أرسل لي أحد الأصدقاء من المسؤولين عن الملف الحقوقي بالداخل المصري يوم الخميس 10 ديسمبر 2015 رسالة مفزعة عن انتهاكات حدثت بسجن العقرب المصري، تحديدًا فيما يعرف بمبنى H4 وينج 4 وهذا في يومى الثلاثاء والأربعاء 8 و9 ديسمبر في حفلات تعذيب استمرت ليومين ونتج عنها إصابة الكثير من المعتقلين السياسيين وصلت حد الإصابة بالكسور بالإضافة لاعتداءات جنسية.
تواصلت مع مصادر خاصة للتأكد من صحة ما حدث، كانت المفاجأة هي التأكيد مساء نفس اليوم على أكثر مما وصلني من حالات مع أسماء لبعض من تم الاعتداء عليهم من المعتقلين وأسماء لبعض الضباط الذين أشرفوا على تلك الانتهاكات.
دعونا نبدأ القصة من البداية، ماهو سجن العقرب؟
اسمه الرسمي “سجن 992 طرة شديد الحراسة” ونشأت فكرته بعد عودة مجموعة من ضباط جهاز الأمن المصري من دورة تدريبية أمريكية في نهاية الثمانينات.
يقع سجن العقرب في مجمع سجون طرة الواقع بمنطقة طرة جنوب غرب حلوان بجنوب القاهرة، وهو أحدث السجون التى تم إنشاؤها داخل مجموع السجون الذي كان أول سجونه بتاريخ 1928 إبان الفترة الملكية في عهد وزيرالداخلية الوفدي مصطفى النحاس، وكان هناك حرص حينها أن يطل جزء كبير من السجن على مجرى النيل، ثم تم إنشاء سجون أخرى ليصبح مجمع لأكثر من سجن، فكان آخر السجون التي تم إنشاؤها داخله هو سجن العقرب والذي بدأ بناؤه عام 1991 في عهد وزير الداخلية حسن الألفي في فترة حكم محمد حسني مبارك وتم الانتهاء منه في 30 مايو 1993 ثم افتتاحه رسميًا بتاريخ 26 يونيو 1993 بحضور مساعد وزير الداخلية حبيب العادلي.
وصف السجن
اعتمادًا على خرائط القمر الصناعي وشهادات من التقيت بهم بصفة شخصية من بعض أسر المعتقلين الحاليين وبعض المعتقلين السابقين أثناء فترة حكم محمد حسني مبارك أو فترة حكم عدلي منصور وعبد الفتاح السيسي، حاولت رسم صورة للسجن الداخلي، وتم إعادة رسمها لتوضح بهذا الشكل:
(صورة أخرى أرسلها متابعون لنون بوست لتصميم السجن من الداخل)
1- يقع على بعد 2 كيلو من بوابة منطقة سجون طرة الرسمية وله أسوار إضافية خاصة به.
2- مكون من 4 مبانى احتجاز رئيسية على شكل حرف H باللغة الإنجليزية، بالإضافة لمبنى إداري مكون من طابقين ملحق به مستوصف طبي مصغر ومبنيين بهم استراحة للضباط ومكتبة ومغسلة ومطبخ مركزي.
3- يقع يمين بوابة الدخول مبنى H1 وH2 ومحاطين بسور داخلي له بابان للدخول مكون من شبك حديدي وصاج يحجب رؤية من بالداخل عن باحة السجن من الخارج، وهناك ملعب أمام بوابة الدخول، ثم على يسار بوابة الدخول مبنى H3 وH4 ومحاطين أيضًا بسور داخلي مكون من شبك حديدي وصاج يحجب الرؤية.
4- مباني كل H مكونة من دور أرضي به زنازين الاحتجاز وقبو تحت الأرض تمتد فيه مواسير المياه والصرف وهناك ممر عرضي يربط بين H1 وH2 وممر عرضي يربط بين H3 وH4.
5- كل H مكون من أربع وينجات “عنابر” بكل وينج عدد 20 زنزانة احتجاز أبوابها حديد صب وعدد 3 زنزانة أبوابها أسياخ حديد طولي تسمي “زنزانة مصبع” وعدد 1 زنزانة باب حديد صب تستخدم كمخزن لتخزين أدوات النظافة وغيره، وغرفة استحمام بها من أربعة إلى ستة أماكن استحمام.
6- الزنزانة مساحتها ما يقارب الثلاثة أمتار في ثلاثة أمتار ونصف وبها حمام أفرنجي صغير مغلف بصبة أسمنتية وحوض صغير بجوارها دون ساتر ومصطبة أسمنتية للنوم، والزنزانة بها باب حديدي به فتحة عرضية تسمى “نضّارة” يتم إدخال الطعام للمعتقل من خلالها وبها فتحة تهوية علوية مغطاة بقضبان وشبك معدنى وتطل على ممر خلفي يفصلها عن الفناء الخارجي.
7- فتحات تهوية الزنازين تطل على ممر خلفي بها فتحات تهوية تقع بشكل يعاكس فتحات تهوية الزنازين بحيث يصعب رؤية السماء من خلالها.
8- الممر الداخلي بين الزنازين في كل وينج عرضه ما يقارب مترين وسقف الوينج به ثلاث فتحات يدخل منها أشعة الشمس للمر الداخلي فقط.
9- المبنى بالكامل من حوائط داخلية وخارجية وسقف وأرضية الزنازين وأيضًا القبو مصبوب ومكون من الخرسانة المسلحة.
10- في كل H تقع ساحات للتريض بحيث يتم إخراج المعتقلين بها كي يتعرضوا لأشعة الشمس، وهناك 4 ساحات بين كل ضلعين من أضلع أحرف H يفصلها سور طولي بالطول بدون بوابات بينما السور العرضي به بوابات كي يتم توزيع المعتقلين على الأربع ساحات تريض.
11- هناك ممر خلفي يمر بكل وينج خلف كل الزنازين يتم الصعود إليه ببضعة درجات ويتم من خلاله التجسس على المعتقلين ورصدهم دون أن يشعروا.
12- هناك باب صلب يقع في الممر الخلفي لكل وينج ويفتح على الخارج.
13- هناك موقعين لزيارات المعتقلين عبارة عن غرفة الأولى في الممر الواصل بين H1 وH2 والثانى بين H3 وH4 ولغرفة الزيارة ممر منفصل خارجي لإدخال الأهالي وتتم الزيارة عبر حائلين زجاجيين وعبر الهاتف.
14- لسجن العقرب سور أسمنتي خارجي طوله يقارب الـ 7 أمتار من الخرسانة المسلحة المدعمه وبها أبراج حراسة، وهناك سور آخر من الحديد والسلك الشائك، وهناك خندق حديث يتم حفرة لا يعرف هل هو لسور جديد أم زيادة تأمين، هذا بخلاف منطقة تقارب المترين أو ثلاثة مفروشة بالزلط لإحداث صوت في حالة الحركة عليها.
15- بوابات السجن مصفحة من الداخل والخارج، وتقع جميع مكاتب الضباط والمسؤولين عن السجن خلف قضبان وحواجز حديدية مغلقة.
وهذه أيضًا رسمة توضيحية لغرفة الزيارة:
وهذه صورة لغرفة الزيارة من الداخل حيث تتم رؤية المعتقلين من خلف الحاجز الزجاجي المزدوج:
ويوجد رابط فيديو للمذيع وائل الإبراشي قام فيه بالتجول ببعض مباني السجن بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 كي تكون الصورة كاملة:
ماذا يحدث داخل سجن العقرب؟
شهادات حية
نبدأ أولًا من روايات المعتقلين السابقين الذين استطعت اللقاء بهم وقد انقسموا إلى قسمين:
- قسم تم اعتقاله في عهد الرئيس السابق محمد حسنى مبارك.
- قسم تم اعتقاله في عهد عدلي منصور وعبد الفتاح السيسي.
أولًا قمت بمقابلة مع اثنين من المعتقلين السابقين بسجن العقرب “م. أ” و”م. س” والذين اعتقلوا فيه منذ أول التسعينات وحتى ما بعد ثورة 25 يناير 2011 وأحد هؤلاء المعتقلين قضي بسجن العقرب فقط 11 سنة حبس خلالها في كل “الإتشات”: H1 وH2 وH3 وH4.
روى لي كيف تم نقلهم إلى سجن العقرب وكيف أنهم جردوا من ملابسهم كلها ماعدا “البوكسر” فقط عند نزولهم من سيارة الترحيلات عند بوابة السجن وتم ضربهم بشدة بالهروات وأمرهم بالجري أمامهم.
“عاملونا كالبهائم عند إدخالها الحظائر، لا تعرف طريقها إلا بالمكان الذي تتفادى به الضرب، وهكذا صرنا نجري شبه عرايا بينما تلاحقنا عصيان العساكر من الأجناب والخلف توجهنا يمينًا ويسارًا حتى دخلنا الزنازين، وبعد فترة من دخولنا، حكينا ما حدث لنا من خلال فتحات الزنازين للمعتقلين الذين سبقونا فقالوا لنا أنتم أحسن منا حالًا فنحن قد تم تعريتنا تمامًا وتم إجبارنا على الزحف عرايا على الأسفلت ثم لداخل السجن ونحن يتم ضربنا”.
قال لي: “كان من أسوأ من مروا علينا هو مأمور السجن اللواء نبيل عرفة كنا نلقبه بـ (الشيطان)، وندعوا عليه في صلواتنا، كان يصادر الزيارات التي تأتي لنا وما بها من أكل، ويأكل بعض منها أمامنا لإذلالنا، وكان يشارك في حفلات تعذيبنا ويضربنا بيديه العاريتين”، يصمت قليلًا ثم يقول بحزن “كانت المعاملة تعتمد على الإذلال النفسي”، ثم يقول لي: “ثم تم تغييره وتمر الأيام وفي أحد الأيام يصاب أحد المعتقلين واسمه محمد الأسواني بجلطة وينقل لمستشفي القصر العيني فيقابل هناك اللواء نبيل عرفة على سرير المرض مشلولًا”.
يكمل “ثم أتى لواء آخر من أمن الدولة ليكون مأمورًا لسجن العقرب وكان اسمه اللواء محمد الفحام، فخفف التعذيب قليلًا وكان يقول لنا: أنا مستغرب أنتوا عايشين لغاية دلوقتى إزاي؟!”، ليكمل قائلًا “السجن ده مصمم إن اللي يقعد فيه فترة طويلة يا إما يموت يا إما يتجنن”.
يكمل المعتقل الآخر ويتحدث عن سياسة منع ملح الطعام من الأكل ومنع التريض حتى كان بعضهم تتساقط أسنانه، وانتشرت بينهم أمراض السل والجرب.
ولكي لا يظن أحدهم أنني أبالغ فها هي بعض من شهادة اللواء إبراهيم عبد الغفار مأمور سجن العقرب السابق على قناة الحياة المصرية بعد الثورة:
– سجن لا تدخله شمس ولا هواء، يعنى تقريبًا الهواء على قدر الاستنشاق وأحيانًا في الصيف قوي تلاقي الريحة عفنة، هو متصمم إن اللي يدخله ميرجعش منه تاني إلا ميت.
– أول سجين قابلته كان هشام عبد الظاهر مهندس خريج كليه هندسة أول ما فتحت عليه كان أول مرة يتفتح عليه من 8 سنين.
– ده بتوجيهات من أمن الدولة وتوجيهات وزير الداخلية وحسنى مبارك.
– وكان أمن الدولة ياخد المساجين من عندنا يصطحبهم وده مخالف للقانون خالص، يصطحبهم بدون أي حاجه بتعليمات من وزير الداخلية، ياخدهم يقعدهم عندهم خمسة عشر يومًا، المسجون يرجع مرمي على الأرض أسبوع عشر أيام علشان يقدر يقف من التعذيب اللى هو أتعذبه.
– جوا السجن كانت تيجي حملات من قطاع السجون بإشراف أمن الدولة معاها ضباط أمن الدولة تفتش، الناس تتبهدل، تتضرب، تتمد على رجلها، الكلاب تهبشهم.
رابط اللقاء مسجل:
ثانيًا قمت بمقابلة أحد الشباب الذي تم اعتقاله بعد الثالث من يوليو 2013 وسألته عنماحدث له ليقول “ش. أ” الطالب بكلية هندسة بإحدى الجامعات الحكومية: “اعتقلت في شهر ديسمبر سنة 2013 من كمين شرطة عادة بمنطقة شرق القاهرة ليلًا، حيث تم إيقافي في كمين شرطة وبتفتيشي وتفتيش كاميرتي الشخصية تم العثور على صور بعض المظاهرات؛ فتم القبض عليّ وترحيلي لقسم شرطة، ثم يتم ترحيلي لمقر أمن الدولة بلاظوغلي بوسط البلد أنا وشباب آخرين، هناك تم تغمية أعيننا وضربنا أثناء الاستجواب، بل قام أحد الضباط بإطفاء سيجارة في رأس أحد الشباب بدلاً من طفاية السيجارة كنوع من أنواع الإذلال لا التعذيب فقط”.
ثم يضيف الشاب لي “كان أشد الأيام تعذيبًا لي عندما تواصلوا مع كليتي الحكومية ليقول لهم مسؤول الكلية إني كنت ممن ينظمون مظاهرات شباب الثورة في فترة حكم المجلس العسكري بعد الثورة، ويأتي لي ضابط ليقوم بضربي انتقامًا لذلك حتى أن حشو بعض أسناني قد سقط من شدة الضرب في الوجه، ثم بعدها بيوم تم ترحيلنا لنيابة أمن الدولة العليا ليتم إدخالي لوكيل النيابة أحمد عبد العزيز بدون محامٍ، والذي قام باستجوابي ومحاولة الضغط عليّ قبل أن يصدر قرار بحبسي على ذمة التحقيقات ليتم ترحيلي أنا وشباب آخرين لسجن العقرب شديد الحراسة”.
يكمل الطالب “ش. أ” ليقول: “هما بيركزوا جدًا في سجن العقرب على إنهم يكسروا معنوياتك، أنت كده كده متكسر ماديًا، بس سجين الرأي أو السجين السياسي أهم حاجه بالنسبة لهم إنهم يكسروه معنويًا لأنهم مش عارفين يغيروا العقلية بتاعتك أو مش عارفين يغيروا طريقة تفكيرك أو اعتراضك على اللى بيحصل في البلد أيًا يكن انتمائك أو أسلوب تفكيرك أو اللى أنت بتفكر تعمله”.
“أنا لما روحت هناك لقيت دكاترة ولقيت مهندسين ولقيت رجال أعمال محترمين ولقيت طلبة، هي دي نوعية الناس اللي معتقله هناك، دول اللي هما بيعتبروهم أخطر ناس على الأمن القومي في مصر، اللي هما الطلبة والدكاترة والمهندسين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات والمستشارين”.
“طبعًا لما بتوصل بيبقا فيه حفلة استقبال ليك أنت واللي معاك والضرب بيزيد ويقل على حسب أنت جاي في إيه، وطبعًا بيبقا رئيس المباحث في الغالب وضباط المباحث في التشريفة الرسمية اللي بتضربك”، يكمل قائلًا “وهما بيدخلونا شوفنا ملعب كده جوه السجن شكله حلو وعرفنا بعد كده إنه معمول علشان لما يكون في زيارات للمجلس القومي لحقوق الإنسان وأي وفد أجنبي”، يبتسم ساخرًا.
ثم تحدث عن كافتيريا السجن وسياسة منع الزيارات ليقول: “الحاجه فيها زيادة عن قيمتها في الشارع في مصر بحولي 25%، بيستغلوا ظروف إن الناس محبوسة وفي احتياج لذلك يمنعوا الزيارات عشان الناس تجبر تروح تشتري من الكافتيريا عشان الضباط يعملوا بيزنس، وطبعا البيزنس ده بيوزعوه على بعض بداية من المأمور حتى الضباط”، ثم يكمل: “قصاد الكافتيريا في زي مبنى قاعة كبيرة مغطاة هي المفروض زي المستشفى أو المستشفى دي كلمة كبيرة ممكن نقول العيادة، فيها 3 سراير صغيرين ومكان كرسي دكتور أسنان ومكان ليه مكتب عيادة عادية جدًا وطبعًا الدكاترة، تحس أصلاً مفيش دكاترة، تحس إنهم هناك ضباط، الدكتور بيتعامل مع المسجون كأنه عدو، تخيل لما دكتور وبيتعامل معاك إن أنت عدو، فتخيل بيتعامل معاك إزاي يعني”.
“الحاجه التانية جنب المستشفى في قاعة كبيرة في الأول كنا بنزور فيها قبل يوم 25 يناير 2014، القاعة الكبيرة كانت فيها زي ترابيزة ممكن 8 يقعدواعليها، وفي حوالي 5 بيقعدواعليها، وفيه تقريبًا حوالي 12 ترابيزة قريبين من بعض، وجوه فيه المكتبة المفروض مكتوب عليها قاعة امتحانات الطالبة والمفروض الطلبة بيدخلوا جوه يمتحنوا بس الكلام ده كان موجود زمان جدًا بيدخلو يمتحنوا، وعندهم مكتبة ممكن يبصوا على الكتب وكده بس طبعًا المكتبة دي كانت مقفولة، أكيد طبعا بتتفتح للجنة حقوق الإنسان بيجوا يشوفوا الحقوق المقفولة بتتقتح وقتها، جنب المكتبة عيادة جنبها المبني الإداري، المبني الإداري ده بقا ليه قصة تانية كبيرة، أول ما بتدخل هو عامل زي المربع كده في النص هو عبارة عن دورين، الدور التاني تقريبًا فيه شوية أمانات يعني الناس وهما جايين يشيلوا لبسهم، ساعات بيحطوهم في الأمانات أو ساعات بيدهوم لأي حد، وفيه بعض المكاتب موجودة فوق، الدور الأرضي فيه مكتب المأمور ونائب المأمور ومكتب رئيس المباحث ومكتب مش مكتوب عليه يافطة بس بتوع أمن الدولة بيحققوا فيه وفي مكتب اللي هو جهاز المعاون اللي هو اللاسلكي اللي هو الناس اللي بيمسكوا لاسلكي دول”.
“جنب المربع ده فيه مبني صغير كده جنبيه بيحصل فيه التعذيب، بياخدوا الناس هناك والناس مش عارفين هما فين والناس دي مش مكشوفة على أي حد يعني مش أي حد يقدر يشوفهم وحد من إدارة السجن يروح هناك، المنطقة دي جوه سجن العقرب بس ملهاش دعوة باللي بيحصل جوه سجن العقرب، أنا هتكلم فيه عن حاجات كتيرة جدًا في سجن العقرب بس اللي بيحصل في المكان ده يظل مجهول، اللي بيحصل فيه حاجة مجهولة جدًا وناس أتكلمت عن التعذيب اللي بيحصل، عن تعذيب حصل هناك أو استكمال تحقيقات لقواضي اتحالت للمحكمة خلاص فلازم يكملوا بعض التحقيقات ويخلصوها قبل ما الناس تنزل جلسة محكمة، ودخلت في مرة هناك لسبب معين فلقيت ناس قاعدين وكانوا خايفين جدًا، وطبعا المخبر اللي دخلنا بالغلط هناك اتبهدل يعني بعد كده، بس يعني حتى انا شوفتهم نص دقيقة بس كان باين عليهم الخوف الشديد جدًا وكأنهم مستنيين مين اللي هيدخل عليهم عشان يعذبهم”.
وجبات الطعام داخل سجن العقرب
الإفطار:
قطعة جبن وكبشة فول صغيرة و3 أرغفة عيش، ماعدا يوم الجمعة والأحد يتم استبدال كبشة الفول بعدد 2 بيضة مسلوقة.
الغذاء:
هناك يومين لحمة ويومين فراخ، كان بعض الشباب لا يستطيعون أكلها فيرمونها للقطط المتجولة في المرات فترفض أكلها، وهناك ثلاث وجبات للغذاء ما يسمى بالطبخة السوداء وهي باذنجان بالصلصة أو سبانخ بالصلصة أو كوسة بالصلصلة أو عدس مع كبشة أرز وكبشة سلطة غير نظيفة.
الطلبة ودخول الكتب داخل السجن
يقول أحد الشباب الذي تم اعتقالهم وخرج مؤخرًا:
“كان في نقطة إن طلبة كتيرة موجودة في السجن ودكاترة كمان ومهندسين عامة، من الحاجات اللي بتحسس الإنسان بقيمة يعني ليه إن الإنسان بيقرأ، لا هو بيمنع عنك الكتب خالص رغم إن في مكتبة بس المكتبة دي معموله لحقوق الإنسان، بتوع حقوق الإنسان بييجوا يشوفوا الملعب ويشوفوا المكتبة ويطمنوا عليهم ويمشوا، المكتبة ذات نفسها بتبقى مقفولة، بيمنعوا خالص الكتب تدخل، أيا كانت الكتب دي شكلها إيه؟ في مرة فتحوا دخلوا كتب بتبقى مثلاً بتتكلم عن حاجات خليعة، عن روايات فيها ناس بيكرهوا الروايات، فبيبقا إيه.. هديلك كتب بس هديلك كتب معينة، أنا بضطهدك فكريًا يعني، كمان أنا عارف إن اتجاهك كذا فهبعتلك كتب أنت ضد الفكر بتاعها، والموضوع مش بس كده، انا هفتحلك كتب اه لكن الفتحة دي قعدت أسبوع أو أسبوع ونص، بعد كده سحبوا الكتب تاني فيعني بتبقا حاجة مسخرة، حتى لما طلبة كتير بتتكلم إن عاوزين نقدم لامتحاناتنا يدخل الظابط ويقول: امتحانات إيه؟ أنتوا طلبة؟ أنتوا مش طلبة! أنتوا إرهابيين، يعني مفيش حاجة اسمها امتحانات والكلام الفاضي ده، يعني مستقبلكوا ضاع خلاص والدنيا انتهت، أنتوا هتقعدوا طول عمركوا هنا أو هتتعدموا”.
“مع الوقت الطلبة ابتدت لما تنزل قصاد قاضي يكتبوا بلاغات ويعملوا مشاكل وكده، فعشان هما بيحاولوا يمشوا بالشوكة والسكينة، بالقلم واللوايح فسمحوا للطلبة إنهم يروحوا الامتحانات، ومن هنا ابتدت المشاكل اللي هو حتى لما سمحله منع يدخله كتب الدراسة، مثلا يبقا دكتور فبيدخله 3 أو 4 كتب؟ وكتب بالإنجليزي، لو دخل كتاب بالإنجليزي دي بتبقا مشكله بقا، بعد ما يدخلوه يقعدوا يفحصوه وبعد ما يفحصوه يدوهولك تاني، قصة ولفة طبعًا عشان يدخلك الكتب”.
“كان في مشكلة إن الناس تمتحن وبعديها بشهرين تلاتة كانوا بيتكلموا إنهم يدخلوا البتاع ده وبعد كده إنت ليك قلم واحد بس وهيسألك على القلم ده، يعني لو دخلنا وملقاش معاك القلم ده يسألك عليه، انت وديت القلم فين؟ حتى لو القلم أنت خلصت الحبر لازم القلم يكون موجود، هما بيخافو جدًا أى حد يكون معاه ورقة وقلم، الورقة والقلم كأنك شايل سلاح بالظبط قدامهم، في مرة دخلوا لقوا قلم وورقة فالظابط أتجنن، أنتوا دخلتوا قلم وورقة إزاي؟ وحصل مشكلة وأزمة كبيرة، والقلم ما يطلعش من الزنزانة، وقعدوا المخبر كده في الممر عشان يبص لو حد راح أدى لحد تاني كان الناس قعدت تربط الحاجة وترميها للباب التاني ف بيمسكوها وياخدو الحاجة كده، طبعًا بالنسبالهم القلم والورقة كانوا مشكلة كبيرة”.
معاناة الأهالي
نتناول توثيق شهادة والدة أحد المعتقلين وشهادة زوجة أحد المعتقلين:
تقول الأستاذة “أ. ح”:
يجب أن نصل لبوابة مجمع سجون طرة في الصباح الباكر؛ حيث يبدأ فتح الباب من الساعة 6 والنصف صباحًا وحتى الساعة الـ 11 صباحًا، حيث يتكدس الأهالي ولا يتم السماح سوى بعبور خمسة أشخاص ثم خمسة أشخاص.
لندخل لننتظر “الطفطف” الداخلي وهو وسيلة المواصلات الداخلية التي تصطحبنا لسجن العقرب مقابل أجرة جنيه للفرد الواحد، ويأتي في حوالي الساعة السادسة صباحًا لنصل لبوابة سجن العقرب لننتظر ما بين الساعة الـ 10 للواحدة ظهرًا، حيث يخرج إلينا ضابط ليأخذ منا تصاريح الزيارة الصادرة من النيابة ثم يدخل مرة أخرى.
ثم قد يتم السماح لبعضنا بالزيارة أو لا يتم السماح لأحد، فإذا تم السماح لبعضنا فإننا ندخل لنقوم بترك الأكل ليفتش ونسلمه ثم نمر على بوابات كشف المعادن ثم غرفة جانبية للسيدات وغرفة جانبية للرجال للتفتيش الذاتي والتي يتعرض فيها البعض منا لانتهاكات أثناء التفتيش الذاتي من قِبل الحراس المسؤولين، ثم يتم تركنا في غرفةاإنتظار لمدة ساعة أو ساعتين ليتم بعدها اصطحابنا داخل السجن لغرفة الزيارة والمكونة من كبائن وحائل زجاجي حيث تم تقليص عدد كبائن الزيارة من 8 كبائن إلى عدد 4 فقط؛ حيث يقوموا بإدخال المعتقل ليقف دون أن يجلس على كرسي في حين وفروا لنا كرسي واحد فقط ليجلس فرد واحد من الأسرة ويقف الباقي.
كانت الزيارة قديمًا مدتها من 10 دقائق لـ 15 دقيقة، ولكن الآن صارت من دقيقة إلى 3 دقائق، إن سمحوا لنا بالزيارة في الأساس.
هناك معتقلون منعوا أهاليهم من الزيارة حتى في الزيارة الاستثنائية لـ H2 بعد زيارة المجلس القومي لحقوق الإنسان الأخيرة؛ حيث منعوا أسر الدكتور عبد الله شحاتة ومحمد الظواهري والمستشار حسن النجار.
هناك أسر ممنوعة من الزيارة نهائيًا لأن المستشار السابق هشام بركات حصر استخراج التصاريح من نيابة أمن الدولة العليا والتي ترفض إعطاء تصريحات زيارة لبعض الأسر مثل أسرة الدكتور عبد المنعم أمين التي لم تزوره منذ 10 شهور ولا يعرفون عنه شيء حتى الآن.
ثم أنتقل هنا لشهادة أخرى وهي شهادة الأستاذة ثناء شاهين والدة الطالب المعتقل عمرو ربيع المعتقل بسجن العقرب بعد تعذيب في سجن العازولي العسكري ومقر أمن الدولة بلاظوغلي لتحكي عن معاناتها في الزيارة قائلًا:
“الأمهات لن ييأسن مهما طالت مدة اعتقال أبنائهن أو أزواجهن، ولكن تجمدت الدموع في العيون والقلب يبكي دمًا وخاصة عند رؤية الأبناء لمدة دقيقتين أو ثلاث دقائق بعد منع الزيارة لعدة أشهر، نخرج التصريح وراء التصريح ويأخذوه منا بعد الوقوف خمس أو ست ساعات على البوابة الرئيسية لطول الطابور، صورة لا أستطيع أن أصف فيها معاناة الأمهات فمنهن من تأتي في الثالثة صباحًا حتى تستطيع أن تدخل مبكرًا، وأخرى في الرابعة، وعند الثامنة صباحًا يكون الطابور وصل للشارع ناهيك عن خناقات أهالي الجنائيين لدرجة أن إحداهن كادت أن تعتدي على إحدى أهالي العقرب بمطواة حتى تدخل قبلها وفكوا الاشتباك بأعجوبة ونجاها الله”.
هذا بالنسبة للطابور الخارجي، علمًا أن ميعاد آخر تصريح يسلم في العقرب في العاشرة، لكن الحقيقة أن من الممكن أن يغلق الباب ولا يخرج أحد لاستلام التصريحات حتى تمر العاشرة، ثم يقول فات الميعاد، بعد هذا الشقاء فات الميعاد، ومن هؤلاء من يأتي من سفر، حدث أمامي أم أتت من الأقصر وبعد انتظارها ساعات قال ليس لابنك زيارة اليوم، قالت له قلت لي ذلك أمس وجئت اليوم ورغم بكائها لم يدخلها وكان ذلك عندما كانت الزيارة مفتوحة”.
وهذا فيديو تم تصويره مع الأستاذة ثناء شاهين من قِبل جريدة المصري اليوم وتحكي فيه معاناتها ومعاناة ابنها داخل العقرب:
التعذيب
يحكي أحد المعتقلين عن التعذيب فيقول:
“عند حدوث أي تذمر من سوء المعاملة تقوم إدارة السجن بالدخول بالقوة الضاربة ليجردونا مما نلبسه ماعدا البنطلون وينزعوا عنا البطاطين لنجلس في وسط البرد من غير بطانية ومن غير لبس، ولو حدثت أي مقاومة أو اعتراض فالقوات الخاصة بتدخل بالشوت جن والخرطوش وبيهددوك وأنت محبوس ومقيد، ثم يقوم بإطلاق طلق صوت عليك، وطبعًا طلق الصوت لما بيطلع في حاجات كده زرقا صغيرة تدخل في عنيك أو في وشك وتسيب أثر صغير، وفي ناس الآثار دي قعدت معاها شهر وأكثر، وفي واحد إحدى عينيه شبه راحت ومش عارف يشوف منها خالص وحتى وقت خروجي، ورغم ذلك المعتقلين بيطالبوا بحقوقهم وهما عارفين طبعًا إن الناس دي مفيش حقوق عندهم بس هما بيحاولوا يعملوا على أد ما يقدروا، على الأقل يطلعوا بأقل أقل حاجة من حقوقهم”.
“المعتقلون مصممون يقاوموا الظلم والاستبداد اللى موجود في السجن، ساعات كذا مرة دخلوا القوة الضاربة دي ويقوموا ساحبين كذا واحد ومجرجرينه قدام المعتقلين كلهم، وطبعًا يبقي فيه عرض في الممر الصغير اللي قدام الزنازين كلها ويشدوا المعتقل، مابيراعوش كبير أو صغير ممكن يكون عنده السكر أو عنده الضغط، مبيراعوش الحاجات دي خال، مابيميزوش بين دكتور وبين واحد عادي”.
“بعد كده بيقفلوا الزنزانة لمدة أسبوع أو أسبوعين، ممنوع التريض وممنوع أي حاجة وبيدخلك الأكل كده بالعافية، حتى الجنائيين بيبقوا يا عيني الواحد منهم عاوز يعيط وبيبقا مثلاً إيه يعرف إن فلان تعبان وعلاجه كذا، فيكون مخبي العلاج بطريقه معينة بحيث إن المخبر ما يشوفهوش وهو بيدخله، فيدخلهوله وسط الأكل كده، يعني الجنائي اللي هو أصلاً مش صاحاب قضية ومش صاحب أي حاجة، كان يقعد يشتم في الظباط وأنتوا مش عارفين إيه، كان بيحترموا جدًا الناس اللي مسجونة سياسي وكده وكانوا بيحاولوا يعملوا أى حاجة بحيث إنهم يساعدونا وكده، فده موضوع التشكيلات الخاصة، والحاجات دي كانت بتحصل في وجود مساعد وزير الداخلية، محمد راتب، ورئيس المصلحة محمد الخلوصي والمأمور هشام، وبالذات رئيس المباحث اسمه تامر جاد، في أسماء كده مع إنهم ساعات بيتنقلوا بس يعني الناس دي اتعاملوا بطريقة وحشة جدًا حتى حاطين واحد بيفتش العناصر تبع أمن الدولة اسمه محمد عبد الحفيظ، بردو ده بيتابع الحالة وبيشرف أنتوا اتعاملوا مع الشخص ده كذا والشخص ده كذا واتعاملوا مع القيادات بطريقة معينة ومع الناس الصغيرين بطريقة معينة، فيعني ده بالنسبة للموضوع القوات اللي كانت بتدخل، ساعات كانوا بيدخلوا بكلاب عشان يخوفوا الناس، كانوا بيحاولوا يعملوا أي حاجة عشان يخوفوا الناس وساعات بيقوموا مطلعينهم برة ويبعدوا مسافه معينة ويضربوا عليهم خرطوش عشان الخرطوش ممكن يقعد معاك يومين تلاتة، قاعد موجوع مش عارف تنام، مش عارف تنام على ضهرك، فساعات كانوا بيعملوا الحاجات دي يعني، غير طبعًا جزء إحنا محتاجين نتكلم فيه كتير جدًا، يعني أنا شوفت حوالي 30 حالة كل حالة مختلفة عن التانية، غير إنهم بيحكوا عن الحالات الموجودة هناك موجودة في السجون العسكرية، الناس الجايين من العازولي ومن س 8 ومن الكتيبة 101 بشمال سيناء”.
“هتكلم بقى عن السجون العسكرية والمعاملات اللي فيها وشكل الناس كانوا جايين متبهدلين ومكسرين يعني، قصدي مش متكسرين ضرب، قصدي العضم متكسر وساعات بيبقي كسر مضاعف وبيتعاملو عادي إيه المشكلة؟! مفيش أي نوع من أنواع الرحمة طبعًا، وشكل التعذيب وأسلوب التعذيب”.
“حاجة من الحاجات اللي خلتني أصلا أدخل في موضوع توثيق التعذيب اللي أنا شوفت آثاره على الناس، أنا يمكن ما شوفتش الناس دي أتعذبت إزاي، بس أنا قعدت معاهم 6 شهور تقريبًا في سجن العقرب، يعني حسيت جدًا بيهم وكنت شايف دايمًا في عنيهم حزن شديد جدًا آثار من التعب والإرهاق، أنا مش عارف إيه الكلمة المناسبة اللي ممكن أقولها في حاجة زي كده بس كل أما عنيا تيجي في عين واحد منهم بشوف فيه قهر وظلم شديد جدًا ورغم كده يعني تلاقي الواحد منهم بيبتسم وراضي بالمكتوب وهو فرحان إن هو بيقول كلمة وقف قصاد استبداد وقف قصاد ظلم، فهو مش فارقة معاه حتى لو هو هيموت يعني، كرامته وبلده ووطنه وبيته وحريته، حريته وحرية بلده فوق كل حاجة”.
“المجموعه اللي أنا عشت معاهم أو اللي عاشرتهم في المدة دي، مهما قولت كلمة مش هعرف أجيب حقهم، مجموعه فعلاً يعني هما عمدان الثورة لا عليهم دوشة إعلامية ولا عليهم ضغط دولي ولا في حد بيتكلم عليهم ولا في منظمات حقوقية بتتكلم عنهم، وهما مش عاوزين الكلام ده ومش بيفكروا في الموضوع ده أو بيسعوا ليه حتى، هو بيبص للموضوع كشخصه أو ذاته أو ضميره، هو شايف الموضوع إزاي، ولا فارق معاه أصلاً أي حاجة من الحاجات اللي هو شايفها أصلاً نوع من أنواع المسرحية، اللي خلاني أشارك في حاجة زي كده إنى كنت عاوز أنقل الحقيقة للناس، كنت عاوز أخليهم يبصوا على حاجات، يعني أنا شوفت بس أثرها، انا مشوفتهومش وهما بيتعذبوا بس شوفت أثره”.
“أنا يمكن دخلت أمن الدولة قعدت فيه يومين تلاتة، بس ده لا يذكر بالنسبة لناس قعدت شهور في السجون العسكرية والمعتقلات الحربية، يعني كل ما أحاول أفتكر، أو بسمع بس كلامهم أو بفتكر كلام حد منهم ألاقي جسمي بيقشعر أو كل ما أفتكر القهر اللي هما كانوا شايفينه بحس بقهر شديد جدًا كأن واحد جواه استاد بيهتف من الظلم اللي شافه في الناس دي، يعني أنا لو حاولت اتكلم عن أوضاع السجون، فوضع المعتقلات الحربية ده مهما أتكلمت مش زي ما تروح تقعد كأنك قاعد فيه، يعني لو حكيت بس بعض الحالات اللي أنا شوفتها زي ما حكولي وآثار التعذيب عليهم”.
سجن العازولي
“مجرد بس ما واحد منهم ييجي من العازولي ويبقي فيه كسور وآثار تعذيب فظيعه جدًا وبعضهم جاي فيه شلل وكدمات وجروح فظيعة بيتعالجوا منها شهور بعد ما التعذيب وقف، والتعذيب ده كله عشان يجبروهم على أقوال معينة أو يطلعوا منهم اعترافات، بس يعني أفتكر في واحد – أنا مش عارف مصيره دلوقتي – كان جاي مع مجموعة جت من العازولي، هو محبش يحكي التفاصيل أو الحاجات اللي اتعرضلها بس هو كان بيحكي على واحد مسكوه وجابوا 3 ولاده قدامه، فالظابط يقوله مش هتتكلم؟ يقوله: لا مش هتكلم، فقتل ابنه الأول ويسيبه لتاني يوم، تخيل لما يقتل ابنه قصاده! ويجيبو ابنه التاني، مش هتتكلم؟ لا مش هتكلم، يقتلوه، ويجيبو التالت، مش هتتكلم؟ لا مش هتكلم، يقتلوا التالت فالراجل يجيله شلل كامل مبيعرفش يتحرك خالص، فالناس كانوا بيساعدوه عشان يودوه الحمام أو ينضفوه”.
“أنا مش هتكلم على النضافة هناك لأن مفيش حاجة اسمها نضافة هناك أصلاً، حتى الحمام اللي بيتكلموا عليه أنت بالظبط بتستخدمه 5 دقايق في اليوم، اليوم كله من أوله لآخره بتستخدمه 5 دقايق مهما كان الاستخدام اللي هتستخدمه في الـ 5 دقايق دول، كان في ناس بيضحوا بالـ 5 دقايق دول عشان يشيلوه ويودوه للحمام، طبعًا هما بيضربوا وهما داخلين وهما طالعين، كان في شباب بيشيلوه يودوه لغاية الحمام ياخدوه ينضفوه ويرجعوا بيه وهما ميروحوش الحمام وكان بيعملوا زي مين عليه الدور أو مين اللي هيعمل الموضوع ده”.
“الظابط بيجيله علطول، لو أنت مش هتتكلم أنا هسيبك كده علطول لغاية لما إيه؟ لو أنت عاوز تموت أنا مش هخليك تموت، أنا هسيبك كده لغاية ما تتكلم، وأول ما تتكلم أنا هرحمك”.
“تخيل واحد زي ده، أقوى أمنياته إنه يتقتل ومع ذلك هو قال لا محدش يقتلني ومش هنتحر ولوهتقتل هتقتل على إيديهم، دي حالة من مئات الحالات الموجودة هناك، بيبقا فيه دكاترة ومهندسين وأعضاء هيئة تدريس في جامعات، منهم دكاترة كبار جدًا معروفين كقامة علمية على مستوي دولي، أنا مش بتكلم على أي حد كده بعضهم كانوا بيجيبوا لغاية دلوقتي أطفالهم وحابسينهم انفرادي جوة سجن العازولي لمجرد بس يبتزوهم عشان أهاليهم يسلموا نفسهم، تخيلوا لما يمسكوا أطفال عمرهم 8 سنين لـ 10 سنين لـ 11 سنة ويحبسوهم انفرادي في سجن العازولى عشان يبتزوهم عشان أهاليهم ييجوا يسلموا نفسهم”.
“لما واحد منهم يموت كان الزنزانة مساحتها 8 متر لـ 9 متر تقريبًا بيقعد فيها 50 واحد، تخيلوا 50 واحد في مساحة صغيرة زي دي، لما ييجي بس الشاويش ينادي على اسم واحد منهم مبيكونش عارف هو رايح فين، رايح التحقيق ولا هيتعذب ولا هيتقتل ولا هيترحل ولا إيه مصيره؟ لمجرد بس إن اسمه بيتنده، مجرد ما الأسامي بتتنده وبيسمعوا صوت رجله وهو ماشي بس بيبقوا في قمة، كل واحد بيستنى مصيره يبقا إزاى وبعضهم بيقولي يعني إحنا اتكتبلنا حياة جديدة، بمجرد ما اتنقلنا من السجن وروحنا سجن العقرب اللي هو حكيت فيه مشاكل أد كده لا هو بالنسبالهم سجن العقرب ده كأنه حياة، كأنه اتولد من جديد، في الكتيبة 101 في ناس كانوا بيحكوا عنها، في 3 آبار موجودة هناك بمجرد ما بيخلصوا تعذيب فيهم يقوموا قاتلينهم ويرموهم في الكتايب، نقلاً عن الناس كانت بتقول في مدافن جماعية في 3 آبار كانت الكتيبة 101 بيقتلوا الناس ويرموهم هناك”.
هذه نبذة مختصرة عن أحد أسوأ السجون المعروفة في جمهورية مصر العربية فتخيلوا معي ماذا يحدث في السجون السرية؟
بدأت هذا التحقيق بعد حادثة التعذيب التي تمت بتاريخ الثلاثاء والأربعاء 8 و9 ديسمبر 2015 والتي تمت بـ H4 بوينج 4 والتي نتج عنها إصابات وكسور وجروح شديدة للكثير من المعتقلين في هذا العنبر، والتي نظم أهالي المعتقلين على أثره وقفة احتجاجية أمام نقابة الصحفيين بتاريخ الأحد 13 ديسمبر 2015 لتلتقط عدسات الصحفيين تلك الصورة لابنة أحد المعتقلين بسجن العقرب وهي تبكي أباها التي لا تعلم ماذا حدث له:
وهذه بعض المنشورات التى كتبها ويكتبها أهالي المعتقلين منذ شهور وتوثق معاناتهم (1) (2) (3) (4)
أختم الآن وأنا أتذكر صور الراحلين الذين توفوا في سجن العقرب نتيجة الإهمال الطبي ومنهم:
- فريد إسماعيل.
- نبيل المغربي.
- مرجان سالم.
- عصام دربالة.
- وأخيرًا عماد حسن والذي توفي متأثرًا بإصابته بسرطان المعدة داخل سجن العقرب وتم إهماله حتى توفى في ثاني أيام عيد الأضحى عام 2015.