ترجمة حفصة جودة
في الضواحي الواقعة تحت حصار الحكومة حول دمشق، تبدو الأسطح الخضراء ظاهرة للعيان، ومع عدم وجود أي مؤشر لرفع الحصار وعدم وجود أراضي صالحة للزراعة قام سكان تلك المناطق التي يسيطر عليها الثوار باستخدام الأسطح وضوء الشمس والبذور لإطعام عائلاتهم.
هذه المناطق التي يسيطر عليها الثوار في ريف دمشق تحملت أكثر من عامين من حصار النظام لها بهدف دفعهم للاستسلام أو مواجهة الجوع، تفشت الأمراض وسوء التغذية وأصبح الطعام نادرًا، ومثل الكثير من المناطق المجاورة، قام سكان تلك المناطق المُحاصَرة باستخدام طاقتهم وإرادتهم للتكيف والبقاء على قيد الحياة وقد برعوا في ذلك بطرق مبتكرة.
جدير بالذكر أن تلك الأسطح المزروعة في المدن هي التي يستطيع الناس من خلالها أن يجدوا طرقًا جديدة لإطعام أنفسهم وعائلاتهم، هذه الرقع الخضراء تملأ الآن أسطح الضواحي الجنوبية لدمشق مثل يلدا وببيلا وبيت سحم وبعض المناطق في العاصمة الواقعة تحت حصار النظام منذ حوالي 24 شهرًا.
حامد أبو زيد، 26 عامًا، خريج مدرسة الحقوق والذي يعيش مع عائلته في تلك المنطقة، يقول حامد إنه بدأ بزراعة البذور على سطح بيته عندما بدأ الناس في منطقته يموتون جوعًا، ويضيف “في البداية قمت بوضع 60 كيسًا من التراب في 15 مترًا مربعًا (160 قدمًا مربعًا) ولكن مع زيادة إحكام الحصار قمت بتوسيع الرقعة إلى 30 مترًا مربعًا ( 320 قدمًا مربعًا)، قمت بزراعة بعض الأشياء مثل الجرجير والفجل والبقدونس والكزبرة والخس، بهذه الطريقة استطتعت تجنُب جنون الأسعار في السوق.
يقول حامد إنه محظوظ، فالحبوب التي من الصعب إيجادها في المناطق المحاصرة بسوريا متاحة في ضاحيته، وبزراعة طعامه يقول حامد إنه استطاع توفير قدر كبير من المال، فمعظم الخضروات غير متاحة في المناطق المحاصرة والموجود منها يُباع بأسعار خيالية، مثلاً حزمة من السبانخ تُباع بحوالي 700 ليرة سورية (حوالي 3.20 دولار).
ارتفعت الأسعار بسرعة الصاروخ منذ أن قام بشار الأسد بقطع الضواحي والمناطق الجاورة لليرموك عن باقي البلاد لتجويع مقاتلي الثوار، ومع قلة الطعام تحمّل المدنيون العبء الأكبر من هذا الحصار، وفي بداية عام 2014 قدرت منظمة العفو الدولية أعداد من ماتوا جوعًا جنوب دمشق بحوالي 200 شخص، وطبقا للتقديرات الحالية للأمم المتحدة يعيش حوالي 160.000 شخص تحت حصار النظام في ريف دمشق الجنوبي.
وعلى عكس المناطق المحاصرة في الغوطة الشرقية، فالأحياء الحضرية جنوب دمشق ليس بها أراض زراعية مثل معظم العواصم ومن الصعب توفير مساحات للزراعة، ومع بدء تناقص الغذاء قام بعض السكان مثل حامد باختراع حلول إبداعية.
لكن سكان الغوطة الشرقية والمعروفة بسيطرة الثوار عليها شمال دمشق قالوا إن عليهم البحث عن طرق أخرى لإطعام أنفسهم.
يقول أحمد أبوفاروق، 19 عامًا، والذي يعيش مع أفراد عائلته التسعة في الغوطة: “لقد أجبرنا الحصار على إيجاد البدائل خاصة في مدن مثل البويضة والحجيرة والسبينة، حيث تم تدمير كل الأراضي الزراعية المجاورة لهم وتم قتل الكثير من المزارعين”.
قال أحمد إنه وعائلته قاموا بتحويل مساحة 1600 قدم مربع (150 مترًا مربعًا) إلى سطح زراعي طول العام، حيث يقومون بزراعة الكوسة والقرع في الشتاء والخس والبقدونس في الصيف، وأضاف “أقوم بزراعة خليط من بذور الباذنجان والفلفل والخيار عندما أستطيع”.
تُعتبر الغوطة الشرقية من المناطق التي تُضرب بكثافة وباستمرار من طائرات النظام، ولحماية أنفسهم والنباتات كما يقول أحمد، فإن معظم الناس يلجأون إلى اختيار طرق زراعية بديلة ليتمكنوا من إخفاء المزروعات حتى لا تكون مرئية من أعلى.
يقول أبو أحمد، 30 عامًا، الطبيب الصيدلي من الغوطة الشرقية، بالرغم من أن مزرعته مظللة جزئيًا إلا أنه استطاع زراعة الباذنجان والطماطم والخيار، مضيفًا “أصعب جزء هو معرفة الوقت المناسب للزراعة والوقت المناسب لرش المبيدات، فمثلاً ماتت بعض مزروعاتي لأنني لم أكن أعلم نوع المبيد المناسب لها”.
المعارك العنيفة والقصف الجوي المستمر وسنوات من حصار النظام جعل المنطقة التي كانت قبل الحرب تكتظ بـ 5 ملايين مواطن تنخفض إلى 500.000 مواطن، حيث هرب بعضهم من القتال إلى مناطق أخرى في دمشق وبعضهم تم تهجيره إلى مخيمات لبنان والأردن وتركيا بينما استطاع بعضهم الذهاب إلى أوروبا.
المصدر: سيريا ديبلي