تباينت مواقف الأطراف المحلية والعربية والدولية في خصوص الاتفاق الليبي الأخير المبرم في تونس بين مرحب ومتحفظ ومشكك فيه وصولًا إلى حد رفضه واعتباره “غير قانوني”.
وأكد نائب رئيس مجلس نواب طبرق المنحل (شرق) الليبي محمد عيل شعيب، رفض أعضاء البرلمان الاتفاق الليبي الأخير المبرم في العاصمة تونس واعتباره “غير أخلاقي”، واعتبر شعيب في ندوة صحفية للإعلان عن الموقف الرسمي لبرلمان طبرق من اتفاق تونس،عقدت بالعاصمة تونس مساء أمس الثلاثاء، إن الاتفاق الذي ابرم في تونس غير قانوني ويخالف اللائحة الداخلية للبرلمان، وشدد شعيب على أن الاتفاق الأخير لا يتجاوز كونه مجرد تصرفات شخصية لم تتلق القبول في ليبيا حسب قوله، مؤكدًا أنه لا مجال لإجراء حوار ليبي – ليبي دون وساطة دولية.
وكانت الأطراف الليبية المتنازعة، أعلنت الأحد الماضي، في مؤتمر صحفي، بالعاصمة تونس، توصلها إلى اتفاق مبدئي لإنهاء النزاع القائم بينها بعد مفاوضات سرية جرت مؤخرًا بتونس العاصمة، جمعت ممثلين عن مجلس نواب طبرق المنحل (شرق) وممثلين عن المؤتمر الوطني العام (غرب).
أفرزت هذه المفاوضات التي دارت بشكل مباشر بين الطرفين، إعلان مبادئ اتفاق وطني لحل الأزمة الليبية، وقعه إبراهيم فتحي عميش رئيس وفد مجلس النواب، وعوض محمد عبد الصادق رئيس وفد المؤتمر الوطني العام.
ويشمل الاتفاق 3 نقاط، أهمها تشكيل لجنة من 10 أعضاء من البرلمانيين (5 من مجلس نواب طبرق، ومثلهم من المؤتمر الوطني العام)، تقوم خلال أسبوعين بالمساعدة في اختيار رئيس حكومة وفاق وطني ونائبين له، أحدهما من مجلس النواب، والآخر من المؤتمر الوطني العام.
من جانبها تحفظت مصر في وقت سابق، على لسان متحدثها الحكومي، أحمد أبو زيد، على الاتفاق، ودعا أبو زيد، في تصريحات نقلتها عنه أمس الأحد، الوكالة الرسمية المصرية، جميع الأطراف الليبية إلى “بذل المزيد من الجهود من أجل التوصل إلى التوافق المطلوب بشأن اتفاق سياسي، يحظى بدعم جميع القوى السياسية والمناطق الجغرافية في ليبيا، وبما يضمن تشكيل حكومة وفاق وطني تضطلع بمسؤولياتها في محاربة الإرهاب الذي بدأ يستشري في أوصال الدولة الليبية”، وطالب أبو زيد بالبناء على الاتفاق الأممي الأخير، لا البناء على شيء جديد، قائلًا إن “الجهود الليبية ينبغي أن تتركز على توسيع قاعدة الدعم لاتفاق الصخيرات وتشكيل حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عنه”.
وفي شأن متصل دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس إلى تعبئة دولية لتأمين الحدود الليبية ووقف تدفق الأسلحة والمقاتلين عبرها، وذلك عقب محادثات له في أثينا مع رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس، وأكد السيسي أن مصر تقوم بجهود جبارة للسيطرة على حدودها البرية مع ليبيا لكنها بحاجة لدعم أوروبا ودول أخرى مهتمة باستقرار المنطقة، مشددًا على أن التعبئة الدولية ضرورية لوقف تهريب الأسلحة وتأمين الحدود البرية والبحرية لهذا البلد.
بدورهم شكك ممثلو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ليبيا أمس الثلاثاء بإمكانية نجاح الاتفاق الليبي الذي تم التوصل إليه في تونس، معتبرين أنه لا يمثل الجميع، مجددين تأييدهم للاتفاق السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة.
وأصدر السفراء والمبعوثون الخاصون لكل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا بيانًا مشتركًا أمس يؤكد “دعمهم بقوة للاتفاق السياسي الليبي بتسهيل من الأمم المتحدة” باعتباره السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السياسية والأمنية والمؤسساتية في ليبيا.
وقدّم المبعوث الأممي السابق، برناردينو ليون، لطرفي النزاع في ليبيا، يوم الـ9 من أكتوبر الماضي، في الصخيرات المغربية، مقترحًا بحكومة تقاسم سلطة أو “توافق وطني”، يتضمن مجلسًا تنفيذيًا مؤلفًا من رئيس الوزراء فائز السراج، وخمسة نواب لرئيس الوزراء، وثلاثة وزراء كبار، ويفترض بهذا المجلس أن يمثل توازن المناطق في البلاد، وهو مقترح ما يزال طرفا النزاع غير متوافقين عليه حتى اليوم.
وقال السفراء “لن تكلل بالنجاح أي محاولات في اللحظات الأخيرة لإخراج عملية بعثة الأمم المتحدة عن مسارها”، وأكد السفراء والمبعوثون الخاصون أن مؤتمر روما المقرر في 13 ديسمبر سوف يؤكد التزام المجتمع الدولي بالتعجيل بإبرام الاتفاق السياسي الليبي، وأعلن وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي باولو جينتيلوني عن استضافة روما مؤتمرًا دوليًا حول ليبيا في 13 ديسمبر الجاري لإقرار حكومة الوفاق الوطني في البلاد.
بدوره رفض الاتحاد الأوروبي، الاتفاق الذي تم توقيعه في تونس، وقالت كاثرين راي الناطقة باسم مكتب العمل الخارجي الأوروبي – في تصريح مساء الإثنين – إن أي اتفاق بين الفرقاء الليبيين يجب أن يكون شاملًا ويقر بالدور الإيجابي للمنظمات الإقليمية والمجتمع الدولي، وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يدعم دور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مايكل كوبلر، والاتفاق السياسي الليبي الذي تمخض عن جهوده وهذا يوفر أساسًا جيدًا للتوصل إلى اتفاق بين الفرقاء.
وفي مقابل ذلك رحبت منظمة التعاون الإسلامي بالاتفاق الأخير، حيث أعربت المنظمة أمس الثلاثاء عن ترحيبها بتوافق وفدي مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام في ليبيا على اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه في تونس، وناشد أمين عام منظمة التعاون الإسلامي إياد بن أمين مدني، في بيان له أمس الثلاثاء كافة الأطراف الليبية اعتماد هذا الاتفاق الذي يمثل قاعدة لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، والبدء في عملية بناء المؤسسات الدستورية للدولة الليبية على أساس الديمقراطية والعدالة والمساواة، ودرء مخاطر الإرهاب الذي يهدّد وحدة ليبيا وأمنها واستقرارها.
وسبق للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أن عبرعن دعمه للاتفاق المبدئي الذي توصلت إليه أطراف الصراع في ليبيا لإنهاء الأزمة في البلاد، وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية التونسية، مساء الأحد، عقب الإعلان عن الاتفاق المبدئي، إن السبسي أكد، خلال استقباله وفديْن يُمثلان المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب في ليبيا، دعمه للاتفاق، في إطار المساعدة في تقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل سياسي يحفظ وحدة ليبيا وسلامتها الترابية”.
وأوضح البيان أن تونس “ترحب بكل خطوة تساعد على إنهاء حالة الانقسام في ليبيا، وتمكين هذا البلد الشقيق من استرجاع وحدته وسيادته وضمان أسباب الأمن والاستقرار على أراضيه”، مشددة على “أهمية الالتزام بالاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه برعاية الأمم المتحدة”، ودعا البيان “الأطراف الليبية كافة إلى التواصل مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، من أجل الإسراع في تنفيذ بنود الاتفاق وتشكيل حكومة وفاق وطني”.