يُعرفن بفتيات السرعة، أو نساء سباق السيارات، ليصبحن عاملاً محبوبًا ومهمًا في مشهد سباق السيارات في فلسطين، في محاولة تعد ناجحة منهن لكسر الصورة النمطية لسباق السيارات الذي يقتصر على رياضة وهواية ذكورية فقط.
تكوّن الفريق عام 2009 بمساعدة القنصلية البريطانية في القدس، وهو مكوّن من خمس فتيات؛ ميسون جايوسي البالغة من العمر 38 عامًا وقائدة الفريق، ثم تأتي منى على البالغة من العمر 29 عامًا وتُعد أول متسابقة سيارات فلسطينية، مرح زحالقة وعمرها 23 عامًا وتعد بطلة في سباق السيارات منذ عمر التاسعة عشر، نور داوود وعمرها 25 عامًا من القدس، وآخرهن بيتي سعدة وعمرها 35 عامًا، وهي الوحيدة من بين أعضاء الفريق التي تعتبر من عائلة ثرية من بيت لحم، يتم اعتبارهن الآن الفريق النسائي الأول في الشرق الأوسط الذي يشارك في سباق السيارات، والذي لم ينجح فقط في السباق، بل نجح أيضًا في كسر الصورة النمطية والأفكار المغروسة في المجتمع في وضع الحواجز الاجتماعية طبقًا لنوع الجنس، ليتم توثيق قصة النجاح تلك في فيلم وثائقي يُعرف بـ “فتيات السرعة” مع المخرج أمبير فارس الذي تحدث لموقع يور ميدل إيست عن قصته.
يقول فارس بأن معرفته بالقصة كانت محض صدفة، عندما أخبره سائقه والذي كان متسابقًا هو الآخر بأمر تلك الفتيات وعن شجاعتهن ونجاحهن في التسابق مع الرجال في سباق السيارات، وشعر بأن على العالم أيضًا أن يعرف تلك القصة من خلاله، بالإضافة لرغبة المخرج في أن يُصوّر فلسطين بصورة أخرى للعالم بعيدة كل البعد عن الصورة النمطية التي حُفرت في أذهان الجميع، الأمر لا يتعلق بتجاهل القضايا الحرجة والمهمة، ولكن أيضًا يتعلق برؤية العالم لفلسطين من وجهة نظر أخرى لا يهتم بتوثيقها الكثير، أراد فارس أن يصور مدى شجاعة تلك الفتيات ليكونن متنافسات قويات في ظروف صعبة، وقيود من قِبل المجتمع والمُحتل في آن واحد، فباتت رغبته أن يصور الحياة المختلفة في فلسطين، لأن تصوير الوضع من جانب واحد لن يكشف الكثير عن الحياة العادية للشعب نفسه، وبتصوير الأمر من أكثر من جانب ومن مختلف وجهات النظر يخلق جنة من الاختلاف بحد تعبيره.
الأمر الذي أثار دهشة المخرج هو عدم اعتراض المتسابقين الرجال على وجود ذلك الفريق النسائي بينهم، بل وجدت الفتيات التأييد والتشجيع من جانبهم، كما ساعدهم رئيس اتحاد سباق السيارات الفلسطيني وجعل لهم مكانًا بينهم في تلك الرياضة، كما لم يكن هناك اعتراض من قِبل الرأي العام على مشاركتهن في سباق السيارات، فيرى المخرج أن هؤلاء الفتيات وجدن اتحادهن تحت راية تلك الرياضة، على الرغم من صعوبتها وتكلفتها العالية عالميًا.
لماذا نروي تلك القصص من الشرق الأوسط؟
عرض المخرج وجهة نظره في تصوير وتوثيق تلك المشاهد من الشرق الأوسط، ففي رأيه هي محاولة لكسر الصورة النمطية لدى العالم عن الشرق الأوسط في كونه عالم متجانس ومتشابه لحد كبير، والحقيقة تشير إلى العكس، فالشرق الأوسط لديه تنوع واختلاف كبير، وإذا أخذنا فلسطين على سبيل المثال، فستجد فيها الانتفاضة والثورات والاحتجاجات، إلا أنه في ذات الوقت ستجد المرأة في طليعة الصراع السياسي، وعاملاً فعّالاً في العمل الميداني في المجتمع الفلسطيني، كما تجد مشاركتهن في التدريس والطب، لذا فإن تصويره ذلك الفيلم يؤيد بشدة فكرته عن أن نشر وتصوير قصة واحدة لا يعبر بالضرورة عن ثقافة الشعب بأكمله.
تقول منى إحدى عضوات الفريق لصحيفة الجارديان بأنها تهوى السيارات منذ الصغر، فقد كانت تتسابق مع الفتيان منذ كانت في المدرسة، وعندما بلغت عمر السادسة عشر كانت تستعير سيارة أختها لتقودها بسرعة في شوارع رام الله مساءً رغم عدم حصولها على رخصة قيادة، وهي أول عضوة من النساء في اتحاد سباق السيارات الفلسطيني منذ عام 2005.
يوضح الفيلم الصعوبات التي تواجه ذلك الفريق في ممارسة رياضة مكلّفة كتلك في بلد محتل، وسط العقبات الاقتصادية التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي عليهن، كما وضح محاولات عائلتهن في توفير المساعدات المالية لهن، حيث إن رياضة مثل سباق السيارات من أغلى الرياضات عالميًا.
لا تحتوي الضفة الغربية المحتلة على طرق صالحة لسباق السيارات، كما لا يستطيع الفريق أن يحصل على سيارات خاصة بالسباق، لذا يتدرب الفريق في طرق ممتدة بالقرب من الثكنات العسكرية الخاصة بالجيش الإسرائيلي، مما يعرضهن أحيانًا للخطر كما وضح الفيلم الوثائقي في إحدى اللقطات عندما تعرضت إحداهن لقنبلة من الغاز المسيل للدموع ألقاها عليها جندي إسرائيلي.
تقول مديرة الفرق بأنه بداية ظهور الفريق لساحة السباق كانت صادمة ومخيفة لهن بعض الشيء، حيث كان العامة يعتبرونهن وكأنهن هابطات من الفضاء، إلا أنه وبعد أن رأى الجميع نجاحهن في سباق السيارات أصبح للفريق معجبين، كما أن لديهن راعيين ماليين يشجعوهن على الاستمرار، وتعطي قائدة الفريق نصيحة لنساء الشرق الأوسط من خلال خبرتها قائلة: “يجب أن تكوني قوية لمنافسة الرجال، بعدها يصبح الأمر سهلًا ومقبولًا من الجميع”.
المصدر: يور ميدل إيست