ترجمة حفصة جودة
ما زالت الولايات المتحدة مستمرة في حملاتها الخطيرة لاستئصال ومنع التهديدات الإرهابية، يبدو هذا مفهومًا ولكن بلا جدوى، وقد بدأ المحققون الفيدراليون تحقيقهم عن حادث إطلاق النار الإرهابي في كاليفورنيا وسوف تظهر الكثير من الحقائق عن خلفية القاتلين وعلاقتهم بتنظيم الدولة الإسلامية.
ومهما كانت نتيجة التحقيقات فعلى الأمريكيين الحذر من المبالغة في رد الفعل، وينبغي عليهم كبح جماح ردود الفعل المذعورة التي تنم عن عدم ثقة وكراهية تجاه الأمريكيين المسلمين، لقد كانت هذه مشكلة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر وستظل كذلك طالما لا يزال الجهل بالإسلام عميقًا ومنتشرًا، واليوم من يؤجج هذا الجهل بدون أي معرفة في المجال السياسي هم مرشحو الرئاسة الجمهوريون، حيث طالبوا بتسجيل مسلمي أمريكا في قاعدة بيانات ورصد تحركاتهم وأن تُراقب مساجدهم أو يتم إغلاقهاـ وقد أعلن محافظو أكثر من 24 ولاية أن حدودهم مغلقة في وجه اللاجئين السوريين وذلك في تحد واضح للفطرة السليمة والدستور والسلوك الإنساني القويم.
وعلى النقيض من ردود الفعل المذعورة تلك، فهناك السلوك الذي قام به الخبراء منفذو القانون؛ حيث قامت وحدة مكافحة الإرهاب بقسم شرطة لوس أنجلوس بمقابلة قادة مسلمي أمريكا وطمأنتهم ومجتمعهم بأنهم ليسوا وحدهم وأنهم جميعًا يواجهون هذا التحدي معًا.
وقد صرّح نائب رئيس الشرطة مايكل داوننج لنيويورك تايمز قائلاً إن “الجاليات المسلمة مصدر قوتنا لا ضعفنا، لن نسمح بإفساد علاقتنا معهم ولن نسمح للآخرين بعزل المسلمين وتشويه سمعتهم”، وقال المساعد داوننج إن تطبيق القانون يحتاج إلى ثقة وتعاون غالبية المسلمين في مواجهة هؤلاء القلة المتطرفين الذين قد يدقون ناقوس الخطر، ولكن هناك من يقوم الآن بترهيب المسلمين وجعلهم كبش فداء؛ حيث تم العثور على مصحف مثقوب برصاصة بمسجد في مقاطعة أورانج، كما وصلت تهديدات هاتفية للمركز الإسلامي جنوب كاليفورنيا، هذه المجموعة من ردود الأفعال على مذبحة سان برناردينو بكاليفورنيا تظهر لنا مجتمعًا حرًا يدمر نفسه.
لقد قام قادة مسلمو أمريكا بالوقوف بجانب فرحان خان شقيق زوجة القاتل سيد فاروق ليلة الأربعاء الماضي وقالوا إنهم يقفون كتفًا بكتف مع عائلات الضحايا كشركاء في المعاناة والحزن هذا الأسبوع، وقد صرح السيد خان وعينيه ممتلئة بالحسرة والصدمة قائلاً: “لا أستطيع التعبير عن مدى حزني لما حدث اليوم، خالص تعازي للذين فقدوا أرواحهم”.
ومثل باقي المواطنين فإن مسلمي أمريكا قد رُوعوا أيضًا من المذبحة ويخافون أن يضرب الإرهاب وطنهم، إنهم يحملون أيضًا عبئًا منفردًا حيث يعيشون طوال تلك السنين تحت وطأة الشبهات التي ارتبطت بهم ظلمًا على نطاق واسع بسبب هجمات وحشية نفذها قتلة محسوبون على الإسلام، وبلا شك فإن كثير من المسلمين ستكون سلامتهم مهددة من هؤلاء الذين يتصرفون بدافع الخوف والكراهية، وقد يؤدي حادث برناردينو إلى مزيد من الخوف لكن حوادث إطلاق النار تحدث يوميًا في الولايات المتحدة بسبب حالات استياء في أماكن العمل أو من متعصبين مناهضين للإجهاض وللحكومة أو بسبب جنون العظمة وحالات انتحار بسبب جنون العظمة أيضًا وأشكال أخرى متنوعة للأمراض النفسية وبلا سبب واضح على الإطلاق.
لا يوجد أي حكمة -لا سيما من وجهة النظر القانونية أو من منظور أمني- في الرغبة في عزل وتحقير الأمريكيين من أي دين أو تراث.
المصدر: نيويورك تايمز