بعد مفاواضات دامت لأسبوعين في باريس بين 195 دولة من أعضاء الأمم المتحدة، والتي دارت حول المناخ العالمي والاحتباس الحراري بداية من الانباعثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري إلى الأوضاع الاقتصادية في كل من الدول النامية والمتقدمة، “حان الوقت لوقف ارتفاع درجة حرارة الأرض”، هكذا كانت بداية الاتفاق الذي وقعته 195 دولة، المكون من 31 صفحة والذي تم الإعلان عنه يوم أمس في السابعة والنصف بالتوقيت المحلي لباريس، والذي يُعد الأول من نوعه في اتفاق جميع دول العالم على الحد من الانباعثات المسببة للاحتباس الحراري والسيطرة على درجة حرارة الأرض لمنع حدوث كوارث مناخية تصيب الكوكب بأكمله.
يُعد اتفاق قمة المناخ هو تتويج عمل دام لعقود، حيث لم يكن الأول من نوعه، فكانت هناك محاولة أخرى في العام الماضي في بيرو وأخرى قد باءت بالفشل عام 2009 في كوبنهاجن، وصرح البيت الأبيض عقب الاتفاقية بأن ذلك اليوم هو يوم تاريخي للعالم أجمع بتوقيع تلك الاتفاقية الطموحة لإجراء تغيير في المناخ العالمي.
فرحة الجماهير والمندوبين بعد توقيع الموافقة على الاتفاقية
أهم ما تتناوله الاتفاقية
– تعهد المجتمع الدولي بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها “دون درجتين مئويتين”، قياسًا بعصر ما قبل الثورة الصناعية، وبـ “متابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية”.
– السيطرة على انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري باتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار في الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات.
– وضع آلية مراجعة كل خمس سنوات للتعهدات الوطنية التي تبقى اختيارية، وسيتم إجراء أول مراجعة إجبارية في 2025 ويتعين أن تشهد المراجعات التالية تقدمًا من قِبل الدول الموقعة.
– يتعين على الدول المتقدمة مساندة الدول النامية بالمساعدات التمويلية لمواكبة جهودات الدول المتقدمة في تحقيق ما تنص عليه الاتفاقية، حيث تم الاتفاق على منح الدول النامية ما يقرب من 100 بليون دولار بحلول عام 2020 لمساعدة تلك الدول في التخلص من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري، والتي تعتبر تلك الدول أولى ضحاياها.
– ترفض الدول المتقدمة أن تدفع وحدها المساعدة، وتطالب دولاً مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة والدول النفطية الغنية أن تساهم.
– تجري في مقر الأمم المتحدة بنيويورك مراسم توقيع الوثيقة في 22 أبريل 2016 على مستوى عال، إلا أنها لا تدخل حيز التنفيذ إلا بعد المصادقة عليها من قبل 55 بلدًا تطلق ما لا يقل عن 55% من الحجم الكلي للغازات المسببة للاحتباس الحراري.
– تكون الدول المشاركة مسؤولة عن الإعلان عن نسب الغازات المنبعثة من الصوبات الزجاجية وغازات ثاني أكسيد الكربون بشكل سنوي مع الاحترام الكامل لسيادة كل دولة.
– أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ظهر السبت 12 ديسمبر في باريس عن تشكيل هيئة استشارية بشأن مشروع الاتفاق باسم لجنة باريس.
– تحل الاتفاقية الجديدة محل بروتوكول كيوتو – اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي – الذي سينتهي العمل به في عام 2020، والذي كانت الولايات المتحدة تقاطعه بسبب إعفاء الصين منافستها الاقتصادية من الالتزام ببنوده.
فابيوس يطرق المطرقة الخضراء معلنًا الموافقة على بنود اتفاقية المناخ
اتفاق باريس: نظام يشمل الجميع
وفيما كانت الدول النامية حتى الآن خاضعة لقواعد صارمة في مجال التقييم، نصّ اتفاق باريس على أن النظام ذاته ينطبق على الجميع، بحيث تكون هذه النقطة شديدة الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة، بيد أنه تم إقرار مرونة تأخذ في الاعتبار القدرات المختلفة لكل بلد.
ترحيب دولي باتفاق باريس للمناخ
شيه تشن هوا، المبعوث الصيني قال: “صحيح أن هذا الاتفاق ليس مثاليًا، هناك نقاط تحتاج إلى تحسين، ولكن هذا لا يمنعنا من اتخاذ خطوات تاريخية في المستقبل”، وقال وزير البيئة الهندي براكاش جافاديكار: “مع أنّ التنازلات هي جزء من أي مفاوضات، نعتقد أن هذا الاتفاق كان يمكن أن يكون أكثر طموحًا”، وصرح وزير الطاقة والبيئة لجزر المالديف: “بالنسبة للدول الجزيرية الصغيرة الممثلة في وزير البيئة للمالديف، علينا أن نضع في اعتبارنا أن التاريخ لن يحكم على ما أنجزناه اليوم، ولكن على ما سننجزه من الآن فصاعدًا”، كما صرّح باراك أوباما بأن اتفاق باريس يحدد الإطار المستدام الذي يحتاجه العالم من أجل حل أزمة المناخ، كما أنه يمثل أفضل فرصة عرضت علينا لإنقاذ الكوكب الوحيد الذي نعيش عليه”، وبيّن عالم المناخ من وكالة ناسا بيل باتزرت بأن من الصعب وقف ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، إلا أنه يرى أن الاتفاقية خطوة مهمة في تاريخ العالم باعتبارها الأولى من نوعها في التعاون بين الأمم المتحدة في السيطرة على المناخ الذي يضره الإنسان بنفسه.
بعد أن حظت الاتفاقية بسعادة لم تكن في الحسبان، ينتظر العالم دخولها حيز التنفيذ بداية من عام 2020، ليرى ما إن كانت بالفعل نقطة محورية في عمر البشرية كما وصفها مندوبي الدول أم لا.