عبّر عدد من التونسيين عن تخوفاتهم من الاتفاقيات المبرمة مؤخرًا بين الحكومتين التونسية والإيرانية، كونها تشكل تهديدًا لأمن تونس القومي واستقرارها ومستقبلها حسب اعتقادهم.
ووقعت الحكومة التونسية الجمعة الماضية، في ختام اجتماع الدورة الخامسة للجنة المشتركة مع الحكومة الإيرانية، عدة اتفاقيات لتعزيز التعاون بينهما في قطاع السياحة من بينها إحداث خط جوي مباشر بين البلدين وبرنامج تنفيذي للتعاون يتم بمقتضاه استقطاب 10 آلاف سائح إيراني خلال سنة 2016.
ويمتد برنامج التعاون الذي تم توقيعه على 3 سنوات ويشمل إقامة مشاريع استثمارية وتسهيل حركة السياحة ومساعدة وكالات الأسفار على تصميم برامج سياحية مشتركة وتبادل الخبرات والمشاركة في التظاهرات والمعارض.
اتفاقيات اعتبرها العديد من التونسيين مدخلاً للإيرانيين إلى تونس لنشر المذهب الشيعي وبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد ذي التوجه السني المالكي، كما رفضتها بعض الأحزاب والشخصيات الوطنية وطالبت بإلغائها درءًا للفتن، حسب قولهم.
وعبّر حزب تيار المحبة بقيادة مرشح الرئاسة السابق محمد الهاشمي الحامدي في بيان له عن رفضه الشديد للاتفاق السياحي مع إيران، ودعا الحزب الحكومة للتراجع الفوري عنه.
وبرر تيار المحبة رفضه هذه الاتفاق بأن “الأخطار التي تتهدد تونس من هذا الاتفاق أخطار مصيرية بكل ما في الكلمة من معنى، بحيث إننا سنربح خمسة مليون دينار في السنة من الاتفاق السياحي، وسنخسر وحدتنا الوطنية واستقرارنا ونضع أمننا القومي في مهب الريح، وهذه بكل المعايير ستكون أسوأ صفقة في تاريخ تونس”، حسب نص البيان، ويضيف البيان “نرى أن فتح الباب للسياحة الإيرانية يعني على أرض الواقع فتح الباب لعناصر النظام الإيراني وأجهزته الأمنية، وهو نظام يتفاخر علنًا بنواياه التوسعية في العالم العربي، ويسيطر عليه رجال الدين من مذهب واحد، ويمنع فيه بالدستور على أي مسلم مخالف لمذهب النظام الترشح لرئاسة الجمهورية، وهي مفاهيم متشددة يرفضها الشعب التونسي المتسامح ولا يريد استيرادها لبلاده”.
كما كتب القيادي في حزب الإصلاح في تونس رفيق العوني في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك “إذا دخلت إيران بلدًا بطريقة أو بأخرى ولو باسم السياحة؛ فاعلم أن بلدك مقبلاً على خراب وانظر إلى وضع العراق وكذلك حال السوريين لتتأكد من هذا الأمر”.
من جهته كتب الباحث في الحضارة العربية سامي براهم “في تقديرنا هذه التخوفات لها ما يبررها، حيث لا تزال إيران إلى اليوم مسكونة بفكرة تصدير الثورة من خلال تصدير المذهب الشيعي ودعم أنصاره وإنشاء حاضنة شعبية شيعية عبر تشكيل نسيج من الجمعيات والروابط والهيئات التي قد يتحول معها التشيع في تونس من معتقد شخصي ومذهب فقهي إلى وضع الطائفة ذات المرجعية غير الوطنية”.
ويرى مراقبون أن المركز الثقافي الإيراني في تونس هو الجهة المسؤولة عن تمويل وتنظيم الشيعة في تونس، وتوجد بعض الجمعيات والأحزاب والصحف الشيعية في هذا البلد السني على غرار الرابطة التونسية للتسامح وحزب الوحدة وجريدة الصحوة.
وسبق للعديد من الجمعيات الأهلية في تونس مطالبة حكومة بلادهم بغلق المركز الثقافي الإيراني وإيقاف كل البرامج الحكومية المشتركة بين تونس وإيران في مجالي التبادل الثقافي والتعليمي، مبررين مطلبهم كون هذا المركز يعمل على نشر التشيع عبر مخطط يقوم على رصد الأموال وتجنيد الأشخاص وتكوين خلايا نائمة ذات ولاء لإيران ولمراجع شيعية تشتغل حسب أجندات صفوية عنصرية، حسب وصفهم.
بدوره قال كاتب تونسي يدعى محفوظ في تعليق على الاتفاقيات الأخيرة المبرمة بين تونس وإيران: “في تصوري التشيع الإثني عشري الإمامي مخيف أساسًا لما يمثله على المدى البعيد من نيل للأمن القومي التونسي والنسيج المجتمعي المتماسك في أغلبه، علة التخوف من الزحف الإمامي هي السهولة التي يمكنه أن يتغلغل بها إذا فُسح له المجال، من هنا يتمثل خطر التشيع على عامة الناس وهم المستهدفون بدعايته”، وكتب أمير علي “إذا قبل التونسيون بهذه الاتفاقية مع إيران فتونس الحالية وإن تكن مشاكلها اجتماعية فستصبح بعد خمس سنوات طائفية ويقسم الشعب”.
وقالت وزيرة السياحة في تصريح لوسائل الإعلام إن تونس استقطبت خلال سنة 2015 زهاء 1500 سائح إيراني مقابل نحو 5 آلاف خلال سنة 2010.
ويوجد في تونس بعض الآلاف من الشيعة يتوزعون خصوصًا في الجنوب التونسي وينشطون ضمن جمعيات مختلفة.