بعد أن فجّر دونالد ترامب المرشح للرئاسة الأمريكية لعام 2016 عاصفة من الغضب ليس فقط بين المسلمين بل وبين نظائره الأمريكيين بمطالبته بمنع المسلمين من دخول الأراضي الأمريكية لفترة مؤقتة، إلا أن الواقع يشير إلى أن حقيقة الأمريكيين المسلمين منذ التاريخ وحتى يومنا هذا ستكون صادمة لكل من ترامب ومؤيديه، والتي سيمتنعوا عن طرحها لطاولة النقاش، والتي ستحطم كل ادعاءات ترامب الوهمية من سيطرتهم على الولايات المتحدة ومحاولتهم تغيير ديموغرافيتها بمحاولتهم الحكم بالشريعة الإسلامية، إليك حقيقة المسلمين في الولايات المتحدة وتأثيرهم فيها.
1- يُشكل المسلمون نسبة ضئيلة من الكثافة السكانية في الولايات المتحدة
من الصعب إيجاد إحصائيات دقيقة لنسبة المسلمين في أمريكا نظرًا لامتناع مركز التعداد السكاني الأمريكي عن إجراء تعداد قائم على الدين، لكن يحتل الإسلام المرتبة الثالثة في الولايات المتحدة بعد المسيحية واليهودية، إلا أن آخر الدراسات تشير إلى أن نسبة المسلمين في الولايات المتحدة لا تشكل أكثر من 1% من الكثافة السكانية، بعدد يقارب الـ 27 مليون نسمة، ومن المتوقع وصول النسبة إلى 2.1% بحلول عام 2050، لذا فإن ادعاءات ترامب بسيطرة المسلمين على أمريكا هي محض فرضيات واهية.
2- المسلمون متعلمون أكثر من الأمريكيين أنفسهم
يحتل المسلمون المركز الثاني بعد اليهود في التعليم، حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن أغلبهم يحمل شهادات جامعية أكثر مما يحمل الشعب الأمريكي نفسه.
3- مسلمو أمريكا يتمتعون بالمساواة بين الجنسين
في ظل معاناة دول العالم الثالث الإسلامية من معاملة المرأة كمواطن من الدرجة الثانية، إلا أن المسلمات الأمريكيات يحملن شهادات جامعية ودراسات عليا أكثر مما يحمله مسلمو أمريكا الذكور، كما أن 90% منهن يوافقن على تمتعهن بالمساواة مع الرجل وعملهن خارج المنزل لساعات طويلة في كل مجالات العمل.
4- المسلمون في أمريكا منذ بداية نشأة الشعب الأمريكي
تشير الدراسات أن ما يقرب من ربع نسبة الأفارقة الذين تم إحضارهم من أفريقيا إلى الولايات المتحدة كعبيد كانوا مسلمي الديانة، والبعض منهم ظل كذلك إلا أن أغلبهم تم إجباره على اعتناق المسيحية.
5- تعرض مسلمو أمريكا للإرهاب كذلك
لقد تآمرت العديد من الجماعات الإرهابية على المسلمين منذ أحداث 11 سبتمبر وحتى الآن، وقامت بأعمال إجرامية ضد المسلمين الأمريكيين أنفسهم.
إحصائيات توضح معدل جرائم العنف والكراهية ضد المسلمين الأمريكيين في الولايات المتحدة
التاريخ الذي نسيه دونالد ترامب
ربما تذكر ترامب الجرائم الإرهابية التي ارتكبها المسلمون في بلاده، وقرر أن على السلطات أن تمنع دخول المسلمين أراضي الولايات المتحدة الأمريكية حتى تتبين السلطات المعنية اتجاه المسلمين نحو أمريكا، إلا أنه نسي أهم عوامل وجود المسلمين في أمريكا في هذه الأيام، وهو التاريخ، والذي شارك فيه المسلمون أكثر مما شارك ترامب نفسه تجاه الولايات المتحدة.
– المسلمون كانوا هناك منذ البداية، بداية من مشاركتهم في الجيش الأمريكي ضد الاستعمار البريطاني، وحتى خدمتهم في الجيش الآن، فمنذ تولي جورج واشنطن الرئاسة أعلن أنه ليس على الرجل أن يكون من ديانة أو عرق معين ليثبت حبه لوطنه ويخدم في جيشه، وهو المبدأ الذي يحاول ترامب تدميره في الأيام الجارية.
– أول من اعترف بالولايات المتحدة عام 1786 كانت المملكة المغربية، والتي وقعت على معاهدة السلام والصداقة بينها وبين الولايات المتحدة والتي مازلت فعّالة حتى الآن، وهي واحدة من أقدم المعاهدات في التاريخ.
لولا وجود المسلمين لما كانت أمريكا بهذه الصورة
برج ترامب والذي بناه المهنس المسلم فضل الرحمن خان
فضل الرحمان خان، أمريكي مسلم من بنجلاديش، والذي عُرف في التاريخ الأمريكي بـ “آينشتين المعمار الهندسي”، وهو الذي يعود له الفضل في ثورة ناطحات السحاب في أمريكا، ربما هدم المسلمون برجي التجارة العالمي في الحادي عشر من سبتمبر، إلا أنه لولا “فضل الرحمن خان” لما كان البرجان موجودين من الأساس.
مسملون عاشوا الحلم الأمريكي
“هُما عابدين” واحدة من أكثر النساء الأمريكيات المؤثرات في السياسة الأمريكية، والتي كانت نائبة هيلاري كلينتون في وزارة الخارجية الأمريكية، وهي الآن نائبة لكلينتون في حملتها الانتخابية للرئاسة في 2016، إلا أنه تم اتهماها بسبب مرجعيتها الدينية إلى وجود علاقات عائلية تربطها بجهاديين إسلاميين وطالب الحزب الجمهوري تنحيتها عن مناصبها السياسية الحساسة في الولايات المتحدة، إلا أنه لم يتم قبول تلك الادعاءات وظلت هما عابدين مستمرة ورائدة في مجالها حتى الآن.
أيوب أمية: طبيب المخ والأعصاب الباكستاني الأصل، والذي بفضله تم شفاء العديد من الأمريكين المصابين بأورام الدماغ والصدمات الدماغية، والذي اخترع علاج يقوم بالتركيز على مناطق الأورام فقط في الدماغ دون غيرها، والذي عُرف في الولايات المتحدة باسم “خزان أمية”.
لقد نشر دونالد ترامب تغريدة له مؤخرًا تفيد بأن أوباما قد ذكر في خطابه الأخير أن المسلمين هم أبطال أمريكا الرياضيين، فيتساءل “ترامب” أي رياضة تتحدث عنها، ومن هم أولئك الأبطال؟”، وحيث إن مشكلة ترامب مازلت في التاريخ، فقد نسى أو تناسى “محمد علي كلاي” البطل العالمي للوزن الثقيل للملاكمة.
مالكوم إكس: داعية إسلامي أمريكي ومدافع عن حقوق الإنسان وحقوق الأفارقة في أمريكا في زمن العبودية، وقد وُصف مالكوم إكس بأنه واحدٌ من أعظم الأفريقيين الأمريكيين وأكثرهم تأثيرًا على مر التاريخ.
داليا مجاهد: باحثة أمريكية مسلمة من أصل مصري وتعمل محللة كبيرة والمديرة التنفيذية لمركز گالوپ للدراسات الإسلامية، وهو مركز أبحاث غير حزبي مهمته توفير البيانات وتحليلها ليعبر عن وجهات نظر المسلمين في جميع أنحاء العالم، وقد اختارها الرئيس الأمريكي باراك أوباما مستشارة في المجلس الاستشاري للأديان المكون من ممثلي 25 طائفة وشخصيات علمانية، لتكون بذلك أول مسلمة تشغل منصبًا من هذا النوع في البيت الأبيض.
تعتبر الولايات المتحدة حاليًا موطنًا لأكبر تنوع عرقي للدين الإسلامي في العالم، فهي تحتوي على ما يُقارب 27 مليون مسلم من مختلف الأعراق والألوان، حيث يكوّن الأفارقة الأمريكان ثلث تلك النسبة، وعلى الرغم من أن الإسلام هو مجرد معتقد ديني للمسلمين، إلا أن دونالد ترامب وأتباعه يرونه فكر سياسي وحركة جهادية متعصبة تضع دولته تحت خطر التهديد، إلا أن الأمر في الواقع يضع المسلمين أنفسهم تحت خطر التهديد، مرة أخرى من جديد مسلمون في وجه العنصرية وجرائم الكراهية والعنف.