عندما يتحدث الناس عن التوحد فهم يتحدثون عن “اضطراب طيف التوحد” والذي يندرج تحته خمسة اضطرابات، أشهرهم التوحد ومتلازمة إسبرجر.
والتوحد هو اضطرابات تؤثر في سلوكيات الطفل الاجتماعية ومهارات التواصل، وتعتقد الأبحاث أن التوحد يحدث بسبب طفرة جينية نادرة تؤثر على عملية معالجة البيانات في المخ وعلى انتظام الخلايا العصبية ونقاط تشابكها، ولكن لم يتم التأكد من السبب الرئيسي للتوحد حتى الآن.
كان أول من وصف التوحد هو الطبيب ليو كانر عام 1943 في بحثه الذي طبقه على 11 طفلاً ولاحظ فيه قلة اهتمامهم بالناس واهتمامهم الملحوظ بالبيئة غير الحية.
تقول كارولين جريجوري في مقالها: “للحصول على أفضل النتائج في علاج اضطراب طيف التوحد، التشخيص والتدخل المبكر أمران غاية في الأهمية وذلك لزيادة فرص الطفل في تنمية المهارات المعرفية الهامة وحتى يستطيع ممارسة حياته لاحقًا بشكل متميز”.
يقول دكتور باول وانج، رئيس قسم الأبحاث الطبية في علم التوحد ومؤيد لمنظمة “التوحد يتحدث”: “يبدو واضحًا أنه كلما بدأنا مبكرًا كلما حصلنا على نتائج أفضل وطويلة المدى، نحتاج بالفعل لأن يتداخل هؤلاء الأطفال في الحياة مبكرًا كلما أمكن”.
لكن هذا الاضطراب والذي يبدأ في الظهور للطفل في عمر 12 إلى 18 شهرًا، يُظهر نفسه بطرق مختلفة، فيكون صعبًا على الآباء التعرف عليه، في الحقيقة، وكما يقول وانج، فحوالي نصف الآباء لا يعرفون العلامات المبكرة للتوحد، يقول وانج “يستطيع الآباء ملاحظة الاختلافات مبكرًا في عمر الـ 6 أشهر، بالطبع لا تظهر هذه الاختلافات لدى كل الأطفال حتى يلاحظها الآباء ولكنها تظهر لبعضهم وقد تبدأ مبكرًا هكذا”.
بالنسبة لاضطراب التطور العصبي وهو التشخيص الأكثر شيوعًا بين الأطفال الأمريكيين، فهو يتميز بوجود اختلافات في السلوكيات الاجتماعية والتواصل والإدارك، تبدأ إشارات الخطر عمومًا من التأخر في الكلام وحتى السلوكيات غير المتوقعة.
ولمساعدة الآباء على التعرف والتعامل السريع مع العلامات المبكرة للتوحد، أطلقت منظمة “التوحد يتحدث” سلسلة من إعلانات الخدمة العامة في حملتها بعنوان “اعرف العلامات”، وفي إعلانهم الأول قاموا باستخدام أسلوب تقطيع الرسوم المتحركة لتتبع قصة أحد الأطفال مع التوحد مع إلقاء نظرة على ما يدور في خياله.
يعرض هذا الفيديو لمدة دقيقة قصة حقيقية لولد يدعى جاكوب والذي لم يتحدث حتى الرابعة من عمره وطبقًا لمنظمة “التوحد يتحدث” فقد أشار إلى علامات الخطر الشائعة للتوحد مثل قلة الكلام والتواصل بالعينين والحساسية للضوء والصوت والقيام بسلوكيات متكررة مثل رعشة الذراع، وينهي المعلق هذا المقطع قائلاً “التدخل المبكر يمكنه أن يغير من حياة المرء”.
5 علامات مبكرة
بجانب العلامات التحذيرة التي ذكرناها بالأعلى، هذه خمسة مؤشرات للتوحد يقول الخبراء إنه يجب على الآباء أن يدركوها.
1- لا يستجيب عند مناداته باسمه
الطفل المعافى صحيًا يستجيب ولو بالالتفات عندما ينادي باسمه أحد أفراد الأسرة، بينما 20% فقط من الأطفال الذين تم تشخيصهم مؤخرًا بأنهم مصابون بالتوحد استجابوا عند النداء عليهم.
2- لا يشارك في الأنشطة المشتركة
الأنشطة المشتركة مؤشر مبكر للمهارات اللغوية فهي توضح القدرة على مشاركة شيئًا ما مع شخص آخر، مثال على ذلك “عنما ينظر الطفل لطائرة في السماء ثم ينظر لأمه ثم ينظر مرة أخرى للطائرة وكأنه يقول: هل تشاهدين ما أراه ؟”.
“إنكم تتشاركون في موضوع ما” هكذا يفسره الطبيب النفسي كوني كاساري الأستاذ بجامعة كاليفورنيا والذي يقوم حاليًا بإجراء تجربة لقياس تأثير التدخل المبكر على الأطفال المصابين بالتوحد، يقول أيضًا “الأطفال الذين يفعلون ذلك كثيرًا يتمكنون من اللغة بشكل أسرع”.
3- لا يقلد تصرفات الآخرين
الأطفال المصابون بالتوحد أقل بكثير من الأطفال الأصحاء في تقليد حركات الآخرين مثل الابتسام والتلويح والتصفيق.
4- لا يشارك في الألعاب التخيلية
يحب الأطفال الألعاب التخيلية (مثل لعب دور الأم لدمية صغيرة أو التظاهر بأن ثمرة الموز هاتف) وعادة ما تظهر هذه العلامة من عمر سنتين لثلاث سنوات، أما الطفل المصاب بالتوحد فقليلاً ما يشارك في اللعب بهذ الطريقة.
يقول كاساري “الطفل المصاب بالتوحد يهتم بالأشياء بطريقة مختلفة، ومع التقدم في العمر فإنه يستخدم الأشياء بمدلولها الحقيقي وقلما يستخدم هذه الأشياء في اللعب بصورة تخيلية”.
5- لا يستجيب عاطفيًا
بينما يستجيب الأطفال الأصحاء سريعًا لعواطف الآخرين، فالطفل المصاب بالتوحد مثلاً قليلاً ما يبتسم عندما يبتسم له أحد أو يبكي عند رؤية طفل آخر يبكي.
ما الذي ينبغي أن يفعله الآباء؟
ينصح وانج وكاساري الآباء بأن ينتبهوا لإشارات الخطر تلك بداية من عمر 12 شهرًا ويجب أن يتحدثوا مع طبيب الأطفال إذا كان لديهم أي مخاوف، وكأداة أولية يستطيع الآباء استخدام اختبار “قائمة التحقق المعدلة للتوحد لدى الأطفال” لمعرفة إذا ما كان الطفل يحتاج لمساعدة متخصصة.
يقول كاساري “نريد أن يعلم الآباء أننا نستطيع مساعدتهم هنا إذا كان لديهم شك في أي مشكلة تنموية، ونأمل أيضًا أن هذ النوع من التدخلات يمكنه المساعدة بتغيير حقيقي”.