استخدمت معظم المجموعات الجهادية في الماضي وسائل التواصل الاجتماعي المتوفرة للتواصل فيما بينها ونشر دعاياتهم الإعلامية على الملأ، كانت تلك الوسائل هي المسيرات الحاشدة وتوزيع المنشورات، وإقامة المهرجانات الخطابية.
وبعد تأسيس الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة بـ “داعش” عام 2014 اعتُبرت المجموعة الجهادية الأغنى في العالم من بين كل المجموعات الجهادية العابرة للحدود، والتي باتت تسيطر اليوم على ثلث مساحتي العراق وسوريا أي خمسة أضعاف مساحة جمهورية لبنان وتقدّر مدخولاته من 2 إلى 3 مليون دولار يوميًا تأتي من مبيعات النفط بشكل أساسي.
منذ بزوغ التنظيم ظهرت معه آلته الإعلامية “الهوليودية” لتسبق صيته حتى بات الإعلاميون ينتظرون الأفلام التي سيصدرها لتقصي الطرق التي يستخدمها التنظيم في التصوير والتسجيل والدوبلاج والمونتاج، والجدير بالملاحظة أنه امتلك الموارد البشرية الحاذقة الأجنبية المختصة بتصميم الأفلام والعروض، بالإضافة لامتلاكه المعدات اللازمة للتصوير والصوت وغيرها، حتى ظهر التنظيم بحلة جديدة وارتدى ثوب الأفلام الأمريكية في الإخراج السينمائي ليفاجئ مريديه ويدب العزم بمقاتليه، وفعلت ما لم تفعله باقي التنظيمات من حيث طريقة الإعدامات الغريبة والمستهجنة على مستوى البشرية حيث ظهر التنظيم في أكثر من مرة وهو يعدم رهائن لديه بعدة طرق منها الحرق بالنار والإغراق بالماء والقتل بالكهرباء وغيرها من طرق وحشية ينكى لها الجبين، استخدم التنظيم هذه الوسائل لإرهاب الأعداء وإجبارهم على الاعترف به بقوة السلاح بعدما أصبح للتنظيم أركان الدولة (السكان والأرض والموارد).
لم تغفل الدولة الإسلامية أهم وسيلة للتواصل في القرن الواحد والعشرين للدخول إلى عقول الشباب ومحاولة جذبهم تجاه أجندة التنظيم وطموحاته وإطلاق الوعود بالحياة النزيهة والفارهة من خلال إستراتيجية إعلامية موجهة للشباب، وحسب موقع theconversation.com فإن الفيسبوك هو أكبر قاعدة إلكترونية تجمع الشباب المعجبين بالدولة والداعمين لها والمجندين تستخدمها الدولة لتحريضهم على ممارسة العنف عن طريق الدعاية الإعلامية والدعاوي الإسلامية.
آخر اكتشافات التنظيم وابتكاراته هو إصدار تطبيق جوال للأندرويد يضع فيه الأخبار والفيديوهات ويعرض إعدامات الرهائن ويبث من خلاله انتصارات المعارك التي يشنها بالإضافة لتقاريره الإعلامية، في سبيل شحذ همم مقاتليه وطمأنة حاضنته الشعبية في المناطق التي يسيطر عليها وجذب متطوعين جدد للقتال معه من بلدان مختلفة.
التطبيق المسمى “أخبار أعماق” تم اكتشافه من قِبل مجموعة “غوست لتقنيات الأمن والقرصنة”، وحسبما ذكرت المجموعة صُمم التطبيق من خلال برمجية الولوج الانسيابي مما يتيح لمجموعات الدولة التي تخوض المعارك وتقتل وتدمر وتنتهك الأعراض، ترويج دعايتها الإعلامية من خلال التطبيق حتى يبقى التنظيم يحافظ على صفته التقنية ومواكبة الحداثة من جهة وليبقى السكان والمقاتلون على اطلاع بالأخبار والفيديوهات وآخر المنشورات الجديدة التي تؤمنّها “وكالة أعماق” الذراع الإعلامي الأبرز للتنظيم.
الجدير بالذكر أن التطبيق لا يعمل سوى في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم ولا يمكن تحميله من سوق غوغل للتطبيقات لأنه غير متوفر، ويتلقى التطبيق التحديثات للإصدارات الجديدة بشكل أوتوماتيكي حالما يرسل المطورون المختصون بتطوير التطبيق التحديثات الجديدة.
يتم تحميل التطبيق من خلال رابط يتم تداوله بين المنتمين للتنظيم من خلال برنامج التيليغرام وطرق تواصل أخرى مشفّرة، فالتنظيم يحرص على استخدام وسائل تواصل مشفّرة وبدرجة عالية من الخصوصية والحماية؛ فتطبيق التليغرام يؤّمن لهم هذه الخاصية ويمكن تحميله على أي جهاز ويتيح إرسال رسائل نصية لمستخدميه بدرجة عالية من الخصوصية، وحتى الآن على الأقل لا يمكن تحميل تطبيق “أخبار أعماق” إلا على أجهزة الأندرويد فقط.
حرص تنظيم الدولة الإسلامية على أن يكون المقاتلون على تواصل فيما بينهم من خلال استخدام أعلى تقنية موجودة ولكن من خلال شبكات ووسائل محمية ومشفرة، فوفّر شبكة تواصل اجتماعي تدعى “كتاب الخلافة” خاصة للمجاهدين ليكونوا على اطّلاع بما يجري في تويتر وفيسبوك ويوتيوب.
وعندما يتعلق الأمر بتنفيذ الهجمات الإرهابية فإن الدولة الإسلامية تستخدم تطبيقات تؤمّن مراسلة مشفرة بالإضافة إلى التيليغرام – كيك وسورسبوست وويكر – التي تعد من البرامج الصعب اختراقها.
ختامًا مجموعة غوست لتقنيات الأمن هي لتنسيق عمليات القرصنة بين القراصنة والتي تشابه مجموعة “أنونيموس” التي تركّز فقط على محاربة الإرهاب، وتدّعي بأنها أنهت أكثر من مئة ألف حساب متطرف من وسائل التواصل الاجتماعي المستخدمة من قِبل المجموعات الإرهابية لتجنيد الأعضاء، وكانت قد صرحت مؤخرًا أن 11 ديسمبر سيكون “اليوم العالمي للسخرية من مسلحي داعش” بهدف نشر رسومات كرتونية وتعبيرات ساخرة للاستهزاء من مسلحي التنظيم والدولة الإسلامية.