في اليوم العالمي لحقوق الإنسان تتزايد حالات الاختفاء القسري في جمهورية مصر العربية في عام 2015، لتصل في شهر نوفمبر فقط لما يزيد عن 40 حالة اختفاء قسري وفقًا لما تم رصده فقط وليس بشكل حصري كامل، بشكل يدل على سياسة أمنية ممنهجة بإطلاق يد الأجهزة الأمنية وتحديدًا جهاز الأمن الوطني والمخابرات الحربية لقمع المعارضين السياسيين.
وكان من أبرز مقار الاحتجاز الذي تم رصدها في تلك الحوادث مقرات أمن الدولة الرئيسية في المحافظات، وعلى رأسها مقرات الأمن الوطني بلاظوغلى بمنطقة وسط البلد، الحي السادس بمدينة نصر، ومقر 6 أكتوبر، هذا بالإضافة لاستعمال أقسام الشرطة للإخفاء والتعذيب.
أما بالنسبة للمخابرات الحربية فقد تم رصد مقر جديد يسمى بالمجموعة 75 القريب من طريق النصر بمنطقة مدينة نصر، والذي يستعمل في إخفاء المعتقلين قسريًا بداخله وتعذيبهم واستنطاقهم باعترافات تم إعدادها مسبقًا، هذا بالإضافة لاستمرار منع المنظمات الحقوقية من الدخول لسجن العازولي العسكري الكائن بمعسكر الجيش الثانى الميداني بمحافظة الإسماعيلية، وبعض مقرات الاحتجاز القسرية داخل معسكرات الجيش بشمال سيناء، وتحديدًا في مناطق الجورة ورفح والعريش.
يأتى هذا وسط تصريح إعلامي لعبد الفتاح السيسي، رأس النظام المصري الحالي، يقول فيه إن المختفين قسريًا لا يتم إلقاء القبض عليهم من قِبل قوات الأمن المصرية إنما يختفون كي ينضموا لما يُسمى إعلاميًا بتنظيم “داعش”.
وفي إطار تتبع صحة هذه التصريحات وبيان مدى حقيقتها من عدمه سأعرض حالة واحدة على سبيل المثال مما يصلنى يوميًا على بريدى الخاص كتفنيد صريح لهذا الادعاء؛ ففي شهر نوفمبر وثقت اختفاء الطالبين بجامعة 6 أكتوبر، محمد متولي علي متولي عناني ومحمد دسوقي حلمي، من داخل قسم أول أكتوبر يوم الجمعة 20 نوفمبر 2015، وكان قد تم اعتقال الطالبين بتاريخ 10 مايو 2015 من منازلهم وإخفائهم قسريًا لمدة 4 أيام قبل أن يتم عرضهم على النيابة لتقرر حبسهم على ذمة القضية رقم 4520 جنح قسم أول 6 أكتوبر لسنة 2015، قبل أن تقرر محكمة الجيزة إخلاء سبيلهم يوم 2 نوفمبر بكفالة 5 آلاف جنيه لكل منهما.
وقد قامت أسرهم بتوثيق اختفائهم القسري من داخل مقر الاحتجاز بقسم أول 6 أكتوبر عن طريق إرسال تلغراف للنائب العام في نفس يوم الاختفاء الجمعة 20 نوفمبر، وتقديم بلاغ بمحكمة الجيزة بتاريخ 21 نوفمبر لسنة 2015.
ولم يظهر الطالبان حتى لحظة قراءتكم لتلك السطور، وهذه حالة من ضمن عشرات الحالات التى تردني بشكل شهري.
وهنا يجب علينا أن نتساءل بشكل صريح هل تنظيم داعش هو من قام باختطاف الطالبين من منازلهم بتاريخ 10 مايو ثم قام بتسليمهم للنيابة بعدها بأربعة أيام؟ وهل تنظيم داعش هو من قام بخطف الطالبين محمد الدسوقي ومحمد متولي من داخل مقر احتجازهم بزنازين قسم أول أكتوبر وإخفائهم حتى الآن؟
أسئلة نوجهها لمنظمة تحتفل اليوم باليوم العالمي لحقوق الإنسان في ظل عالم يسوده قمع الإنسان برعاية الدول المؤسسة والمكونة للأمم المتحدة.
أسئلة نوجهها ويوجهها الناشطون والمهتمون بحقوق الإنسان حول العالم وهم يرون قبول مصر كعضو في مجلس الأمن لتكون من ضمن مسؤولياتها ملف الإرهاب.
أسئلة نوجهها ونحن نرى قبول دول ذات ملف سيء الصيت في حقوق الإنسان وإدخالهم داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها.
أسئلة تدفعنا للتساؤل عن من المسؤول الأول عن الانتهاكات، ومن الراعي والمنظم والحامي لها تحت ستار دعم حقوق الإنسان.
أسئلة نختمها بسؤال حقيقي، هل هذا هو اليوم العالمي لحقوق الإنسان أم أنه اليوم العالمي لانتهاك حقوق الإنسان؟!