم ولن يزحزحهم حر أو برد الجو، إلا حين الاستجابة للمطالب المشروعة، وعلى رأسها الإفراج عن المعتقلات البريئات والمعتقلين وتسليم قتلة أبناء الفلوجة و الحويجة والموصل” أو كما يقولون.
اعتصام الانبار، منطقة الاعتصام الاولى !
في محافظة الانبار يتواصل الاعتصام بصورة متكاملة وتكون أيام الجمع فيه على استنفار كبير في شتى مدن المحافظة، مدينة الرمادي و الفلوجة هي من اكبر المدن في محافظة الانبار وتشهد اعتصاما مفتوحا منذ أشهر الاعتصام الأولى على الطريق الدولي الذي يربط العراق بدول جواره. خطباء الجمعة في هذه المدن يواصلون توجيههم للمعتصمين بنصائح وتوجيهات مقتبسة من آراء العلماء الإجلاء في المحافظة وعلى مستوى البلد، هؤلاء الخطباء يطالبون الحكومة العراقية بمطالب قديمة جديدة ويؤكدون على أنهم؛ “قد خرجوا من اجل قضية عادلة وشرعية تتطلب منهم الصبر والثبات، ويطالبون الحكومة العراقية باستغلال الشهر الكريم لتنفيذ المطالب المشروعة”.
ويتفق جميع الخطباء والمنضمين للاعتصام في محافظة الانبار وبقية المحافظات على؛ ” إن حكومة المالكي تتعمد تجاهل مطالب المعتصمين واستهداف المعتصمين واللجنة المنظمة للاعتصامات بحجج و أكاذيب غير واقعية” ويؤكد الجميع هنا من منضمين وخطباء إلى إن الاعتصام مازال مستمر.
لا تخلو أيام الجمعة من بداية الاعتصام والى اليوم من إحداث أمينة مشددة ومتدهورة، فيكون حظر التجوال في منطقة والاعتقال في منطقة أخرى، ويتدهور الأمن وبتفجيرات مختلفة في مناطق شتى وهكذا بقتل الأبرياء تتوج العملية! وغالبا ما تكون هذه الإحداث فاعلة على مستوى المحافظات العراقية التي تشهد اعتصاما مفتوحا من أكثر من مائتين يوما على التوالي.
الامن بالعراق في شهر الصيام
يتردى الأمن في محافظات العراق المختلفة و تتواصل في بعض مناطقه التصعيد الأمني، ففي كل يوم يتوج العراق بمقتل الكثير من أبناءه الأبرياء بعيدا عن الانتماءات والتوجهات، فالعنف لا يعرف أحدا ولا يتجاهل احد، في وقت يكتفي فيه الساسة والبرلمانيون بل أدانه والاستنكار وهكذا يفعل المجتمع الدولي بين حين وآخر.
بيوت الله في الأرض، المساجد والجوامع لم تسلم من التفجيرات والاستهداف وقتل من فيها من المصلين، ففي شمال العراق وتحديدا في محافظة ديالى اعتدي على حرمة جوامع المحافظة وحسينياتها بتفجيرات أدت إلى قتل العديد من المصلين والمارين وقال محافظ ديالى في بيان له إن “ثمانية مساجد وحسينيات استهدفت في ديالى على مدار أسابيع معدودة، ما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 300 شخص” ، وكما هي العادة وراء كل تفجير وتدهور الامن في المناطق العراقية يطالب المسؤولين الحكومة المركزية بتشكيل قوة لحماية دور العبادة من الهجمات المسلحة في ديالى.
ديالى .. لك الله في أيام رحمته !
ديالى هي المحافظة العراقية التي كان لها من نصيب العنف الكثير بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، واستمر تدهور الأمن فيها إلى يومنا هذا، و مع بداية أيام الاعتصام العراقي في بعض المحافظات العراقية كان لديالى نصيب من العنف والقتل الممنهج كما هو في بقية المحافظات، إضافة لعمليات التهجير ألقسري في بعض المناطق على مستوى المحافظة، إحداث دامية مرت بها و تدمرت مشاعر أبنائها، و أيام عصيبة مرت بها هذه المحافظة من عمليات عسكرية وقتاليه مختلفة في سنين العراق العصيبة و المظلمة تاريخيا، هذه المعارك و التطورات ألقت بظلالها على المحافظة فدمرتها ماديا وبشريا لفترة طويلة من الزمن، ولكن هذه المحافظة وبجهود أبنائها وشيوخ عشائرها استطاعت إن تنهض ولو بشكل بسيط في أمور حياتها واستطاع وان يحسنوا الوضع ولو بشكل بسيطو مقارنة مع الأيام العصيبة الأولى ! هذا كان قبيل سنين بسيطة! ولكن لم يستمر الوقت كثيرا إلى إن حدث مؤخرا تدهور كبير في الأمن و تهجير قسري أخر، وظلم في حق أبناء هذه المحافظة من قبل المليشيات والعصابات الاجرامية، وضع مخيف وكئيب يرمي بظلاله على المحافظة وعلى العراق بأسره، ويتخوف الجميع هنا من العودة للمربع الأول من العنف وسفك الدماء وتهجير الأبرياء وتعنيفهم ! هذه الإحداث وصلت إخبارها لجامعة الدول العربية وقال الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، في بيان صدر له؛ إن “هذه الهجمات الإرهابية التي تتم بأيادي نكراء لا تريد الخير للعراق والعراقيين، وإنما تهدف إلى بث نوازع الفتنة والفرقة بين أبناء الشعب العراقي”.
هكذا إذن هي الصورة في العراق بشكل مبسط غير موسع، ففي العراق إن أردت إن تعرف إخباره فيتوجب عليك إن تتابع الأمور الجارية فيه لحظة بلحظة! لسرعة التطورات فيه على مختلف أموره وسياساته ودوافعه الدينية والاقتصادية، فكل شيء في هذا البلد من الممكن إن يؤول ويبوب إلى إلف باب وباب ويعتمد الكثير من الإطراف هنا على زرع الفتن في أبناء البلد مستغلين الضروف المتدهورة فيه على كافة جوابنه.
و يأمل الجميع من العراقيين في شهر رمضان إن يكون العراق بلدا أمننا مطمئنا مدفوع عنه البلاء والوباء في كافة مناطقه و على اختلاف سكانها وتوجهاتها!.