أعلن مجلس التعاون الخليجي أن دوله ستبدأ في فرض الضرائب على مواطنيها للمرة الأولى وذلك في تغير جذري في السياسات، وقد أعلن المجلس (المكون من المملكة العربية السعودية، الكويت، البحرين، عُمان، قطر والإمارات العربية المتحدة) موافقته على فرض الضرائب وذلك عقب الحملات العسكرية المكلفة التي تخوضها دول مجلس التعاون في سوريا واليمن وليبيا وانخفاض أسعار النفط العالمية.
وبحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية فقد قامت المملكة العربية السعودية بسحب عشر بلايين دولار من أموال الاستثمارات العالمية وذلك في محاولة للحد من عجز الموازنة، وبالرغم من ذلك فهى تسعى في سياسات خارجية عنيفة حيث تدعم المقاتلين المناهضين للحكومة في سوريا وتقود حملة عسكرية منذ ثماني أشهر ضد المتمردين المدعومين من إيران في اليمن.
هذا وقد انخفضت أسعار النفط إلى حوالي 40 دولارًا للبرميل هذا الأسبوع في أدنى انخفاض لها منذ الأزمة المالية، وتُعتبر الضرائب هي المصدر البديل للدخل في دول الخليج للبُعد باقتصادها وشعبها عن الاعتماد على النفط والغاز.
وأعلن المجلس أنه يستهدف إدخال الضرائب خلال السنوات الثلاث القادمة، وقد قام باستبعاد الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية و94 عنصرًا غذائيًا من ذلك.
وللحد من عمليات التهريب والمنافسة بين دول الخليج الست، تهدف تلك الدول للبدء في تطبيق نظام الضرائب في نفس الوقت.
جدير بالذكر أن جميع دول الخليج ما عدا الإمارات تفرض ضرائب على الشركات التي تقع مقراتها في الخارج، كانت نسب تلك الضرائب حول 50 و30% في الماضي ثم انخفضت إلى أقل من 10% لكن دخلها ازداد بتقوية البنية الضريبية والهيئات التي تعمل على تطبيقها. كما أن المملكة العربية السعودية كانت تطبق نظامًا ضريبيًا على دخل الأجانب في الخمسينات من القرن الماضي، إلا أنه قد تم إلغاؤه لجذب المزيد من العاملين الأجانب، لكن الرياض طرحت أمر الضرائب مرة أخرى للنقاش في الثمانينات مع انخفاض الدخل البترولي.
وبهذه الطريقة يمكن القول إن دول الخليج تسعى بشكل حثيث للحصول على مصدر دخل ثابت يمكن الاعتماد عليه، فمعظم الدول الخليجية تعتمد على النفط كمصدر أوليّ وشبه أوحد، ومع تزايد اتفاقات التجارة الحرة سينخفض دخل الجمارك التي تدخل إلى الموازنة العامة، وبالتالي تبرز الحاجة إلى إيجاد نظام جديد.
من المهم القول أيضًا إن جميع المحاولات الماضية في الخليج لفرض ضرائب على الدخل قد قوبلت بمقاومة عنيفة من المجتمع المحلي الذي يراها شكلاً خطرًا من الاشتراكية وغير مطابقة للشريعة الإسلامية، كما أن هناك نسبة كبيرة من الأجانب الذين يعملون في دول الخليج يرجعون أحد أسباب عملهم في تلك الدول إلى انعدام الضرائب على الدخول، وهو ما يعني أن فرض الضرائب قد يؤثر أيضًا على حجم العمالة الأجنبية في دول مثل السعودية والإمارات والكويت.
وبحسب موقع أرابيان بيزنس فإنه إذا تم فرض ضرائب على الدخل فستكون المقاومة المجتمعية شديدة القوة، لذلك فإن الخطوة الأولى قد تكون عن طريق الاتجاه إلى الضرائب غير المباشرة مثل الرسوم والضريبة على القيمة المضافة.
يبقى معيار النجاح في كل الأنظمة الضريبية حول العالم معتمدًا على الإفصاح والشفافية والمتابعة مع وجود أجهزة إدارية حديثة ومتكاملة، إلى جانب ذلك، يتوقع دافع الضرائب الحصول على خدمات اجتماعية وبنيوية متطورة تتناسب طرديًا مع ما يدفعه من ضرائب، إذ بدون ذلك يفقد نظام الضرائب أهميته ويفرغ من محتواه، وهنا يأتي دور أجهزة التحصيل والإدارة الضرائبية والإشرافية على عملية جمع وتوزيع واستثمار حصيلة الضرائب بكافة أنواعها، وهذا قد يكون التحدي الأكبر الذي ستواجهه دول الخليج.