بعد أن وصلت الميزانية التي خصصتها إسرائيل للجيش في عام 2014 إلى 17 بليون دولار، أصبح هناك خطر جديد يهدد أمن إسرائيل – الدولة الناشئة – كما يدعونها، تهديد يختلف عن صواريخ المقاومة أو صافرات الإنذار، فعلى الرغم من إسهامات الإسرائيلين بالاختراعات الحديثة مؤخرًا لمواجهة الاحتباس الحراري، إلا أن منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OECD أعلنت يوم الأربعاء الماضي أن أبناء إسرائيل من الممكن أن يواجهوا الفقر عما قريب.
بحسب تقارير المركز الوطني للتأمين الإسرائيلي، فإن من كانوا فقراءً في إسرائيل أصبحوا أكثر فقرًا في عام 2014، حيث يعتبر المركز الفرد الفقير هو من يقلّ دخله عن 792 دولارًا شهريًا، كما تتنبأ التقارير بمعدلات أعلى للفقر في السنوات المقبلة، حيث أعلنت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي الدولية أن إسرائيل تحتل المرتبة الثانية في أكثر البلاد فقرًا مقارنة بمعايير المنظمة، حيث تأتي إسرائيل بعد المكسيك التي تحتل المرتبة الأولى في قائمة منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي.
صرح وزير الشؤون الاجتماعية الإسرائيلي حاييم كاتس بعد صدور التقرير بأنه يجب على إسرائيل أن تُخصص ما يقرب من 18 بليون دولار كي لا تقع تحت خط الفقر وفقًا لمعايير منظمة التعاون الاقتصادي، حيث أشارت التقارير إلى ارتفاع عدد العائلات الفقيرة في إسرائيل إلى 1.709.300 عائلة، مما يعني أن واحدًا من بين كل خمسة إسرائيلين يقع تحت خط الفقر، وأن ثلث أطفال إسرائيل يعانون من الفقر، حيث إن ثلث نسبة السكان الإسرائيلين تحت عمر الـ 18عامًا، بمعدل 837.000 طفل يعاني من الفقر.
ربما تبدو معدلات ارتفاع نسبة الفقر طفيفة إلا أن حتى العائلات التي تتمتع بدخل مضاعف في الشهر – مرتبين شهريًا – لم تسلم من الأزمة، حيث ارتفعت نسبة الفقراء منهم من 2% إلى 5.6% من النسبة الكلية للعائلات الفقيرة في إسرائيل وذلك على مدار العشر سنوات الماضية، كما أن العائلات التي تتمتع بفرد عامل ارتفع فيها معدل الفقر من 12.5% في العام الماضي إلى 13.1% في العام الحالي، ليأتي بالتبعية تصريح الاقتصادي وعضو الكنيسيت مانويل تراجتينبيرج أن مبادئ رئيس الوزراء نتنياهو الخاصة بالمساواة لم تعد ذات أهمية، خاصة بعد ارتفاع مستوى المعيشة وغلاء أسعار السكن والطعام.
البحث عن الطعام في صناديق القمامة لم يغب تمامًا في إسرائيل، فبحسب أحد التقارير الصادرة من منظمات غير حكومية NGO فإن 10% من نسبة المواطنين الذين يتلقون مساعدات مالية وغذائية يبحثون عن الطعام في صناديق القمامة كذلك.
صرح وزير المالية الإسرائيلي ياؤول إستاينتز بأنها المرة الأولى منذ عام 2003 التي تتزايد فيها نسب الفقر بهذا الشكل بين طبقات المجتمع الإسرائيلي، فقط طالت العجائز والشباب والأطفال في آن واحد، كما أن أكثر الشرائح المتضرر تقع على يهود الحريدية – اليهود المتشددون – وعرب إسرائيل.
كتبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية: إسرائيل تقع في أسفل قائمة الـ 32 دولة المتقدمة اقتصاديًا بمعدل 20.9 للفقر، كما تسجل أكبر معدلات في الفرق بين الأغنياء والفقراء في العالم المتقدم، لترتفع بذلك نسبة عدم المساواة الاقتصادية في إسرائيل لتسبقها في ذلك تركيا وتشيلي والولايات المتحدة.
التساؤولات والاتهامات تهاجم الحكومة الإسرائيلية من كل من المسؤولين والمنظمات غير الحكومية، في تحديد الأولويات الخاصة بالإسرائيلين، فيما تكون تأمين الحدود وتسليح الجيش، أو تأمين الحياة الاجتماعية للإسرائيلين أولًا.
على الرغم من أن أكثر الشرائح المتضررة هم يهود الحريدية وعرب إسرائيل، إلا أن الأزمة قد طالت الأرثوذكس اليهود كذلك، حيث تُعتبر 54.3% من العائلات الأرثوذكسية من الفقراء في إسرائيل بحسب إحصائيات العام الماضي، نظرًا لأن عدد الأطفال فيها يكون أكبر من غيرهم، وتكون مشاركة الرجل في العمل من تلك العائلات بنسب ضئيلة، أما نسبة الفقراء من العائلات العربية تبلغ 51.6%، كما تسجل أعلى معدلات الفقر في إسرائيل في القدس.
على الرغم من مرور عقد كامل خالٍ من الاضطرابات الاقتصادية في إسرائيل إلا أن التقارير السابق ذكرها تشير إلى أن نسب وشرائح كبيرة في إسرائيل قد وقعت تحت خط الفقر لأسباب اجتماعية واقتصادية وأهمها الأسباب العسكرية، مما يجعل نتينياهو تحت موضع المساءلة القانونية في فشله في تحقيق الرفاهية التي وعد بها والتي لم تصل حتى لأفراد الطبقة المتوسطة، كما أن ذلك يضعه في موضع اتهام بالمشاركة في المشكلة كما يزعم خبراء الاقتصاد الإسرائيليين.